عاجل

أزمة تطبيق شرط الـ30٪ في المشروعات العقارية.. هل المواطن المتضرر الأول؟

السوق العقاري
السوق العقاري

تشهد سوق التطوير العقاري في مصر نقاشًا محتدمًا حول مدى التزام الشركات العقارية بتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي الصادرة في عام 2021، والتي تقضي بعدم طرح الوحدات السكنية للبيع إلا بعد تنفيذ 30٪ من المشروع، بهدف حماية أموال المواطنين وضمان تسليم الوحدات في مواعيدها. 

السوق العقاري في مصر

وعلى الرغم من أن هذه التوجيهات وُضعت للحفاظ على حقوق العملاء وتنظيم السوق، إلا أن تطبيقها على أرض الواقع يكشف عن فجوة بين الشكل القانوني للقرارات وبين واقع التنفيذ.

فبين المطورين الذين يشكّون في جدواها العملية، وبين مطالبات العملاء بحماية استثماراتهم، يثار سؤال مركزي: هل التزمت شركات التطوير العقاري فعلًا بتوجيهات الدولة، أم أن هذه التعليمات ظلت حبيسة الأوراق الرسمية دون رقابة فعلية؟، وفي التقرير التالي يجيب لكم موقع "نيوز رووم"، على هذه الأسئلة:

فمن جانبه قال المهندس فتح الله فوزي، نائب رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين ورئيس لجنة التطوير العقاري، إن القرار الخاص بعدم السماح للمطورين ببيع أو طرح وحدات سكنية إلا بعد تنفيذ 30% من المشروع، ليس قرارًا رئاسيًا كما يعتقد البعض، وإنما صدر بقرار من رئيس مجلس الوزراء.

القرار غير مفعل على أرض الواقع

وأوضح فوزي في تصريحات خاصة لـ "نيوز رووم"، أن هذا القرار مدوّن بالفعل في التراخيص والعقود الموقعة مع المطورين، سواء في قرارات التخصيص أو في عقود الأراضي، لكنه غير مُفعل على أرض الواقع ولا توجد آلية حقيقية لمتابعته أو تطبيقه، مؤكدًا أن القرار موجود "على الورق فقط".

بدائل أكثر واقعية وفاعلية

وأضاف نائب رئيس جمعية رجال الأعمال، أن تطبيق شرط تنفيذ 30% قبل البيع قد يكون صعبًا للغاية على بعض المطورين، بل وقد يؤدي إلى توقف السوق بالكامل في بعض الحالات، مشيرًا إلى أن هناك بدائل أكثر واقعية وفاعلية.

تطبيق نظام حساب الضمان

وأكد فوزي، أن تطبيق نظام حساب الضمان (Escrow Account) يُعد الحل العملي والأفضل، حيث يضمن أن أموال المشترين تُودَع في حساب بنكي مخصص للمشروع نفسه، وتخضع لرقابة تضمن إنفاقها على المشروع محل التعاقد فقط، دون السماح بتحويلها إلى مشروعات أخرى، مشيرًا إلى أن هذا النظام يحمي حقوق المشترين ويحقق الانضباط المالي دون تعطيل حركة التطوير العقاري، لافتًا إلى أن المطور لا تكون له حرية التصرف في الأموال إلا في إطار التنفيذ الفعلي للمشروع.

حماية حقوق المواطنين وضمان جدية المطورين

قال المهندس أسامة سعد الدين المدير التنفيذي لغرفة صناعة التطوير العقاري باتحاد الصناعات، إن ما أُثير بشأن اشتراط تنفيذ 30% من المشروع قبل طرح الوحدات للبيع لم يكن قرارًا صادرًا من رئيس مجلس الوزراء، وإنما جاء في الأساس كتوجيهات مباشرة من الرئيس عبد الفتاح السيسي في عام 2021، بهدف حماية حقوق المواطنين وضمان جدية المطورين العقاريين.

وأوضح سعد الدين، في تصريحات خاصة لـ "نيوز رووم"، أن أي توجيهات تصدر عن رئيس الجمهورية يتعين على الحكومة، ممثلة في رئيس مجلس الوزراء، تبنيها وترجمتها إلى قرارات تنفيذية واضحة تُطبق على أرض الواقع، وهو ما حدث بالفعل من حيث الصياغة، لكن واجه تحديات كبيرة عند التطبيق.

خروج عدد كبير من المطورين العقاريين من السوق

وأشار إلى أن اشتراط تنفيذ 30% من المشروع قبل البيع كان سيؤدي عمليًا إلى خروج عدد كبير من المطورين العقاريين من السوق، نظرًا لأن تنفيذ هذه النسبة يتطلب ضخ استثمارات ضخمة تُقدَّر بمئات الملايين، بل مليارات الجنيهات في بعض المشروعات، وهو ما لا يتناسب مع طبيعة حركة رؤوس الأموال وآليات التمويل في القطاع العقاري.

وأضاف أن الهدف الأساسي من توجيهات رئيس الجمهورية لم يكن تعقيد المشهد أو تعطيل السوق، وإنما ضمان التزام المطور بتنفيذ المشروع فعليًا وتسليم الوحدات للمواطنين دون تعثر أو تأخير، وهو ما دفع الجهات المعنية لاحقًا إلى البحث عن بدائل وضوابط تحقق الهدف نفسه دون تحميل المطورين أعباء غير قابلة للتنفيذ.

وأوضح أنه تم التوافق على مجموعة من الضوابط، من بينها ضوابط تتعلق بسعر الأرض، وآليات التمويل، والتعامل مع البنوك، وغيرها من الإجراءات التي كان من المفترض أن تؤدي في النهاية إلى تحقيق الغاية الأساسية من التوجيه الرئاسي.

غياب جهة رقابية واضحة تتولى متابعة تنفيذها

وأكد سعد الدين أن المشكلة الحقيقية لم تكن في غياب الضوابط، وإنما في غياب جهة رقابية واضحة تتولى متابعة تنفيذها، مشددًا على أن أي ضوابط، مهما كانت دقتها، لا قيمة لها دون رقابة فعلية وآلية محاسبة.

وأشار إلى أنه كان من المتصور أن يكون هناك دور رقابي مؤسسي تشارك فيه الجهات الإدارية المعنية، مع تمثيل حقيقي للمواطنين، لضمان التزام المطورين بما تم الاتفاق عليه، إلا أن هذا الدور لم يُفعل بالشكل المطلوب.

واختتم تصريحه بالتأكيد على أن المتضرر الأول والأخير من غياب الرقابة هو المواطن، بدليل الشكاوى المتزايدة والأزمات التي شهدها السوق العقاري مؤخرًا، مشددًا على أن حماية العميل لا تتحقق بالقرارات وحدها، وإنما بتفعيل الرقابة وتطبيق القواعد بصرامة وعدالة على الجميع.

تم نسخ الرابط