بين الشرق والغرب| تاريخ شجرة ومزود عيد الميلاد في التقليد المسيحي الأرثوذكسي
قال المتروبوليت نقولا، مطران طنطا والوكيل البطريركي للشؤون العربية للروم الأرثوذكس، تُعد شجرة عيد الميلاد ومزود (أو مغارة) ميلاد يسوع المسيح من الرموز الثقافية والدينية التي تعكس جوهر الاحتفال بالميلاد في التقليد المسيحي للروم الأرثوذكس، وقد عرفت الكنيسة الشرقية هذه الرموز منذ قرون عديدة.
شجرة الميلاد في الشرق الأرثوذكسي
تشير المصادر التاريخية إلى أن شجرة الميلاد كانت معروفة في الشرق الأرثوذكسي منذ القرن السادس الميلادي:
عام 512م، وُجدت مخطوطة تصف "شجرتين نحاسيتين" في كنيسة بناها الإمبراطور أنستاسيوس في طورعابدين شمال سوريا، مزينة بمشاعل بيض وحمر وأجراس وسلاسل فضية.
وفي كنيسة آيا صوفيا عام 563م، يصف المؤرخ بولس سيليندياريوس المشاعل الموضوعة على أشجار معدنية، تتسع في الأسفل وتضيق في الأعلى لتصل إلى مشعل واحد في القمة.
ويفسّر المتروبوليت إييروثيوس فلاخوس معنى الشجرة قائلاً إنها ترمز إلى المسيح، مستندًا إلى نبوءة النبي إشعياء:
"ويخرج قضيب من جذع يسّى وينبت غصن من أصوله ويحل عليه روح الرب روح الحكمة والفهم… يقضي بالعدل للمساكين ويحكم بالإنصاف لبائسي الأرض" (إش 11:1).
وتُردّد هذه النبوءة في الكاطافاسيات في يوم الميلاد: "لقد خرج قضيب من أصل يسّى ومنه قد نبتّ زهرة"، إشارة إلى ولادة يسوع المسيح من نسل داود ابن يسى.
مزود ومغارة ميلاد المسيح
استوحى التقليد المسيحي مزود الميلاد من إنجيل لوقا الذي يذكر مكان ميلاد يسوع:
"وبينما هما هناك (بيت لحم) تمت أيامها لتلد. فولدت ابنها البكر وقمطته وأضجعته في المذود" (لوقا 2:4-7).
واعتبر التقليد الأرثوذكسي في أورشليم أن المغارة، التي كانت تُستعمل كإسطبل للحيوانات، هي مكان ميلاد المسيح، ويعود هذا التقليد إلى منتصف القرن الثاني، كما ذكر القديس يوستينوس الشهيد والعلّامة أوريجانوس الإسكندري في كتاباتهما.
وفي عام 326م، شيّد الإمبراطور قسطنطين ووالدته الملكة هيلانة كنيسة المهد في بيت لحم فوق المغارة التقليدية.
المغارة الحية وشجرة الميلاد في أوروبا
ابتكر القديس فرنسيس الأسيزي أول مغارة حيّة سنة 1223م، تضم تمثيلًا حيًا لمريم ويوسف وطفل يسوع مع حيوانات، مستوحاة من نبؤة أشعياء.
لاحقًا، استخدمت التماثيل الفخارية وتم إضافة المجوس الثلاثة والرعاة، وانتشرت عادة تشييد المغائر الرمزية في الكنائس وخارجها في جميع أنحاء العالم.
التقليد الأرثوذكسي المعاصر
اما في الكنيسة الأرثوذكسية اليوم، توضع شجرة الميلاد مع المغارة خارج مبنى الكنيسة، كما في كنيسة بيت لحم، لتذكير المؤمنين بمعنى الميلاد: الحياة والنور والفرح والمحبة.
ويعكس هذا التقليد الرمزي ولادة يسوع من العذراء مريم في المزود أو المغارة، من نسل داود ابن يسى، كما تظهر في الأيقونات المخصصة لميلاد المسيح.
وأكد المتروبوليت نقولا، مطران طنطا والوكيل البطريركي للشؤون العربية للروم الأرثوذكس، علي أن هذه الرموز تعكس جوهر الاحتفال بالميلاد في الروح الأرثوذكسية: فرح، محبة، وأمل.



