من بنى سويف إلى أوروبا رحلة النباتات العطرية إلى العالمية.. المزارعين يحلمون

ما بين مطالب بدعم الفلاح وأخرى بالحفاظ على الرقعة الزراعية وزيادتها ناهيك عن الحديث الدائم عن الاكتفاء الذاتى، يخرج شعاع النور من جديد بالمجال الزراعى وتحديدا من قرية طنسا الملق بمركز ناصر لولؤة الصعيد المصري، القرية الريفية التى تشتهر بكونها الأبرز والأكبر بمجال زراعة النباتات العطرية والطبية على مستوى الجمهورية، والتى يتم تصديرها للدول الأوروبية والأجنبية مما يساهم فى انتعاشة قوية للاقتصاد المصري من خلال توفير العملة الأجنبية.
“نيوز رووم” تجولت بداخل القرية التى زينتها الأراضى الزراعية ومناشير تجميع المحاصيل ومصانع تقطير النباتات الطبية والعطرية وسط تواجد الايدى العاملة الماهرة من أبناء القرية رجالا ونساء وشبابا.
حالة الرضا التى تنتاب أهالى القرية البسطاء وأصحاب المناشير ومصانع تقطير النباتات الطبية والعطرية سرعان ما تحولت إلى أحلام جديدة خاصة فى ظل اهتمام الدولة خلال السنوات الماضية بالمجال الزراعى، وباتت المطالب المشروعة للمزارعين وأصحاب الأعمال بالمجال بضرورة العمل على تكثيف حملات التوعية ومقاومة الآفات الزراعية وتوفير الأسمدة وحل مشكلات الرى الموجودة بالقرية مع ضرورة عودة الزيارات الرسمية للمسؤولين للقرية والتى كانت محل اهتمام منذ سنوات خاصة مسؤولى وزارة الزراعة ومحافظة بنى سويف.
ويحرص المزارعون على زراعة عدة أنواع من النباتات العطرية ومن ضمنها النعناع البلدى والفلفل والريحان والبردقوش والشبت والكسبرة والبقدونس والزعتر والشيح واليانسون والبابونج، والكزبرة والكراوية، ويوجد ببنى سويف نحو 40 مصنعا، و8000 مزرعة، و52 مصنعًا تقطير الزيوت.
وبقرية طنسا الملق يحرص المزارعون على زراعة نبات (الجرانيم) واستخلاص زيوته والتي بها 25 مصنع لاستخراج كل الزيوت العطرية، وتُستخدم زيوت نبات الجيرانيوم في العديد من الصناعات، مثل صناعة العطور ومستحضرات التجميل.

وتُصدّر قرية طنسا الملق زيوت نبات الجيرانيوم إلى العديد من الدول، مما يساهم في تعزيز الاقتصاد المحلي وتحسين مستوى المعيشة للسكان، تتميز قرية طنسا الملق بتربة خصبة وطقس مناسب لزراعة نبات الجيرانيوم، مما يجعلها واحدة من أهم المناطق الزراعية في بني سويف، وتُعتبر زراعة نبات الجيرانيوم واستخراج زيته من أهم الأنشطة الاقتصادية حيث توفر فرص عمل للعديد من السكان وتساهم في تنمية المجتمع المحلي.
وحسب الخطة الاستثمارية للمحافظة، يتم زراعة مساحة نحو 13.303 فدان بالنباتات الطبية والعطرية من الأراضى المزروعة على مستوى المحافظة.
وتعتبر محافظة بني سويف من أعلى المحافظات في إنتاج النباتات الطبية والعطرية والحاصلات الزراعية، حيث يتم تصدير ما يتجاوز 40% إلى 50% من إجمالي ما تنتجه مصر من هذه المنتجات، لذلك فإن إنشاء هذه المنطقة الصناعية سيساهم في تعزيز هذا القطاع وتحويل محافظة بني سويف إلى مركز لتصنيع وانتاج النباتات الطبية والعطرية والحاصلات الزراعية.
وفى سياق متصل قال عدلى خليفة أحد أصحاب المناشر بقرية طنسا الملق بمركز ناصر: المنشر هو أحد المناشر الموجودة بالقرية ويتم خلاله تجميع الثوم والبصل والنقابات العطرية والطبية وذلك تمهيدا للتصدير، ونعمل مع عدة شركات بمجال التصدير لدول روسيا وكندا والبرازيل واستراليا واليابان وأوكرانيا وبولندا وتركيا والدول الأوربية.
واضاف بقوله : يوحد اكثر من 15 منشر بالقرية تقوم أيضا على النبات العطرية منها الريحان والبردقوش وجميعها يتم تصديرها بنسبة 100٪ للخارج ، فيما تتفاوت الاسعار طبقا لسعر السوق خاصة فى ظل عدم تحكم الدولة فى الأسعار ويجب أن تاخد الدولة قرارات فى تلك الاتجاه .

وتابع بقوله: زراعة العطر هى اجتهاد من الفلاح ونسبة كبيرة من المزارعين تتواجد بقرى مركز ناصر ومركز الواسطى ويتم تصدير النباتات الطبية والعطرية لعدة دول منها الهند وفرنسا، وعادة ما تتم زيارات من المستثمرين الأجانب لنا.
واختتم بقوله: نطالب المسؤولين بتوفير انواع أخرى من السلالات التى تعطى للفلاح إنتاجية كبيرة كما نطالب بضرورة الاهتمام من مركز البحوث، وزيادة مبادرات دعم المصدرين لما لها من تأثير كبير على زيادة الصادرات وتوفير العملة الأجنبية.
فيما قال ياسين ناجى أحد شباب القرية : زراعة النباتات العطرية تستلزم تكلفة مادية كبيرة منذ بداية الزراعة حتى حصاد المحصول، مشيرا إلى أن زراعة الفدان يتم الصرف عليه حوالي 10 آلاف جنيه، عمالة وتسميد وميه وتقطير النباتات أى «حشه وتقليمه».
وأضاف أن تكلفة زراعة الفدان تزيد إذا اضطر الفلاح لشراء الشتلات بدلاً من تخزينها بنفسه، لافتاً إلى أن الفدان فى بداية زراعته تستلزم شراء قيراط من التقاوى والشتلات ما يقارب بتكلفة 15 ألف جنيه، مما يؤدي إلى إرتفاع القيمة الإجمالية للتكلفة للفدان، مشيراً إلى أن القيراط ينتج كيلو زيت، وسعره المحلي وقت التسجيل بلغ 4 آلاف جنيه.
ولفت إلى أن ارتفاع التكاليف المالية لزراعة النباتات العطرية، سواء تكاليف الزراعة المباشرة أو الإيجارات المرتفعة للأراضي، مما يضغط على هامش ربح الفلاح.
وأشار إلى أن الإحتكار في التسويق من المصدر لسوق النباتات العطرية، يستلزم تجاوز هذا الاحتكار والوصول مباشرة للمستوردين في الخارج، موضحاً أن هناك صعوبات للتراخيص والدعم، مما يؤدي إلى معاناة أصحاب الوحدات الصغيرة من صعوبة الحصول على تراخيص صناعية رسمية لكونهم يعملون داخل قرية، مما يحرمهم من الاستفادة من قروض أو مبادرات دعم المشروعات.

واختتم بالحديث عن أهم المشاكل التي تواجه مزارعي النباتات العطرية بالقرية، وهى قصور الإرشاد الزراعي والتى تؤكد غياب دور الإرشاد الزراعي من أهم المشكلات التي نواجهها، وذلك لعدم وجود إرشادات تؤدى إلى زيادة القدرة الإنتاجية للفدان، وما بها من أحدث أساليب الزراعة و المكافحة الآمنة.
عملية استخلاص العطور
فيما قال خالد سيد محمد أحد العاملين بأقدم مصنع تقطير النباتات بقرية طنسا الملق، تبدأ الرحلة بوصول أكوام نبات العطر الأخضر من الحقول المجاورة، إلى المصنع ثم تتم عملية الاستخلاص عبر خطوات تالية متمثلة فى قيام العمالة المدربة على التشغيل بمل حلل التقطير المعدنية الضخمة بالنباتات التي تم حصادها وبعد ذلك يتم ضخ بخار ماء ساخن عبر النباتات داخل الحلل، ويؤدي هذا البخار إلى تبخير الزيوت العطرية الطيارة الموجودة في النبات ويمر البخار المحمل بالزيت العطري عبر شبكة من الأنابيب والمكثفات المبردة، مما يؤدي إلى تكثفه وتحوله مرة أخرى إلى سائل بحلل فصل مصممة خصيصاً ونظراً لأن الزيت أخف من الماء، فإنه يطفو على السطح، مما يسمح بفصله بعناية للحصول على الزيت النقي بلونه الأصفر الذهبي أو المخضر.
وتبلغ إجمالى المساحات للنباتات الطبية والعطرية نحو 37% من المساحة المزروعة داخل المحافظة .حسب تقرير لمحافظة بنى سويف هي أهم المحاصيل النباتات الطبية والعطرية، وتبلغ المساحة المزروعة به 3677 فدانا، كما تزرع المحافظة نبات عطر البردقوش على مساحة 29 فدانا، كما تتميز بمحافظة بنى سويف بزراعة نبات طبى زهرة الشيخ على مساحة 157 فدانا، كما تزرع المحافظة نبات البقدونس عشب أخضر على مساحة 768 فدانا، بالإضافة إلى زراعة الريحان على مساحة 2230 فدانا.
وفى سياق متصل قال الدكتور محمد هاني غنيم محافظ بنى سويف، قطاع الزراعة هو القطاع الرئيسي الموجود في المحافظة، والذي عملنا عليه لسنوات عديدة كعامل أساسي للاقتصاد المحلي في المحافظة. ولكن الجديد هو أن هناك شركات وكيانات كبيرة الآن تستثمر في محافظة بني سويف، مثل مشروع مستقبل مصر، هذا المشروع يضيف قيمة كبيرة للاقتصاد المحلي ويتم تسويق منتجاته خارجيًا، كما يتم بيعها في منافذ داخل المحافظة بسعر منافس.
وأصاف، ونظرًا لأهمية القطاع الزراعي في المحافظة، فقد تم التصديق على إنشاء أول منطقة صناعية تصنيع النباتات الطبية والعطرية والحاصلات الزراعية على أرض المحافظة. هذه المنطقة الصناعية ستكون على الطريق الصحراوي الغربي وستكون قريبة من محور الفشن ومحطة القطار السريع، مما يضمن أفضل جودة وتصنيع المنتجات.