عاجل

تحولات استراتيجية في الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي

الاجتماع التاسع والأربعين
الاجتماع التاسع والأربعين لمجلس مساهمي الهيئة العربية

في خطوة جديدة تؤكد على أهمية التعاون العربي المشترك في مجال الزراعة وتحقيق الأمن الغذائي، شارك وزير الزراعة واستصلاح الأراضي المصري، السيد علاء فاروق، في الاجتماع التاسع والأربعين لمجلس مساهمي الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي، والذي عقد أمس الأربعاء بالعاصمة الكويتية. وجاءت المشاركة في إطار الاجتماعات السنوية للصناديق العربية التابعة لجامعة الدول العربية، حيث ناقش الحضور مجموعة من القضايا الاقتصادية والاستثمارية المرتبطة بالقطاع الزراعي في المنطقة العربي.
 

تحولات استراتيجية في الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي

تناول الاجتماع محاور استراتيجية عدة، في مقدمتها عرض التقرير المالي لعام 2024، ومناقشة التغيرات الهيكلية التي أُجريت لتعزيز الشفافية والحوكمة داخل الهيئة. ومن أبرز القرارات المطروحة، مناقشة تغيير اسم الهيئة ليصبح "الهيئة العربية للاستثمار والأمن الغذائي"، بما يعكس التحول في رؤية وأولويات العمل نحو قضايا الأمن الغذائي العربي، إلى جانب اعتماد شعار جديد للهيئة "مير"، والذي يعبر عن مفهوم استدامة الغذاء.

كما تم خلال الجلسة عرض استراتيجية الهيئة لعام 2025، والتي تركز على التوسع في المشروعات الزراعية والتصنيع الزراعي والإنتاج الحيواني والداجني، بهدف تعزيز الأمن الغذائي وخلق فرص عمل مستدامة في الدول الأعضاء، والتي يبلغ عددها 22 دولة عربية.

مصر في قلب الاستثمارات العربية الزراعية

أكد الوزير علاء فاروق في كلمته خلال الاجتماع على أهمية تعزيز الاستثمارات الزراعية في مصر، خاصة في ضوء ما شهدته البلاد من تطورات كبيرة في البنية التحتية الزراعية، واهتمام القيادة السياسية بدعم القطاع وتوفير المناخ المناسب للاستثمار. وأشار الوزير إلى أن الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي تمتلك بالفعل عددًا من المشروعات الكبرى في مصر، تساهم فيها بنسبة تتجاوز 7٪؜ من إجمالي استثماراتها في الدول الأعضاء.

من أبرز هذه المشروعات شراكة الهيئة مع شركة الفيوم للسكر في مجال زراعة وإنتاج السكر، حيث تصل مساهمة الهيئة إلى أكثر من 29٪، وكذلك مشروع إنتاج الأمصال واللقاحات البيطرية بالتعاون مع شركة ميفاك، وهو مشروع حيوي في ظل توجه مصر نحو دعم صحة الثروة الحيوانية وتقليل الاعتماد على الاستيراد.

لقاءات ثنائية لتعزيز الشراكات

وعلى هامش الاجتماع، أجرى الوزير علاء فاروق عدة لقاءات ثنائية مع مسؤولين كويتيين بارزين، في مقدمتهم وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، المهندسة نورة سليمان الفصام، حيث ناقشا فرص زيادة الاستثمارات الكويتية في القطاع الزراعي المصري.

واستعرض الوزير خلال اللقاء جهود الحكومة المصرية في تطوير القطاع الزراعي، مشيراً إلى دعم غير مسبوق من الرئيس عبد الفتاح السيسي لهذا القطاع، من خلال تحديث البنية التحتية، وتوسيع الرقعة الزراعية، والاهتمام بالتصنيع الزراعي لتعظيم القيمة المضافة.

وأكد فاروق أن الدولة المصرية ترحب بالاستثمارات الكويتية في إطار شراكات تحقق مصلحة الطرفين، واصفًا التعاون بأنه "win-win situation"، لافتًا إلى أن شركات كويتية مثل شركة الغانم نجحت بالفعل في تصدير كميات كبيرة من الخضروات من مصر إلى الأسواق الخليجية، ما يدل على قوة الشراكة وإمكانيات النمو في المستقبل.

من جانبها، أكدت الوزيرة الكويتية أن الأمن الغذائي أصبح أولوية قصوى في ظل التحديات الإقليمية والدولية، وكشفت أن الكويت تعمل حاليًا على إعداد استراتيجية وطنية للأمن الغذائي، وهناك إمكانية كبيرة لمشاركة الجانب المصري في هذا المشروع، سواء على مستوى التخطيط أو التنفيذ المشترك.

مشروعات مستقبلية واستثمار في البصل المجفف

وفي لقاء آخر جمع الوزير المصري برئيس الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي، الدكتور عبيد الزعابي، تم التباحث حول آفاق التوسع في استثمارات الهيئة داخل مصر. رحب الوزير بمقترح إقامة مؤتمر استثماري زراعي برعاية مصرية خلال الشهور القادمة، على أن يحضره عدد من رجال الأعمال والمستثمرين من مختلف الدول العربية، لعرض فرص التعاون في مجالات الزراعة والتصنيع الغذائي.

وأشار فاروق إلى أن مصر تمتلك بنية تحتية مؤهلة ومناخ استثماري جاذب، إلى جانب وجود خبرات بشرية متميزة في المجالات الزراعية والبيطرية والبحث العلمي، مما يجعلها وجهة مثالية للتوسع الاستثماري العربي.

وفي إطار المشروعات المستقبلية، ناقش الطرفان فرص تشغيل مصنع تجفيف البصل التابع للهيئة في المنطقة الصناعية بمحافظة المنيا، وهو مشروع استراتيجي نظراً لارتفاع الطلب العالمي على البصل المجفف، خاصة في أسواق الاتحاد الأوروبي. وأكد الجانبان على ضرورة إيجاد شريك استثماري لتفعيل هذا المشروع في أقرب وقت.

تعاون مصري كويتي لتعزيز الأمن الغذائي الإقليمي

التقارب المصري الكويتي في ملف الزراعة لم يكن وليد اللحظة، لكنه يأتي في سياق سياسي واقتصادي أشمل يهدف إلى تحقيق التكامل العربي في مواجهة التحديات المتصاعدة في ملف الأمن الغذائي. وفي ظل ما يشهده العالم من اضطرابات اقتصادية ومناخية، تسعى الدول العربية إلى تعزيز قدراتها الإنتاجية وتقليل اعتمادها على الواردات من خارج المنطقة.

وتعتبر مصر إحدى الدول القليلة في المنطقة التي حققت خلال السنوات الأخيرة قفزات نوعية في قطاع الزراعة، سواء من حيث زيادة الإنتاج، أو فتح أسواق جديدة للتصدير، أو الاستثمار في البحث العلمي الزراعي، مما يجعلها شريكًا رئيسيًا لأي استراتيجية إقليمية للأمن الغذائي.

خلاصة وتوصيات

جاءت مشاركة وزير الزراعة المصري في اجتماع الهيئة العربية بالكويت لتعكس دور مصر المحوري في صياغة مستقبل الأمن الغذائي العربي. الاجتماعات الثنائية واللقاءات الرسمية التي أجراها الوزير أبرزت الرغبة المتبادلة بين مصر والكويت في توسيع آفاق التعاون الزراعي والاستثماري.

وبينما تستعد الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي لإطلاق استراتيجيتها الجديدة لعام 2025، يبقى التعاون مع مصر أحد أهم ركائز هذه الرؤية، لما تمثله من ثقل سكاني وزراعي واستثماري في المنطقة.
وفي ظل استمرار التحديات العالمية، فإن توسيع هذه الشراكات سيكون مفتاحًا لتحقيق استدامة الغذاء والاكتفاء الذاتي في العالم العربي.

تم نسخ الرابط