كيف يؤثر "الميكروبيوم المعوي" في فاعلية بعض الأدوية؟ دراسة تكشف مفاجآت

أظهرت دراسات حديثة أن البكتيريا التي تعيش داخل أمعائنا، والمعروفة باسم "الميكروبيوم المعوي"، قد يكون لها تأثير كبير في مدى فعالية بعض الأدوية، هذا الاكتشاف قد يغيّر الطريقة التي ننظر بها إلى العلاج، لأن وجود هذه البكتيريا أو غيابها قد يحدد ما إذا كان الدواء سينجح في أداء دوره أم لا، وقد نشر موقع اندبندنت عربية، دراسة حديثة نُشرت في دورية "نيتشر"، أكدت أن بعض أنواع البكتيريا الموجودة في أمعائنا قادرة على تعطيل عمل أدوية معينة، أو على العكس، تعزيز فاعليتها.
الميكروبيوم المعوي: مملكة خفية داخل أجسادنا
الميكروبيوم المعوي هو مجتمع ضخم من الكائنات الدقيقة – يشمل البكتيريا والفيروسات والفطريات – تعيش داخل الجهاز الهضمي. ويُقدّر عدد هذه الكائنات بأكثر من 100 تريليون ميكروب، تتنوع وظائفها بين المساعدة في الهضم، وتعزيز المناعة، وإنتاج بعض الفيتامينات، غير أن ما كشفته الدراسات الحديثة يتجاوز هذا الدور التقليدي. فهذه الكائنات الدقيقة قد تتفاعل كيميائيًا مع الأدوية داخل الأمعاء، فتؤثر بشكل مباشر على فاعلية الدواء، أو حتى تُغيّر من تركيبته الكيميائية.
أدوية تتأثر بالبكتيريا المعوية
بحسب ما ورد في تقرير اندبندنت عربية، فإن الدراسة التي أُجريت على 271 نوعاً من البكتيريا المعوية، وجدت أن 70% من أصل 271 دواءً خضعت للفحص قد تأثرت بالبكتيريا. بعض هذه الأدوية فقدت فاعليتها، في حين تحوّل بعضها الآخر إلى مركبات أكثر قوة، أو حتى أكثر سمية.
ومن بين الأدوية التي تأثرت فعلياً: مضادات الاكتئاب، أدوية القلب، والعلاجات المخصصة للسكري. هذا يعني أن فعالية الدواء ليست فقط مرتبطة بالجرعة أو طريقة الاستعمال، بل تتأثر أيضاً بنوعية البكتيريا الموجودة في جسم كل مريض.
البكتيريا والمضادات الحيوية: علاقة معقدة
يُضاف إلى ذلك أن استخدام المضادات الحيوية يمكن أن يُخل بتوازن الميكروبيوم، ما يؤدي إلى نتائج عكسية، إذ أن المضادات تقتل البكتيريا الضارة وكذلك النافعة، مما يؤثر على امتصاص الأدوية الأخرى ويزيد من مقاومة الجسم للعلاج.
بالتالي، فإن كثرة استخدام المضادات الحيوية دون إشراف طبي قد تُضعف من فاعلية علاجات مستقبلية، وتؤثر سلباً على استجابة الجسم لأدوية مهمة في مكافحة أمراض مزمنة أو خطيرة.
هل يجب تعديل وصفات الأدوية بناءً على الميكروبيوم؟
الإجابة قد تكون "نعم" في المستقبل القريب. إذ بدأت بعض شركات الأدوية والبحوث الطبية في دراسة العلاقة بين تركيبة الميكروبيوم وتحديد الجرعات المثالية للأدوية، بل وابتكار علاجات شخصية بناءً على تحاليل الميكروبيوم الخاصة بكل مريض.
فمثلًا، يمكن أن يُطلب من المريض مستقبلاً إجراء تحليل ميكروبيومي قبل وصف أدوية معينة، تمامًا كما نُجري فحوصات الدم أو وظائف الكبد.