جامع الأزهر يعقد لقاءه الأسبوعي حول دروس وعبر من سيرة الفاروق
عقد الجامع الأزهر، اليوم الأربعاء، اللقاء الأسبوعي لملتقى السيرة النبوية تحت عنوان: "من سير الصحابة.. عمر بن الخطاب دروس وعبر"، بحضور كل من الدكتور صلاح عاشور، أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية بجامعة الأزهر، والدكتور نادي عبد الله، وكيل كلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر، فيما أدار اللقاء الإعلامي عمر هاشم.
تولي الخلافة في لحظة فارقة من تاريخ الأمة
في مستهل الملتقى، أوضح الدكتور صلاح عاشور أن تولي أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) الخلافة جاء في مرحلة تاريخية دقيقة، كانت فيها الجيوش الإسلامية مرابطة على جبهات متعددة، الأمر الذي تطلب قيادة استثنائية قادرة على الحزم وضبط مسار التوسع وحماية كيان الدولة، ومن هنا تجلت رؤية الخليفة أبي بكر الصديق (رضي الله عنه) في ترشيح عمر للخلافة، لما أدركه فيه من كفاءة عالية وملاءمة لمتطلبات تلك المرحلة المفصلية.
عبقرية إدارية وبناء مؤسسي راسخ
وأشار عاشور إلى أن الوقائع التاريخية أثبتت صواب هذا الاختيار؛ إذ أدار الفاروق شؤون الدولة بعبقرية إدارية فذة، لم تقتصر على القيادة العسكرية، بل امتدت إلى بناء المؤسسات وترسيخ قيم العدل والمساواة، ما مكّن الدولة الإسلامية من استيعاب التحولات الكبرى والتعامل معها بكفاءة واقتدار.
ملامح القيادة تتشكل منذ الصبا
وأضاف أن ملامح الشخصية القيادية لعمر بن الخطاب بدأت في التشكل مبكراً، حتى قبل إسلامه؛ فقد عُرف بالقوة والفطنة، وكان من القلة في مكة التي أتقنت القراءة والكتابة، إلى جانب فصاحته وقدرته المؤثرة على الخطابة، كما أسهمت تجاربه الحياتية في صقل هذه السمات؛ إذ غرس فيه رعي الغنم في صغره قيم الصبر وتحمل المسؤولية، بينما وسّعت التجارة آفاقه عبر السفر والاحتكاك بثقافات مختلفة، ما عزز خبرته التنظيمية والإدارية.
قوة في الحق وتواضع لله
من جانبه، أكد الدكتور نادي عبد الله أن شخصية عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) جسدت مزيجاً فريداً من القوة في الحق والتواضع لله ولعباده الصالحين، مشيرًا إلى أن هيبته لم تنبع من سطوة المنصب، بل من صلابة التمسك بالمبادئ. كما كانت غيرته على القيم وفطرته السليمة حاضرة حتى قبل إسلامه، وهو ما لفت نظر النبي ﷺ إلى ما يحمله من مؤهلات قيادية عظيمة.
دعاء نبوي واستجابة إلهية
وأوضح وكيل كلية الدراسات الإسلامية والعربية أن النبي ﷺ دعا الله أن يعز الإسلام بدخول عمر بن الخطاب في الدين، لما رآه فيه من خصال تجعل منه عزاً للأمة، مستشهداً بقول النبي ﷺ: "اللهم أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك: عمر بن الخطاب أو عمرو بن هشام"، فكان اختيار الله تعالى أن يكون عمر حصناً للإسلام ومناراً للعدل.
إسلام الفاروق نقطة تحول في مسيرة الدعوة
وأشار إلى أن إسلام عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) شكّل منعطفاً حاسماً في تاريخ الدعوة الإسلامية، حيث انتقلت بسببه من مرحلة السرية إلى الجهر والإعلان، بفضل قوته في الحق وثباته الذي لا يخشى في الله لومة لائم، مؤكداً أن هذا النموذج القيادي يمثل قدوة معاصرة للمسلمين في التمسك بالدين، والثبات على المبادئ، والصدق في المواقف، بما يسهم في رفعة الأمة وإعلاء كلمة الحق.
ملتقى أسبوعي لإحياء معاني السيرة العطرة
يُذكر أن ملتقى "السيرة النبوية" الأسبوعي يُعقد كل يوم أربعاء في رحاب الجامع الأزهر الشريف، تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر، وبتوجيهات فضيلة الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر الشريف، ويهدف إلى استعراض السيرة النبوية الشريفة، وإبراز معالمها المضيئة، وبيان كيفية تعامل النبي ﷺ مع الناس وتدبيره لشئون الأمة، بما يعين على استلهام هذه القيم في واقع الحياة المعاصرة.