عاجل

هل غض البصر واجب على النساء أم الرجال فقط.. وما هي الضوابط؟

غض البصر للنساء
غض البصر للنساء

 

تثير مسألة “غض البصر” جدلًا دينيًا واجتماعيًا مستمرًا، خاصة في ما يتعلق بتطبيق هذه الفريضة على النساء. فبينما يُشدد على ضرورة “غض البصر” للرجال في الإسلام، هل يجب على النساء أيضًا اتباع هذا الواجب بنفس القدر؟ وما هي التفسيرات المختلفة التي يتبناها العلماء في هذا السياق


مفهوم “غض البصر” في القرآن الكريم


“غض البصر” هو أمر إلهي ورد في القرآن الكريم، حيث دعا الله سبحانه وتعالى كلاً من الرجال والنساء إلى حفظ أعينهم عن النظر إلى ما لا يجوز. في الآية 30 من سورة النور، يقول الله تعالى: “قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ”، وتضيف الآية 31: “وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ”. وبناءً على هذه الآيات، يعتبر غض البصر فريضة واجبة على كل من الرجال والنساء

رغم أن الفقهاء يتفقون على وجوب “غض البصر” كقاعدة عامة، إلا أن الآراء تتفاوت حول كيفية تطبيق هذا الواجب بالنسبة للنساء. بعض العلماء يشددون على أن “غض البصر” يجب أن يُطبق بدرجة أكبر على النساء، نظرًا لأنهن أكثر عرضة للفتنة في المجتمعات التي قد تفرض عليهن نظرات غير لائقة أو تقييمات مجتمعية. كما يعتبر بعض الفقهاء أن المرأة يجب أن تلتزم بالحجاب الكامل وأن تحذر من أي منظر قد يؤدي إلى إثارة الفتن.

من جهة أخرى، يرى بعض العلماء أن النصوص القرآنية لا تفرق بين الرجل والمرأة في مسألة “غض البصر”، وبالتالي فإن الواجب يقع على عاتق الجميع بالتساوي. هذه الفئة من العلماء ترى أن تطبيق هذه الفريضة يجب أن يكون متساويًا بين الجميع، مع التأكيد على احترام خصوصيات الآخرين في المجتمع.

التفسير المعاصر وتحديات الحياة اليومية


في العصر الحديث، يختلف الفهم المجتمعي لمفهوم “غض البصر” حسب البيئة الثقافية والظروف الاجتماعية. فمع تزايد تأثير وسائل التواصل الاجتماعي والانفتاح على ثقافات متنوعة، تظهر أسئلة جديدة حول كيفية تطبيق هذا الواجب في الحياة اليومية. يرى البعض أن الظروف الاجتماعية والاقتصادية قد تفرض تحديات إضافية على النساء، حيث يصعب عليهن غالبًا تجنب جميع المواقف التي قد تتطلب “غض البصر” بشكل كامل.

على سبيل المثال، قد تجد المرأة نفسها مضطرة للنظر إلى شاشات التلفاز أو الهواتف المحمولة التي تحتوي على مواد مرئية قد تثير الانتباه، مما يؤدي إلى تساؤلات حول كيفية التوازن بين الالتزام الديني ومتطلبات الحياة العصرية.

شروط النظر إلى الرجال:

 

1. النظر في حدود الحلال والحرام
أولاً، يشدد الإسلام على ضرورة غض البصر بشكل عام. فقد ورد في القرآن الكريم في سورة النور: “قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ” (النور: 30)، وفي هذه الآية الكريمة يوجه الله سبحانه وتعالى المؤمنين بغض أبصارهم عن المحرمات، سواء كان ذلك نظرًا إلى الرجال أو النساء.

وفيما يتعلق بالنظر إلى الرجال، فإن الشريعة الإسلامية توضح أنه يجوز للمرأة النظر إلى الرجل في حالات معينة، ولكن بشروط محددة. يشمل ذلك نظرة غير متعمدة أو نظرة تحتاجها المرأة في حالات حياتية معينة، مثل العمل أو التفاعل الاجتماعي الضروري. لكن لا يجوز للمرأة النظر إلى الرجل بنية التمتع أو النظر الطويل، حيث يعتبر ذلك محرمًا.

2. شروط النظر الضروري
إلى جانب “غض البصر” عن المحرمات، هناك بعض الحالات التي يجوز فيها النظر إلى الرجال، مثل:
• النظر الضروري: يُسمح للمرأة بالنظر إلى الرجل في المواقف التي تستدعي ذلك، مثل العمل أو الدراسة أو التواصل الاجتماعي، ولكن يجب أن يكون هذا النظر مقتصرًا على ما هو ضروري وبدون أن يتجاوز الحدود الشرعية.
• الضرورة الاجتماعية والعملية: في بعض الحالات، مثل التعامل مع زملاء العمل أو الأطباء أو في المواقف المهنية، يجوز للمرأة النظر إلى الرجل بشرط أن يكون ذلك في إطار الحاجات الاجتماعية أو العملية. وفي هذا السياق، يشدد العلماء على ضرورة أن يكون هذا النظر دون استرسال أو تمتع، وأن يتم بحذر واحترام للحدود.

3. النظر في حالة الخوف من الفتنة

إذا كان هناك احتمال كبير للفتنة أو إثارة الشهوات نتيجة للنظر، فإن الشريعة تحث على تجنب ذلك. يعتبر النظر إلى الرجل في حالات قد تثير الفتنة محرمًا، سواء كان في الواقع أو عبر وسائل الإعلام أو الإنترنت. لذا، يجب على المرأة أن تراقب نفسها في هذا السياق وتلتزم بحذر عند التفاعل مع الآخرين.

4. أهمية الحجاب واحتشام الملبس

أحد الشروط المرتبطة بالنظر إلى الرجال يتعلق بالحجاب والاحتشام في الملبس. في الإسلام، يجب على المرأة أن ترتدي الملابس المحتشمة التي لا تبرز مفاتن جسدها، حيث يشمل ذلك الحجاب، الذي يعتبر من الوسائل المهمة للحفاظ على الحياء والابتعاد عن الفتن. إذ أن الحجاب ليس مجرد لباس، بل هو جزء من التصرفات السلوكية التي تحكم نظر المرأة وتفاعلها مع الرجال في المجتمع.

5. حظر النظر بغرض التمتع أو التحليل

النظر المحرم في الإسلام يشمل النظر بغرض التمتع أو التحليل الجنسي. في هذا الإطار، يُشدد على ضرورة تجنب النظر إلى الرجال بنية البحث عن الجمال الجسدي أو التفكير في أمور تتعلق بالفتنة. كما يُحظر أيضًا النظر إلى الصور أو الفيديوهات التي تحتوي على مواد غير لائقة أو التي تحفز الشهوات.

تم نسخ الرابط