جمع البيانات ومضايقة التتار لم يعد كافيا
موسكو تستعين بـ "لعبة سوفيتية" لإغراء أطفال أوكرانيا

كشف تقرير جديد لمعهد دراسات الحرب (ISW) عن أسلوب جديد تتبعه السلطات الروسية في المناطق التي سيطرت عليها في أوكرانيا، ضمن برنامج دمج المواطنين الأوكرانيين قسرًا في الأنظمة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والعسكرية والحكومية الروسية.
وأشار التقرير إلى أن "إدارات الاحتلال الروسي تقوم بالاستيلاء على الممتلكات في جميع أنحاء أوكرانيا المحتلة"، وأن موسكو "تواصل حملتها القمعية ضد مجتمع تتار القرم في شبه جزيرة القرم المحتلة، وغالبًا ما تستخدم اتهامات قانونية مشكوك فيها لمقاضاة واحتجاز تتار القرم".
لكن الأهم، ما أوضحه التقرير عن مشاركة الأطفال في الأراضي أوكرانيا في لعبة عسكرية وطنية تعود إلى الحقبة السوفيتية تم إحياؤها بهدف تدريب الشباب على المهارات العسكرية الأساسية استعدادًا للخدمة في الجيش الروسي.

المنازل الخالية
يلفت التقرير إلى أن السلطات الروسية المكلفة بإدارة المناطق التي أخضعتها موسكو "تستولي على الممتلكات في جميع أنحاء أوكرانيا المحتلة من أجل جمع المعلومات الشخصية عن سكان المناطق المحتلة، وعمل جوازات السفر القسرية (بالجنسية الروسية)، وتسهيل نقل المواطنين الروس إلى المناطق المحتلة في أوكرانيا".
ويشير إلى أنه "في 4 و 7 أبريل نشرت إدارة احتلال مدينة "ماريوبول" قوائم محدثة للممتلكات السكنية وغير السكنية المصنفة على أنها "بلا مالك".
كما تحقق إدارة منطقة "زابوريزجيا"، منذ أواخر مارس الماضي، في الممتلكات في جميع أنحاء المنطقة لتحديد حالة الملكية. ووجهت سكان المناطق التي تديرها إلى تقديم جواز سفر روسي ووثائق أخرى للمطالبة بملكية أي عقار مصنف على أنه "بلا مالك".
في المقابل، أعرب المسؤولون الأوكرانيون عن قلقهم بشأن عملية جرد الممتلكات الروسية.
وأشار إيفان فيدوروف، رئيس إدارة مقاطعة "زابوريزجيا" الأوكرانية، إلى أن المسؤولين الروس "يؤممون" الممتلكات التي يعتبرونها "بلا مالك"، ثم يعرضونها في مزاد علني لتحقيق الربح. كما أشار إلى أنه في بعض الحالات، يبيع الروس "الممتلكات المسروقة" للجنود ومسؤولي الاحتلال ومواطنين روس آخرين، بغض النظر عما إذا كان المقيم الأوكراني يمتلكها قانونيًا أم لا.
وأشار مركز المقاومة الأوكراني إلى أن هذه المشكلة حادة بشكل خاص في "ماريوبول"، حيث أفاد بأن عدد الممتلكات المسجلة على أنها "بلا مالك" -والتي أممها الروس في عام 2024 -كان أعلى بخمسة أضعاف ونصف مما كان عليه في عام 2023.
كما أشار بيترو أندريوشينكو، مستشار عمدة "ماريوبول" الأوكراني، إلى أن المسؤولين الروس "غالبًا ما يزوّرون وثائق الملكية وسندات الملكية لحرمان الأوكرانيين من منازلهم".
وعن أهداف التأميم، يلفت معهد دراسات الحرب إلى أنه التأميم الشامل للممتلكات الأوكرانية يتيح للحكومة الروسية الاستفادة بشكل مباشر من احتلال بلدات ومدن أوكرانيا "حيث يمكن لروسيا أن تستفيد بشكل كبير من استخراج قيمة اقتصادية من أوكرانيا المحتلة لدعم اقتصادها المحلي المتعثر".
كما تسهل عملية تسجيل العقارات على أنها "بدون مالك" جمع البيانات الشخصية وتدعم جهود إصدار جوازات السفر. حيث يجب على سكان العقارات التي صنفتها الإدارة الروسية على أنها "بدون مالك" تقديم معلوماتهم الشخصية ووثائقهم إلى السلطات التابعة لموسكو لاستعادة ملكيتهم. وتتطلب عملية التسجيل تقديم جوازات سفر روسية، مما يعني أن السكان قد يشعرون بضغوط للحصول على الجنسية الروسية خوفًا من فقدان منازلهم.
كما أن الاستيلاء على ممتلكات السكان الأوكرانيين يسمح لإدارات الاحتلال الروسي بإعطاء تلك الممتلكات للمواطنين الروس، مما يسهل النقل غير القانوني للمواطنين الروس إلى المناطق المحتلة في أوكرانيا من روسيا.

مضايقة التتار
يزعم معهد دراسات الحرب أن روسيا "تواصل قمع مجتمع تتار القرم في شبه الجزيرة المحتلة"، وغالبًا ما تستخدم موسكو اتهامات قانونية مشكوك فيها لمقاضاة واحتجاز تتار القرم.
يقول: "استهدفت إدارة الاحتلال في شبه جزيرة القرم مجتمعات تتار القرم بشكل متكرر بتهم "الإرهاب" الواهية، وروجت للادعاء بأن هوية تتار القرم خطيرة بطبيعتها من خلال ارتباطها بحزب التحرير".
كما حذر رئيس مجلس تتار القرم رفعت تشوباروف في مطلع أبريل من أن جهاز الأمن الفيدرالي الروسي (FSB) أطلق موجة جديدة من عمليات التفتيش الجماعية والإجراءات القمعية ضد تتار القرم، واقتحام المنازل والاستيلاء على الوثائق الشخصية من مختلف أسر تتار القرم.

ألعاب أطفال
في جميع أنحاء أراضي أوكرانيا المحتلة، يشارك الأطفال في لعبة "Zarnitsa 2.0" العسكرية الوطنية. وهي لعبة حربية مُعاد إحياؤها من الحقبة السوفيتية، تهدف إلى تدريب الشباب على المهارات العسكرية الأساسية استعدادًا للخدمة في الجيش الروسي.
وتُسوّق "Zarnitsa 2.0" نفسها على أنها "لعبة عسكرية وطنية روسية بالكامل بتنسيق حديث وجديد نوعيًا باستخدام التقنيات الرقمية"، وتهدف إلى تعليم الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 7 و17 عامًا "القيم التقليدية والتحديات الحديثة"، مثل الحرب السيبرانية وتقنيات الطائرات بدون طيار.
ووفق اللعبة، يُنشئ الأطفال والشباب المسجلون في "Zarnitsa 2.0" فرقا تتنافس مع فرق أخرى للحصول على النقاط والتصنيف على لوحة المتصدرين، والتي تضم بشكل خاص فرقًا من أوكرانيا المحتلة.
واللعبة من ابتكار "الحركة الروسية الأولى" و"حركة الشباب العسكرية الوطنية / Yunarmia"، وكلاهما لهما حضور نشط في أوكرانيا ويسعيان إلى عسكرة الشباب الأوكراني من خلال دورات تعليمية وتدريبية عسكرية وطنية مختلفة.
أما المرحلة البلدية (على مستوى المدينة) من مسابقات "Zarnitsa 2.0" جارية حاليًا في روسيا وأوكرانيا المحتلة حتى 16 أبريل. وقد] اختتمت المسابقات في بعض البلدات في منطقة "لوهانسك" في 9 أبريل، بما في ذلك "بيلوفودسك" و"سفيردلوفسك"
وأفادت التقارير أن أكثر من 12000 شاب من منطقة لوهانسك المحتلة وحدها سجلوا في اللعبة في فبراير ومارس 2025.
ويؤكد تقرير معهد الحرب على أن اللعبة "جزء من نظام بيئي روسي أوسع نطاقًا يعمل في جميع أنحاء أوكرانيا المحتلة بهدف صريح يتمثل في عسكرة الأطفال الأوكرانيين، وتلقينهم أفكارًا ضد هوياتهم الأوكرانية، وتدريبهم على القتال في صفوف الجيش الروسي ضد زملائهم الأوكرانيين.".