محكمة النقض .. تبرئ شابا من تهمة «الفجور» وتؤسس لمبدأ قانوني جديد

أودعت محكمة النقض، الدائرة الجنائية، حيثيات حكمها في قضية شاب أُدين سابقًا بتهمة "التحريض على الفجور"، وأصدرت حكمًا نهائيًا بنقض العقوبة المقضي بها، وقضت ببراءته، مؤكدة أن الحكم السابق شابه خطأ في تطبيق القانون ومخالفة لصحيح التفسير للنصوص العقابية.
تفاصيل القضية
وكانت محكمة أول درجة قد أصدرت حكمًا بحبس المتهم لمدة سنة مع الشغل، ووضعه تحت المراقبة الشرطية لمدة مماثلة، بتهمة التحريض على الفجور، وذلك على خلفية ضبطه عقب بلاغ ورد إلى مباحث الآداب تضمن مزاعم تواصله عبر تطبيقات الكترونية بغرض عرض نفسه لممارسات منافية للآداب مقابل مقابل مالي أيدت محكمة الاستئناف الحكم، ليتم الطعن عليه أمام محكمة النقض.
الطعن على الحكم
وتولى الدفاع في القضية المحامي الدكتور هاني سامح، الذي تقدم بمذكرة طعن أبرزت سلسلة من الانتهاكات الإجرائية والقانونية، شملت بطلان إجراءات الضبط والتفتيش، وانعدام دليل التحريض كما يتطلبه القانون، موضحا أن جريمة التحريض لا تقوم إلا إذا ثبت أن المتهم دفع شخصًا آخر إلى ارتكاب الفعل المؤثم، وهو ما لم يتحقق.
و أشار الدفاع ، إلى بطلان الدليل الإلكتروني، نتيجة فحص الهاتف بطريقة غير فنية، دون استخدام أدوات تقنية معتمدة أو الاستعانة بخبراء الجهات المختصة، بما يخالف قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات.
ولفت كذلك إلى أن المحادثات لم توثق فنيًا، ولم تعرض على الخبير أو تناقش أمام المحكمة، ما يعد إخلالًا بحق الدفاع ومخالفة لقانون الإجراءات الجنائية.
واستند الدفاع أيضًا إلى مبادئ الشريعة الإسلامية باعتبارها المصدر الرئيسي للتشريع وفقًا للمادة الثانية من الدستور في التأكيد على اشتراطات صارمة لإثبات جرائم من هذا النوع، مستشهدًا بفتاوى معتبرة توجب درء الحدود بالشبهات.
وبعد نظر الطعن، رأت المحكمة أن الفعل المنسوب للمتهم لا يرقى إلى وصف "التحريض"، لأنه لم يتضمن دفعًا أو تحريضًا صريحًا لشخص آخر على ارتكاب الفعل، بل اقتصر بحسب الاتهام على نية الفعل من جانب واحد.
وأكدت المحكمة في حيثياتها أن العقوبات لا تُبنى على الظن، ولا تُفترض دون أدلة قاطعة، وأن القرائن المقدمة لا ترقى لإدانة جزائية، وهو ما يوجب إلغاء الحكم.
وبهذا، أرست محكمة النقض مبدأ قانونيًا مهمًا، مفاده أن تفسير نصوص التجريم يجب أن يكون ضيقًا، وأن الإدانة في مثل هذه القضايا لا يجوز أن تُبنى على تأويلات مرسلة أو أدلة تقنية غير معتمدة، حمايةً للحرية الشخصية وصونًا لقرينة البراءة التي يكفلها الدستور.