جدل سياسي في باريس..هل تشكل الهجرة تهديدا للهوية الوطنية لفرنسا؟

في ظل التحديات السياسية والاجتماعية التي تواجهها فرنسا، ظهرت خلافات علنية بين رئيسة الجمعية الوطنية يائيل براون بيفيه ورئيس الوزراء فرانسوا بايرو بشأن قضايا حساسة مثل الهجرة ونهاية الحياة.
ففي الوقت الذي دعا فيه بايرو إلى تنظيم الهجرة بتشديد لهجة التحذير من التدفق المفرط للمهاجرين في فرنسا، عبرت براون يفيه عن استيائها من هذه التصريحات.
وأكدت براون يفيه، في تصريحاتها، اليوم الثلاثاء، أنها "لا تستخدم مثل هذه العبارات(التدفق المفرط) لأنها تتعارض مع قيم فرنسا العميقة"، حسبما ذكرت صحيفة لوموند الفرنسية.
الهجرة والهوية الوطنية
وقال رئيس الوزراء الفرنسي إن "التدفقات الأجنبية إيجابية للشعب، بشرط ألا تتجاوز حدود معينة"، مضيفًا أنه "عندما يشعر الناس بأنهم لا يتعرفون على بلدهم أو نمط حياتهم أو ثقافتهم، يبدأ الرفض"، بينما وافقت براون بيفيه على الحاجة لتنظيم الهجرة وشددت على ضرورة أن تكون القيم الفرنسية صارمة بالنسبة لعملية الاندماج.
إلا أنها رفضت استخدام تعبير "التدفق المفرط" للمهاجرين، مشيرة إلى أن هذا المصطلح لا يعكس تاريخ وقيم فرنسا التي كانت دائمًا بلدًا يستقبل ويستضيف.
وأوضحت رئيسة الجمعية الوطنية أن "الهجرة يجب أن يُنظر إليها من منظور أوسع من مجرد وزارة الداخلية"، مشيرة إلى أنه "يجب مواجهة موضوع الهجرة بشكل كامل وليس من زاوية محدودة"
خلافات بشأن مشروع قانون "نهاية الحياة"
كما شهدت الأيام الماضية خلافًا آخر بين براون بيفيه وبايرو حول مشروع قانون "نهاية الحياة"، حيث كان رئيس الوزراء قد اقترح أن يتم تقسيم النص إلى قانونين منفصلين، أحدهما يتعلق بالرعاية التلطيفية والآخر بالمساعدة على الموت، وهو ما اعتبرته براون بيفيه "خطأ"، داعية إلى مناقشة القضية في إطار شامل ودون تقسيم.
وقالت رئيسة الجمعية الوطنية إن "من غير المعقول التمييز بين هذين النصين لأنهما في الغالب يتعلقان بالأشخاص أنفسهم"، مؤكدة أنه لا يمكن التنبؤ بماذا سيحتاج الشخص في مرحلة متأخرة من حياته، مشيرة إلى أن النقاش حول هذه القضية يجب أن يكون شاملًا.
من جهته، قال بايرو، الذي يتردد في قبول مساعدة الموت النشط، إنه يفضل أن يتم صياغة النصوص بشكل منفصل، وأوضح أن "الرعاية التلطيفية ليست حقًا، بل واجب"، بينما وصف مسألة المساعدة على الموت بأنها "مسألة ضمير".
وفي ردها على ذلك، أكدت براون بيفيه أن الأشخاص الذين في نهاية حياتهم يجب أن يتمكنوا من الحصول على دعم شامل يشمل الرعاية التلطيفية والإمكانية المبدئية للمساعدة على الموت.
وتظل الخلافات بين رئيسة الجمعية الوطنية ورئيس الوزراء مستمرة حول قضايا شديدة الحساسية، ففي حين تواصل براون بيفيه التأكيد على ضرورة احترام القيم الإنسانية العميقة لفرنسا، يبذل بايرو جهوده لتحديد مواقف سياسية تلبي متطلبات الجانب المحافظ في الحكومة.