عاجل

160 عاماً من التاريخ تنتقل.. الخميس الأخير لمجلس النواب في قلب القاهرة

مجلس النواب
مجلس النواب

وسط صخب العاصمة المصرية ووسط أجواء تاريخية حافلة، يستعد مجلس النواب المصري لإغلاق صفحة طويلة من تاريخه في قلب القاهرة، معلناً بداية فصل جديد من العمل النيابي والبرلماني في مقرّه الجديد بالعاصمة الإدارية الجديدة. 

آخر يوم عمل لمجلس النواب في المقر القديم

الخميس القادم، سيكون آخر يوم عمل لمجلس النواب في المقر العريق بوسط البلد، المكان الذي احتضن منذ أكثر من 160 عاماً جلسات البرلمان المصري، شاهداً على أحداث فارقة في تاريخ الدولة والسياسة المصرية.

تعود جذور الحياة النيابية في مصر إلى الثاني والعشرين من أكتوبر 1866، عندما أنشأ الخديوي إسماعيل مجلس شورى النواب، أول مجلس نيابي منتخب في البلاد. منذ ذلك الحين، أصبح البرلمان المصري منارة تنويرية لنشر الثقافة البرلمانية، ومنصة أصيلة لترسيخ أسس الممارسة الديمقراطية، ليس فقط على الصعيد الوطني، بل وأيضاً كنموذج يحتذى به للشعوب العربية والأفريقية.

وعلى مدار هذه العقود الطويلة، شهد البرلمان المصري لحظات مفصلية: خطاب الرئيس جمال عبد الناصر أمام البرلمان في 5 أبريل 1958 لإعلان الوحدة مع سوريا، وبيانه بالعدول عن التنحي في 10 يونيو 1967 الذي ألقاه نيابة عنه رئيس مجلس الأمة أنور السادات، وخطاب النصر للرئيس السادات بعد عبور القوات المسلحة قناة السويس عام 1973، وصولاً إلى إعلان الرئيس السادات عن نيته زيادة تمثيل الكنيست الإسرائيلي عام 1977.

وتتوالى فصول الحياة النيابية المصرية، بدءاً من المجلس المنتخب عام 1881 الذي خرج من رحم الثورة العرابية بمزايا رقابية لأول مرة، مروراً بالتحولات التي شهدها نظام الغرفتين عام 1883، وصولاً إلى دستور 1923 الذي أعاد نظام المجلس ذو الغرفتين بعد ثورة 1919، ومجلس الأمة الأول بعد ثورة 23 يوليو 1952 بموجب دستور 1956، ثم إنشاء مجلس الشعب بموجب دستور 1971، مروراً بفترة الغرفتين عام 1980، وصولاً إلى تأسيس البرلمان الحالي بموجب دستور 2014 والذي أعاد نظام الغرفة الواحدة تحت اسم مجلس النواب عام 2016، مع إنشاء مجلس الشيوخ لاحقاً عقب التعديلات الدستورية الأخيرة.

اليوم، يقف البرلمان المصري على عتبة مرحلة جديدة، إذ سينتقل أعضاؤه إلى مقر العاصمة الإدارية، مكان عصري مجهز بأحدث التكنولوجيا لمواكبة طبيعة العمل البرلماني الحديث، مع الحفاظ على رمزية المكان ودوره في استكمال مسيرة التشريع الرقابي والتنموي للدولة. المجلس الحالي، الذي شهد انتخابه عام 2016، يمثل طفرة تاريخية في تكوينه، إذ يضم لأول مرة 90 سيدة بنسبة 15% من إجمالي الأعضاء، ويمثل ذوي الإعاقة 9 أعضاء، والمصريين في الخارج 8 أعضاء، فضلاً عن نسبة الشباب تحت سن 35 عاماً التي تزيد على ربع أعضاء البرلمان، ليصبح برلمان 2016 علامة فارقة في تاريخ الحياة النيابية المصرية، مستكملاً الاستحقاقات الدستورية، وجاء برلمان 2021 برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي، الرئيس رقم 35 لمجلس النواب ليواصل المسيرة الحافلة للحياة النيابية والدستورية في مصر. 

الخميس القادم، ستُطوى صفحة وسط القاهرة، وتفتح أبواب المستقبل في العاصمة الإدارية الجديدة، حيث يواصل البرلمان رحلته الطويلة في خدمة الوطن، حاملاً معه إرثاً نيابياً يقرب من حوالي 160 عاماً من التاريخ العريق، شاهداً على مراحل بناء الدولة المصرية الحديثة.

تم نسخ الرابط