عاجل

خبراء قانونيون: الفضاء يخضع للرقابة والقانون يتصدى لجرائم الابتزاز الإلكتروني

الابتزاز الالكتروني
الابتزاز الالكتروني

مع تنامي استخدام الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، تزايدت جرائم الابتزاز الإلكتروني بشكل ملحوظ، ما دفع المشرع المصري إلى تطوير آليات قانونية صارمة لمواجهتها، في ظل التحديات الجديدة التي فرضها الفضاء الرقمي.

وفي ظل التطور التكنولوجي المتسارع في مجال تقنية المعلومات ووسائل التواصل الاجتماعي، وانتشار العديد من التطبيقات الرقمية، ظهرت أنماط جديدة من الجرائم التي ترتبط بهذا التطور، حيث تُعد جرائم الابتزاز الإلكتروني من أخطرها، إذ تعتمد على جمع وتخزين معلومات شخصية عبر منصات التواصل المختلفة.

وقد أدرج المشرع هذه الجرائم ضمن قانون العقوبات، وتحديدًا في المادة 327 التي تشكل الإطار القانوني المنظم لها، مع التأكيد على وجود مواد قانونية أخرى تنص على عقوبات تصل إلى 6 سنوات في حالة الابتزاز باستخدام صور خاصة أو وسائل مشابهة. 

وأوضح الخبراء أن التوعية المجتمعية تلعب دوراً محورياً في الوقاية من هذه الجرائم، مؤكدين على ضرورة تحرك الضحايا وذويهم بسرعة الابلاغ عن أي حالة تعرض للابتزاز الالكتروني، خصوصًا إذا كان الجاني مجهول الهوية.

من جانبه، صرح الدكتور إسماعيل موافي، أستاذ القانون الجنائي، أن استمرار التطور التكنولوجي أفرز آثارًا سلبية عديدة، أبرزها سوء استغلال هذه الوسائل في تهديد شرف وسمعة الأشخاص دون تفرقة في النوع أو العمر.

 وأضاف أن الابتزاز الإلكتروني بات لا يهدد الأفراد فحسب، بل أصبح يشكل تهديدًا حقيقياً للمؤسسات أيضًا، موضحًا أن هذا النوع من الابتزاز يتمثل في استخدام الوسائل التكنولوجية لتهديد الأفراد بنشر معلومات خاصة أو صور أو مواد مرئية، أو تسريب بيانات سرية، وذلك مقابل مبالغ مالية أو تنفيذ أفعال غير قانونية، مثل الإفصاح عن معلومات سرية تتعلق بمكان العمل.

وأوضح موافي في تصريحات لـ"نيوز رووم"، إلى أن الابتزاز الإلكتروني يتم غالبًا عبر وسائل التواصل المعروفة مثل "فيسبوك"، "واتساب"، "تويتر"، و"إنستجرام"، وأن انتشار هذه الجرائم يعود لتزايد مستخدمي الإنترنت وسهولة الوصول للتكنولوجيا، إلى جانب ضعف الوعي القانوني لدى البعض.

 وأكد أن المشرع المصري واجه هذه التحديات بتشريعات حازمة، حيث نصت المادة 308 من قانون العقوبات، إلى جانب المادتين 326 و327، على عقوبات تصل أحيانًا إلى السجن المشدد لمدة 15 عامًا.

وتنص المادة 327 بشكل صريح على معاقبة من يهدد غيره كتابة بارتكاب جريمة ضد النفس أو المال، بعقوبة قد تصل إلى السجن المؤبد أو المؤقت من 3 إلى 15 سنة، كما جاء في قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018، وتحديدًا في المادة 25، أنه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر ولا تتجاوز 3 سنوات، وبغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تزيد على 100 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من يعتدي على القيم الأسرية في المجتمع أو ينتهك خصوصية الآخرين أو يرسل عددًا كبيرًا من الرسائل الإلكترونية بشكل مكثف.

وأوضح موافي أن الشرطة باتت تمتلك أدوات فنية متقدمة تتيح لها رصد هذه الجرائم بدقة، وجمع الأدلة الرقمية بالتعاون مع الفنيين المختصين، مشددًا على أهمية عدم التهاون أو السكوت عن أي واقعة ابتزاز، سواء كان الضحية رجلًا أو امرأة، بما يسهم في التعاون مع السلطات للحد من هذه الظاهرة المتزايدة.

وفي سياق متصل، أشار صلاح محمود، المحامي بالنقض والدستورية العليا، إلى أن جرائم الابتزاز والتهديد الإلكتروني شهدت تزايدًا ملحوظًا مؤخرًا، محذرًا من أن نتائجها قد تصل في بعض الأحيان إلى خسائر في الأرواح. 

وأضاف أن الجريمة قد تتجاوز حدود الجاني والضحية لتطال أسرة الجاني، التي قد تتعرض للانتقام من قبل أهل الضحية، رغم عدم تورطها في الجريمة.

وأوضح صلاح أن الأسباب الرئيسية لتصاعد هذه الظاهرة تعود إلى الإهمال في التربية، سواء من الأسرة أو المؤسسات التعليمية والدينية، مشيرًا إلى أن الجاني في كثير من الحالات يكون مصابًا بهوس جنسي أو ميول إجرامية، فضلًا عن جهل الكثيرين بأن القانون يفرض عقوبات مشددة على الجرائم الإلكترونية، قد تفوق في شدتها العقوبات المقررة لجرائم الواقِع المادي.

وأضاف أن الجناة غالبًا ما يظنون أن أفعالهم على الإنترنت تمر دون عقاب، وهو اعتقاد خاطئ لا يُعفي من المسؤولية، مشددًا على أن جهل القانون لا يُعفي من تطبيقه.

وأكد أن الدولة، من خلال مؤسساتها، تسعى لنشر التوعية بعقوبات الجرائم الإلكترونية ونشر أخبار القبض على المتورطين لتحقيق الردع، إلا أن الأمر لا يزال بحاجة لمزيد من الجهد في التوعية.

وأشار إلى أن من أبرز الأسباب التي تسهم في استمرار هذه الجرائم هو خوف الضحية من الإبلاغ عنها، معتبرًا أن الحل الأمثل يكمن في التربية السليمة للجاني وتوعية المجتمع بشكل عام، إلى جانب ضرورة تحقيق الردع وتعزيز ثقة الضحايا في سرية الإبلاغ، خصوصًا بعد صدور قانون يحفظ سرية بيانات ضحايا الابتزاز والتحرش.

وتابع تصريحاته بالتأكيد على أن هناك العديد من الجرائم التي تُرتكب عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والتي قد تعرض مرتكبيها للسجن أو الغرامة، مثل إرسال رسائل مزعجة بشكل مكثف، أو ارتكاب جرائم السب والقذف، أو نشر محتوى غير أخلاقي مرتبط بشرف وسمعة العائلات أو الشخصيات العامة، أو انتهاك الخصوصية. 

وأوضح أن هذه الأفعال تخضع لعقوبات منصوص عليها في قوانين الاتصالات والعقوبات، وقد تصل العقوبة فيها إلى الحبس لمدة لا تقل عن سنتين وقد تمتد إلى خمس سنوات، خاصة في حالات الابتزاز والتحايل الإلكتروني لنهب الأموال أو الحصول على خدمات غير مستحقة، خصوصًا إذا كان الاحتيال موجهًا ضد جهة حكومية، كما أشار إلى أن المواد 25 و26 و27 من قانون الإنترنت تهدف إلى حماية القيم المجتمعية والأسرة المصرية.

تم نسخ الرابط