عاجل

هل النظام الغذائي الغني بالبروتين يسبب السمنة؟ بين الحقائق والمفاهيم الخاطئة

النظام الغذائي
النظام الغذائي

في السنوات الأخيرة، بات النظام الغذائي الغني بالبروتين حديث الجميع؛ من الراغبين في إنقاص الوزن إلى الرياضيين الباحثين عن بناء الكتلة العضلية.

تحول البروتين إلى النجم الساطع على مائدة كل من يهتم بصحته أو يسعى لتغيير نمط حياته الغذائي، ولكن في خضم هذه الشعبية المتزايدة، بدأ يطفو تساؤل مهم: هل الإفراط في تناول البروتين قد يؤدي إلى زيادة الوزن أو حتى السمنة؟

هذا التساؤل يحمل في طياته الكثير من الجدل، لذا دعونا نغوص في التفاصيل العلمية ونفهم العلاقة المعقدة بين البروتين والسمنة. 

أهمية البروتين: العمود الفقري للصحة البدنية

البروتين هو أحد العناصر الغذائية الكبرى الثلاثة، إلى جانب الكربوهيدرات والدهون، وهو مكون أساسي لكل خلية في جسم الإنسان، يلعب دورًا حيويًا في بناء وإصلاح الأنسجة، إنتاج الإنزيمات والهرمونات، بالإضافة إلى الحفاظ على قوة العضلات، خاصة مع التقدم في العمر.

ولا يقتصر دوره على الرياضيين فقط، بل هو ضروري لكل فرد للحفاظ على عمليات التمثيل الغذائي الصحية ومناعة الجسم.

الكمية اليومية الموصى بها من البروتين

تختلف الحاجة اليومية من البروتين من شخص لآخر، وفقًا لعوامل مثل العمر، الجنس، الوزن، ومستوى النشاط البدني، إلا أن التوصيات العامة تشير إلى: "56 جرامًا من البروتين للرجال يوميًا - 46 جرامًا للنساء يوميًا"، أما القاعدة الذهبية التي يعتمدها خبراء التغذية، فهي: "0.8 جرام من البروتين لكل كيلوجرام من وزن الجسم، على سبيل المثال، إذا كان وزنك 70 كجم، فأنت بحاجة إلى نحو 56 جرامًا من البروتين يوميًا، وقد يحتاج كبار السن أو من يمارسون تمارين مكثفة إلى كميات أعلى.

هل الإفراط في تناول البروتين يؤدي إلى السمنة؟

رغم أن البروتين يُعتبر خيارًا ذكيًا لتعزيز الشبع والتحكم في الشهية، إلا أن المبالغة في تناوله قد تأتي بنتائج عكسية. فالقاعدة التي لا تتغير في علم التغذية هي:

"السعرات الحرارية الزائدة، أيا كان مصدرها، تتحول في النهاية إلى دهون"، إذا تناولت كمية بروتين تفوق حاجة جسمك، فإن الفائض الذي لا يُستخدم في إنتاج الطاقة أو بناء العضلات، يُحوَّل إلى جلوكوز، ثم يُخزن على شكل دهون. وهنا تكمن الخطورة:

البروتين الزائد لا يُطرح خارج الجسم، بل يُخزن.

مع مرور الوقت، يؤدي إلى زيادة الوزن وربما الإصابة بالسمنة.

المخاطر الصحية للنظام الغذائي عالي البروتين

بعيدًا عن مسألة زيادة الوزن، هناك آثار جانبية أخرى محتملة للإفراط في تناول البروتين، خاصة إذا كان مصدره الأساسي هو اللحوم الحمراء ومنتجات الألبان الدسمة، ومنها:

  • زيادة خطر الإصابة بحصوات الكلى، نتيجة لزيادة العبء على الكلى في معالجة النيتروجين الناتج عن استقلاب البروتين.
  • ارتفاع نسبة الدهون المشبعة، مما يؤدي إلى زيادة خطر أمراض القلب.
  • زيادة احتمال الإصابة بسرطان القولون، خصوصًا عند الاعتماد المفرط على اللحوم المصنعة.
  • نقص في الألياف والعناصر الغذائية الأخرى إذا تم تقليل الكربوهيدرات والخضروات في المقابل.

تجدر الإشارة إلى أن النظام النباتي الغني بالبروتين (مثل البروتين من العدس، الفول، الشوفان، والمكسرات) لا يحمل نفس المخاطر مقارنة بالأنظمة الغنية بالبروتين الحيواني.

الاعتدال هو الأساس: كيف تستفيد من البروتين دون ضرر؟

لتحقيق التوازن والحصول على فوائد البروتين دون أن تنعكس سلبًا على وزنك أو صحتك، ينصح الخبراء بـ:

  • الالتزام بالكمية اليومية الموصى بها، وعدم اعتبار البروتين حلاً سحريًا لجميع الأهداف الصحية.
  • اختيار مصادر بروتين متنوعة مثل الأسماك، البقوليات، البيض، المكسرات، ومشتقات الألبان قليلة الدسم.
  • مراقبة إجمالي السعرات اليومية لتجنب أي فائض يُخزن في الجسم على شكل دهون.
  • دمج البروتين مع نظام غذائي متوازن يحتوي على كربوهيدرات معقدة ودهون صحية وخضروات.

هل البروتين يسبب السمنة؟

الإجابة ببساطة: نعم، يمكن أن يؤدي الإفراط في تناول البروتين إلى زيادة الوزن والسمنة، إذا تم استهلاكه بكميات تفوق حاجة الجسم، أو إذا جاء من مصادر غير صحية.

لكن في المقابل، فإن تناول البروتين بالكميات المناسبة يظل أداة فعالة لبناء العضلات، وتعزيز الشعور بالشبع، ودعم الصحة العامة.

تم نسخ الرابط