خبراء اقتصاد: السوق المصري جاذب للاستثمارات الفرنسية رغم التحديات

تشهد العلاقات الاقتصادية بين مصر وفرنسا تطورًا لافتًا خلال هذه الأيام، في ظل توجهات استراتيجية من البلدين لتعزيز التعاون الثنائي ومواجهة التحديات العالمية المتسارعة، ويبرز هذا التعاون في صورة استثمارات مباشرة، وتبادل تجاري متنامٍ، إلى جانب شراكات في مجالات النقل والطاقة والتعليم، ما يعكس الثقة المتبادلة والإمكانات الواعدة التي توفرها السوق المصرية.
فرصة ذهبية لمصر
وفي هذا السياق، يشير خبراء الاقتصاد إلى أن الظروف التجارية الحالية، خصوصًا تغيرات الرسوم الجمركية والسياسات العالمية، تمثل فرصة ذهبية لمصر لجذب المزيد من الاستثمارات الفرنسية، خاصة في قطاعات حيوية مثل مشروعات المترو والملابس الجاهزة.
ومن جانبه، قال الدكتور شريف الديواني، الخبير الاقتصادي، إن السوق المصري يمتلك فرصًا واعدة لجذب الاستثمارات الفرنسية، خاصة في ظل التحولات العالمية في السياسات التجارية والرسوم الجمركية.
وأشار "الديواني" في تصريحات خاصة لـ"نيوز رووم"، إلى أن مصر تُعد وجهة استراتيجية محتملة للشركات الفرنسية الراغبة في التوسع خارج الاتحاد الأوروبي، خصوصًا في ظل الرسوم الجمركية التي فرضتها الإدارة الأمريكية.
استثمارات فرنسية محتملة
وأوضح الخبير الاقتصادي، أن من أبرز القطاعات التي يمكن التعاون فيها هو قطاع النقل، وتحديدًا مشروعات المترو، لافتًا إلى أن هناك اهتمامًا فرنسيًا فعليًا بهذا المجال، وأن الشركات الفرنسية ستتطلع إلى الدخول في السوق المصري كمنافس قوي بعد تأثرها بالتغيرات التجارية العالمية.
وأضاف أن الرسوم الجمركية الأمريكية المفروضة على واردات الاتحاد الأوروبي، تصل إلى نحو 20%، في حين أن الرسوم المفروضة على المنتجات المصرية لا تتجاوز 10%، ما يمنح مصر ميزة تنافسية كبيرة ويشجع على إنشاء خطوط إنتاج وتصدير من مصر إلى الأسواق الأمريكية.
الملابس الجاهزة... فرصة تصديرية قوية
ولفت "الديواني" إلى أن هناك فرصة ذهبية أمام مصر لتعزيز صادراتها في قطاع الملابس الجاهزة، خاصة بعد فرض رسوم جمركية عالية على الواردات الأمريكية القادمة من الصين وفيتنام.
وقال إن التعاون مع شركات فرنسية في هذا المجال يمكن أن يفتح آفاقًا جديدة للمنتج المصري في الأسواق الدولية، مشيرًا إلى أن التكلفة الإنتاجية المنخفضة في مصر تُعد عامل جذب أساسي في ظل المنافسة العالمية.
وفي السياق نفسه، قال الدكتور علي عبد الرؤوف الإدريسي، الخبير الاقتصادي، إن هذا التبادل يعكس جهود البلدين في مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية، خاصة في ظل الأزمات الأخيرة.
وأوضح" الإدريسي" في تصريحات خاصة لـ «نيوز رووم»، أن حجم التبادل التجاري بين مصر وفرنسا ارتفع بشكل ملحوظ، حيث بلغ في عام 2021 حوالي 2.8 مليار يورو، ثم ارتفع في 2022 إلى 3.2 مليار يورو، ليصل في عام 2023 إلى نحو 4 مليارات يورو.
وأضاف الخبير الاقتصادي، أن الصادرات المصرية إلى فرنسا تشمل العديد من المنتجات الزراعية مثل البرتقال والعنب والبطاطس، بالإضافة إلى الملابس الجاهزة والأسمدة، بينما تتضمن الواردات الفرنسية معدات وآلات صناعية، سيارات وطائرات، بالإضافة إلى الأدوية والمنتجات الغذائية.
الاستثمارات الفرنسية في مصر
وأشار «الإدريسي» إلى أن الاستثمارات الفرنسية في مصر شهدت تطورًا ملحوظًا، حيث بلغت الاستثمارات المباشرة نحو 6.7 مليار دولار بنهاية 2023، كما أن هناك أكثر من 940 شركة فرنسية تعمل في السوق المصري في مجالات متعددة مثل الطاقة، الاتصالات، مواد البناء، والنقل والبنية التحتية.
المشروعات الاستراتيجية
وأكد الدكتور علي عبد الرؤوف الإدريسي على أن فرنسا تتمتع بدور محوري في تمويل العديد من المشروعات الاستراتيجية في مصر، من أبرز هذه المشروعات تمويل مشروعات مترو الأنفاق، مثل الخط الثالث والرابع، بالإضافة إلى دعم مشروعات النقل الأخضر والقطار الكهربائي السريع، كما تساهم فرنسا بشكل كبير في مشاريع الطاقة المتجددة، حيث تمول مشروعات للطاقة الشمسية والرياح، وتعد الوكالة الفرنسية للتنمية (AFD) من أبرز الجهات التي قدمت تمويلات ضخمة تجاوزت 3 مليارات يورو في مجالات المياه، النقل، والطاقة.
فرنسا شريك في المجال التعليمي
وأوضح "الإدريسي" أن فرنسا تعتبر شريكًا أساسيًا في المجال التعليمي والتدريبي في مصر، حيث تمثل الجامعة الفرنسية في مصر نموذجًا متميزًا للتعاون العلمي، كما تدعم فرنسا التعليم الفني وتدريب الشباب المصري في مجالات التكنولوجيا والطاقة، بما يسهم في تأهيل الكوادر الشابة لسوق العمل، مشيراً إلى أنه مع تحول مصر نحو تعزيز الصناعة الوطنية والتحول للطاقة النظيفة، تلعب فرنسا دورًا رئيسيًا في مشروعات الهيدروجين الأخضر، التكنولوجيا الرقمية، والذكاء الاصطناعي، إضافة إلى تطوير الموانئ والمناطق الاقتصادية الخاصة مثل محور قناة السويس.