عاجل

هل يمكن أن يكون النوم الحل الأمثل للوقاية من الزهايمر؟

النوم
النوم

يعتبر مرض الزهايمر من أخطر الأمراض العصبية التي تهدد صحة الإنسان، حيث يُسبب تدهورًا تدريجيًا في الذاكرة والقدرات العقلية، ولا يزال يشكل تحديًا كبيرًا للعلماء والأطباء الذين يبذلون جهودًا مضنية للوصول إلى علاج فعال أو وسيلة للوقاية منه.

بالرغم من التقدم العلمي الكبير في مجال الطب، إلا أن هذا المرض العصبي المدمر لا يزال يشكل لغزًا غامضًا، ولم يتم التوصل بعد إلى علاج نهائي يقضي عليه بشكل كامل، لكن في أحدث التطورات في هذا المجال، تم اكتشاف أمر غير متوقع قد يُفتح أمامنا الأمل في الوقاية من هذا المرض أو على الأقل التأثير على مساره بشكل إيجابي.

يتعلق هذا الاكتشاف بحبة منوم شائعة الاستخدام، قد يكون لها دور في الوقاية من مرض الزهايمر أو في تقليل أعراضه.

النوم وعلاقته المباشرة بالزهايمر

لطالما كان النوم مادة بحثية مركزية في العديد من الدراسات الطبية التي تبحث في العلاقة بين الاضطرابات النوم وأمراض الدماغ، العديد من الدراسات السابقة أشارت إلى أن قلة النوم يمكن أن تكون عاملاً مؤثرًا في تفاقم بعض الأمراض العصبية مثل الزهايمر.

وفي هذا السياق، جاء تقرير حديث نشره موقع "Science Alert" ليكشف عن ارتباط جديد بين اضطرابات النوم ومرض الزهايمر، وهو اكتشاف قد يغير مجرى البحث الطبي في هذا المجال.

دراسة علمية تكشف عن نتائج مثيرة

في دراسة نُشرت في عام 2023، قام فريق من الباحثين في جامعة واشنطن في سانت لويس بقيادة الدكتور بريندان لوسي، بالتحقق من تأثير استخدام حبوب النوم على الدماغ، وتحديدًا على البروتينات السامة المرتبطة بمرض الزهايمر.

وأشار الباحثون إلى أن النوم العميق المساعد باستخدام الأدوية المنومة قد يكون له دور في تقليل تراكم البروتينات السامة التي تتراكم في الدماغ وتسبب تدهور الوظائف العصبية.

ركزت الدراسة على دواء "سوفوريكسانت"، الذي يستخدم بشكل شائع لعلاج الأرق، وهو دواء منوم يعمل على مساعدة الأشخاص الذين يعانون من صعوبة في النوم.

وأظهرت الدراسة أن الأشخاص الذين تناولوا هذا الدواء لمدة ليلتين في عيادة النوم شهدوا انخفاضًا طفيفًا في مستويات اثنين من البروتينات السامة المرتبطة بمرض الزهايمر وهما أميلويد بيتا وتاو، اللذين يشتهران بتراكمهما في الدماغ مما يؤدي إلى تدمير خلايا الدماغ ويؤثر على الذاكرة والقدرة على التفكير.

الأمل في النوم: هل هو الحل الفعّال؟

إحدى النقاط المهمة التي كشف عنها هذا البحث هي أن النوم ليس مجرد راحة للجسم، بل هو آلية حيوية يقوم فيها الدماغ بتنظيف نفسه من السموم والفضلات التي تراكمت أثناء اليوم. يعتقد الباحثون أن البروتينات مثل أميلويد بيتا وتاو، التي تتراكم في الدماغ وتسبب تلف الخلايا العصبية، يمكن أن يُساعد الدماغ في التخلص منها أثناء النوم.

ووفقًا للباحثين، يمكن أن يكون النوم الجيد – وخاصة النوم العميق الذي يحدث في مراحل معينة من النوم – هو العامل الذي يحمي الدماغ من التراكمات السامة التي قد تؤدي إلى الزهايمر. وبناءً على هذه النتائج، أصبح من المحتمل أن تعزيز جودة النوم قد يكون وسيلة للوقاية من المرض قبل أن تبدأ الأعراض في الظهور.

تجربة سريرية: انخفاض في البروتينات السامة

في التجربة التي شملت 38 شخصًا، أُجريت الدراسة على مجموعة من البالغين الأصحاء الذين لا يعانون من أي مشاكل صحية أو مشاكل في النوم، تم إعطاء هؤلاء الأشخاص دواء "سوفوريكسانت" لمدة ليلتين في عيادة متخصصة في النوم، وأظهرت النتائج انخفاضًا طفيفًا في مستويات أميلويد بيتا وتاو في السائل الدماغي الشوكي.

على الرغم من أن هذه الدراسة كانت قصيرة المدى وشملت عددًا محدودًا من المشاركين، إلا أنها توفر دليلًا مهمًا على أن تحسين النوم قد يكون له دور فعّال في تقليل تراكم البروتينات السامة التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بتطور مرض الزهايمر.

لكن هل يمكن أن تكون الحبوب المنومة الحل؟

رغم هذه النتائج المثيرة، حذر الدكتور بريندان لوسي من أن الأشخاص الذين يخشون الإصابة بمرض الزهايمر لا ينبغي عليهم البدء في تناول الحبوب المنومة بشكل منتظم دون استشارة طبية، حيث إن الحبوب المنومة يمكن أن تسبب الاعتماد عليها مع مرور الوقت، ما يجعل الشخص يعاني من صعوبة في النوم بدونها.

بالإضافة إلى ذلك، هناك نوع من النوم يُسمى النوم السطحي، وهو النوم الذي لا يمر خلال مراحل نوم عميق، وقد يؤدي إلى نوم غير متجدد، ما قد لا يحقق الفائدة المرجوة.

من الجدير بالذكر أن الدراسات السابقة قد أشارت إلى أن النوم غير العميق قد يكون له تأثير سلبي على الدماغ، من خلال زيادة تراكم البروتينات السامة، لذلك، يعتبر نوم الموجة البطيئة، الذي يحدث في مراحل النوم العميقة، هو الأكثر فاعلية في التخلص من السموم.

التوجهات المستقبلية: النوم كعلاج وقائي؟

يعتقد الباحثون أن هذا الاكتشاف قد يمهد الطريق لفهم أعمق حول دور النوم في الحفاظ على صحة الدماغ، وقد يؤدي إلى تطوير استراتيجيات جديدة للوقاية من الزهايمر من خلال تحسين النوم بدلاً من الاعتماد على الأدوية المنومة.

لكن بالطبع، هذا لا يعني أن تناول الحبوب المنومة هو الحل الوحيد. هناك حاجة لدراسات أكبر وأكثر شمولًا لفهم تأثير النوم على الزهايمر بشكل أوسع.

 الطريق إلى الوقاية ما يزال طويلاً

رغم أن النتائج الأولية قد تبدو واعدة، إلا أن الطريق ما يزال طويلًا للوصول إلى علاج أو وسيلة للوقاية من مرض الزهايمر بشكل نهائي. لكن هذا الاكتشاف يفتح الباب أمام بحث أوسع في تحسين جودة النوم كوسيلة للوقاية من الأمراض العصبية.

النوم، الذي كان يُنظر إليه على أنه مجرد فترة راحة، قد يصبح عاملًا رئيسيًا في الحماية من الزهايمر، مما يعزز الوعي بأهمية النوم العميق والصحي.

إلى أن يتم التوصل إلى نتائج أكثر دقة، يبقى الأمل قائماً في أن تساهم هذه الأبحاث في تقديم حل وقائي قد يساعد في تقليل معدلات الإصابة بالزهايمر في المستقبل.

تم نسخ الرابط