عاجل

خطة واشنطن المتأرجحة..

"مناورة عكس نيكسون".. تحديات السياسة الأمريكية في مواجهة التحالف الروسي الصيني

الرئيس الأمريكي الأسبق
الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون

في وقت يساور فيه الغرب القلق من احتمالية التوجه الأمريكي نحو روسيا، ألمح بعض المطلعين داخل الإدارة الأمريكية إلى خطة استراتيجية تهدف إلى تحقيق توازن جديد في القوى العالمية عبر زرع الخلاف بين موسكو وبكين.

وذكر  لايل جولدشتاين  الكاتب في صحيفة "Responsiblestatecraft" الأمريكية، أن المسؤولون يسعون لطرح احتمال مناورة معاكسة لما فعله الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون، بهدف إيجاد توازن قوة يكون أكثر ملائمًا لأمريكا.
وأضاف أن هؤلاء المسؤولون أثاروا فكرة ما يطلق عليه "مناورة عكس نيكسون"، التي يسعون من خلالها لتعزيز النفوذ الأمريكي على الساحة الدولية، ولكن، هل هناك فرصة حقيقية لنجاح هذه الخطة؟

القلق الأمريكي

قال الكاتب ، إنه في عام 1972، أجرى الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون زيارة تاريخية إلى الصين، منهياً بذلك أكثر من 25 عامًا من الجمود في العلاقات بين واشنطن وبكين. 
تلك الزيارة كانت تتويجا لجهود دبلوماسية بدأت قبل سنوات عبر مناوشات حدودية دموية مع الاتحاد السوفيتي في عام 1969. 
ورغم ذلك، فقد شكلت هذه الخطوة تحولًا جيوسياسيًا حاسمًا في العلاقات الدولية، حيث دفع الاتحاد السوفيتي إلى مواجهة قوتين عسكريتين كبيرتين على جبهتيه الغربية والشرقية، مما زعزع استقرار سياسته.
لكن في عالم اليوم، يبدو أن الظروف تغيرت بشكل جذري، ما يثير السؤال: هل يمكن لتقارب محتمل بين الولايات المتحدة وروسيا تحت إدارة ترامب أن يحقق تحولًا جيوسياسيًا مماثلًا؟

التحول الجيوسياسي

وقالت الصحيفة الأمريكية في مقالها ، إنه من غير المرجح أن تؤدي هذه المحاولة إلى نفس النتيجة.
فإلى جانب العداء المستمر في العلاقات الأمريكية الروسية، هناك عامل آخر قد يعوق أي تقارب محتمل: التحالف العميق والمتين بين الصين وروسيا.
و رغم أن بعض الخبراء الغربيين يرون أن العلاقات بين البلدين قد تكون "زواج مصلحة"، فإن هذا التحالف يمتاز بتعقيداته الخاصة التي تجعل من الصعب تفكيكه.

التحالف الصيني الروسي

تشير بعض الدراسات إلى أن العلاقة الصينية الروسية ليست خالية من التوترات، فمن التحديات البيئية مثل قطع الأشجار في سيبيريا لصالح السوق الصينية، إلى قضايا السياسة الخارجية مثل التعامل مع الهند وفيتنام، هناك مشكلات قائمة بين الجانبين. 
ومع ذلك، لا يزال هناك توافق عام بين موسكو وبكين، لا سيما في المجالات الاقتصادية، حيث ارتفعت التجارة بين البلدين بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، مما سمح لروسيا بتحويل صادراتها من أوروبا إلى الصين. 
وقد ساعد ذلك في دعم الاقتصاد الروسي في مواجهة العقوبات الدولية المفروضة عليه منذ عام 2022.

التعاون العسكري

إلى جانب الاستقرار المالي، قدمت الصين دعمًا لوجستيًا حاسمًا للكرملين، حيث لعبت دورًا أساسيًا في تعزيز القدرات العسكرية الروسية، مثل مشاركتها في بناء "خط سوروفكين" الذي كان له دور رئيسي في صد الهجوم الأوكراني في صيف 2023. 
كما استمرت المناورات العسكرية بين روسيا والصين، حيث بدأت قواتهما في التعاون المشترك على مختلف الأصعدة، بما في ذلك إجراء دوريات مشتركة عبر مضيق "بيرينج" في أكتوبر 2024.
ومع ذلك، لا تقتصر الشراكة العسكرية بين البلدين على الجانب الثنائي فقط، بل تشمل أيضًا دولًا ثالثة مثل إيران، ما يشير إلى أن هناك رؤية استراتيجية مشتركة بين الصين وروسيا للتصدي للهيمنة البحرية الأمريكية.
على الرغم من هذا التحالف الوثيق، فإن هناك بعض الأسباب التي قد تدفع واشنطن إلى محاولة تحسين العلاقات مع موسكو، أولاً، تظل الحاجة الإنسانية لوقف النزاع في أوكرانيا أولوية.
ثانيًا، يمكن أن يساعد تحسين العلاقات بين الدول النووية الكبرى في الحد من مخاطر الحرب النووية وانتشار الأسلحة النووية. 

وأخيرًا، هناك احتمالية أن تصبح روسيا أكثر استقلالية عن الصين مع مرور الوقت، مما قد يقلل من تأثير بكين على التكنولوجيا العسكرية الروسية.
في المجمل ، يبدو أن فرص نجاح "مناورة عكس نيكسون" تواجه تحديات كبيرة، في ظل التحالف المتين بين الصين وروسيا، ومع ذلك، لا تزال هناك أبعاد استراتيجية تبرر السعي لتحسين العلاقات الأميركية الروسية، وهو ما قد يكون له آثار طويلة المدى على السياسة الدولية.
 

تم نسخ الرابط