هآرتس: جيش الاحتلال الإسرائيلي يتعرض للتآكل بسبب حرب غزة
حذرت صحيفة هآرتس العبرية من تراجع بنية جيش الاحتلال الإسرائيلي وتآكل مفهوم “جيش الشعب”، مشيرة إلى أن هذا الشعار بات مهددًا بالخروج من القاموس العسكري، في ظل استمرار إعفاء طلاب المدارس الدينية (الحريديم) من أداء الخدمة العسكرية الإلزامية.
وأوضحت الصحيفة العبرية أن مشروع القانون الذي تعمل حكومة الاحتلال الإسرائيلي على تمريره حاليًا، والذي يكرّس عمليًا تهرّب الحريديم من التجنيد، يحمل في طياته تداعيات بالغة الخطورة.

وأضافت أن الآثار السلبية لا تقتصر على تكريس التمييز بين الإسرائيليين في مسألة الخدمة العسكرية، بل تتعدى ذلك لتطال ضرب الأساس الذي يقوم عليه نموذج جيش الشعب نفسه.
ولفتت هآرتس إلى أن الخطر الأكبر يتمثل في تزامن الدفع بهذا القانون مع واقع أمني بالغ التعقيد، إلى جانب نقص حاد في القوى البشرية يتجاوز 12 ألف جندي، فضلًا عن الضغط غير المسبوق الواقع على جنود الاحتياط، وتمديد مدة الخدمة الإلزامية للقوات النظامية.
وأضافت أن قيادات في جيش الكيان الصهيوني تدرك أن عددًا متزايدًا من الجنود النظاميين باتوا مقتنعين بأن الخدمة في الاحتياط أكثر جدوى من الخدمة في الوحدات النظامية، وذلك بسبب ارتفاع الأجور التي يحصل عليها جنود الاحتياط نتيجة المكافآت المالية.

كما يحظى جنود الاحتياط، بحسب الصحيفة، بمكانة اجتماعية وتقدير أكبر مقارنة بنظرائهم النظاميين، خاصة في أعقاب إخفاقات يوم 7 أكتوبر 2023، حيث ينظر كثير من الإسرائيليين إلى القوات النظامية على أنها أضعف أداءً، مقابل قوات الاحتياط التي سارعت، وفق تعبير هآرتس، إلى مغادرة منازلها للدفاع عن إسرائيل.
وأشارت الصحيفة إلى أن الحرب على غزة أفرزت ظواهر غير مسبوقة داخل جيش الاحتلال الإسرائيلي، من بينها انتقال جنود الاحتياط بين الوحدات المختلفة، وتحول طول مدة الخدمة إلى مصدر دخل أساسي للبعض.
وأكدت أن غالبية الجنود اكتشفوا إمكانية الجمع بين خدمة الاحتياط وممارسة أعمالهم المدنية خارج جيش الكيان، ما يتيح لهم الاستفادة من الرواتب والمزايا المدنية، إلى جانب ما يحصلون عليه من تقدير اجتماعي نظير خدمتهم في الاحتياط.
كلفة جيش الاحتلال
وانتقدت هآرتس عدم قيام الجيش بحساب الكلفة الفعلية لهذه السياسة، مشيرة إلى أنه جرى توزيع أيام خدمة الاحتياط بسخاء ومن دون مراعاة للأعباء المالية.
وأوضحت أن هذا النهج كان ضروريًا في بعض الحالات لسد النقص في الأفراد، لكنه في المقابل أدى إلى خلافات حادة بين الجيش ووزارة المالية، التي رأت في ذلك إسرافًا وتبديدًا للموارد.
وخلصت الصحيفة إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي، في مرحلة ما بعد حرب غزة، يفتقر إلى عملية إعادة تنظيم شاملة لأنظمة إدارة الموارد البشرية، محذّرة من أن كل منظومة من هذه الأنظمة باتت تنطوي على مخاطر حقيقية تهدد مستقبل الجيش.



