دراسة: العنب قد يعزّز نمو العضلات وتعافيها بفضل مركباته النشطة

قد يبدو غريبًا أن تجد عنقود العنب في حقيبة رياضي، لكن بحثًا علميًا حديثًا يقلب هذه الصورة النمطية رأسًا على عقب، فقد كشفت دراسة أجريت على الفئران أن العنب قد يساهم في تحسين صحة العضلات وتعزيز نموها، ليس عبر البروتين، بل من خلال تأثيره المباشر على الجينات المرتبطة بالعضلات، ما يفتح آفاقًا جديدة أمام الرياضيين والمهتمين ببناء أجسام قوية وصحية.
العنب يعزّز الجينات المسؤولة عن نمو العضلات
أجريت الدراسة بالتعاون بين جامعة روتجرز، وجامعة ويسترن نيو إنجلاند، ومدرسة "يوماس تشان" الطبية، ونُشرت في دورية Foods العلمية، قسّم الباحثون الفئران إلى مجموعتين؛ إحداهما تلقت نظامًا غذائيًا مضافًا إليه مسحوق العنب، بينما اتبعت الأخرى نظامًا غذائيًا اعتياديًا.
أظهرت النتائج تغيرات ملحوظة في 25 جينًا مختلفًا لدى الفئران التي تناولت العنب، فقد نشطت الجينات المرتبطة بـ نمو العضلات، والتمثيل الغذائي، والإصلاح الخلوي، في حين انخفضت نشاطات الجينات المرتبطة بـ الالتهاب، وتخزين الدهون، ومقاومة الإنسولين.
تُظهر هذه النتائج كيف يمكن لمركبات العنب أن تؤثر بشكل إيجابي على الجينات التي تتحكم في نمو العضلات، ما يجعل العنب أكثر من مجرد طعام لذيذ، بل حليفًا محتملًا لتعزيز القوة العضلية والقدرة على التعافي.
كيف تساهم مركبات العنب في دعم العضلات؟
يحتوي العنب على مجموعة قوية من مركبات البوليفينول، أبرزها الريسفيراترول و الكيرسيتين، وهما معروفان بخصائصهما المضادة للأكسدة والالتهاب، تلعب هذه المركبات دورًا مهمًا في تقليل الإجهاد التأكسدي وتحسين الدورة الدموية، ما يسهم في تسريع تعافي العضلات بعد التمارين، بحسب أخصائية التغذية الرياضية إيمي جودسون.
تساعد مضادات الأكسدة الموجودة في العنب في تقليل الضرر الناتج عن الجذور الحرة التي تتشكل أثناء التمرينات الرياضية المكثفة، مما يساعد في الحد من الالتهابات والألم الناتج عن التعب العضلي، والريسفيراترول تحديدًا يُعزز من تدفق الأوكسجين والمواد المغذية إلى الأنسجة العضلية، وهو عنصر بالغ الأهمية في تحسين أداء العضلات واستشفائها.
يتميز العنب أيضًا بقدرته على تقليل مستويات الإجهاد التأكسدي في الجسم، مما يعزز من الانتعاش العضلي ويساهم في الحد من التهابات العضلات الناتجة عن التمارين الشاقة، كما أن تناول العنب بجانب الأطعمة البروتينية قد يساعد على تعزيز بناء العضلات، مع الحفاظ على الطاقة اللازمة لأداء التمارين بكفاءة عالية.
هل يعني ذلك أن العنب بديل للبروتين؟
على الرغم من أن العنب غني بالماء والكربوهيدرات، مما يجعله مثاليًا للترطيب والطاقة، فإنه لا يمكن أن يحل محل المصادر الأساسية لبناء العضلات مثل اللحوم البيضاء، البيض، البقوليات، ومنتجات الألبان، يعتبر البروتين ضروريًا لبناء العضلات وإصلاح الأنسجة العضلية المتضررة، في حين أن العنب يلعب دورًا مكمّلًا، فهو يساعد في تعافي العضلات بشكل أسرع ويقلل من الإجهاد التأكسدي الذي يحدث بعد التمارين المكثفة.
ومع ذلك، فإن دمج العنب في نظام غذائي متوازن قد يمنح الجسم ميزة إضافية على المستوى الخلوي، خصوصًا في ما يتعلق بـ الاستشفاء العضلي والحد من الالتهابات الناتجة عن التمارين المكثفة، لذا، لا يمكن اعتباره بديلًا للبروتين، ولكن يمكن أن يكون مكملًا غذائيًا هامًا للرياضيين الذين يسعون لتحقيق أقصى استفادة من نظامهم الغذائي.
فوائد العنب الرياضية في تحسين الأداء العضلي
من خلال التأثير الإيجابي على الجينات المسؤولة عن بناء العضلات وتعزيز التعافي، يمكن أن يكون العنب مفيدًا أيضًا في تحسين الأداء الرياضي بشكل عام، فبفضل المركبات النشطة فيه مثل الريسفيراترول، يمكن للعنب أن يساعد في زيادة القدرة التحملية وتحسين إنتاج الطاقة خلال التمارين، كما أن تأثيره الإيجابي على التدفق الدموي يساهم في ضمان وصول العناصر المغذية بشكل أفضل إلى الأنسجة العضلية أثناء ممارسة الرياضة.
عند دمج العنب مع الأنظمة الغذائية التي تحتوي على البروتينات عالية الجودة، يمكن أن يعزز من نتائج التمرين بشكل عام، كما أن دوره في تحسين الدورة الدموية وتقليل الإجهاد التأكسدي يجعله خيارًا غذائيًا مهمًا للرياضيين، سواء كانوا ممارسين لألعاب القوى أو رياضيين يتدربون على بناء العضلات.
الكمية الموصى بها وقيود الدراسة
يشير الباحثون إلى أن الحصة المناسبة من العنب قد تتراوح بين كوب إلى كوب ونصف يوميًا، لكنهم يحذرون من الإفراط، كما أن الدراسة أُجريت على الفئران فقط، ولم تُثبت فعالية العنب بشكل مباشر على نمو العضلات لدى البشر.
بالإضافة إلى ذلك، ركّزت الدراسة على تعبير الجينات فقط، دون التحقق من التغيرات الفعلية في حجم أو أداء العضلات، ما يعني أن نتائجها لا تزال مبدئية، وتحتاج إلى دراسات بشرية لتأكيد فعاليتها، لذا، من المهم توخي الحذر قبل اعتماد العنب كجزء رئيسي من نظام غذائي رياضي.
هل يعتبر العنب إضافة مفيدة للرياضيين؟
باختصار، يظهر أن العنب قد يكون إضافة قيمة في النظام الغذائي للرياضيين، لا سيما في تعزيز التعافي العضلي وتقليل الإجهاد التأكسدي، ولكن لا يمكن اعتباره بديلاً عن البروتينات، قد تكون فائدته الرئيسية في دعم الأداء العضلي على المدى الطويل من خلال تحسين الدورة الدموية وتعزيز الاستشفاء العضلي بعد التمرينات المكثفة، ومن المهم أن يُؤخذ في الاعتبار أن نتائج هذه الدراسة تقتصر على الفئران، ويحتاج الأمر إلى المزيد من الأبحاث البشرية لفهم تأثير العنب بشكل أفضل