يجب أن تدخر 136 عاما.. كيف يمكن أن تشتري منزل في باريس؟

في بعض المناطق الفرنسية، لم يعد الفرق بين أسعار العقارات ومتوسط الدخل مجرد تحدٍ، بل تحوّل إلى هوّة متزايدة لا تُطاق. تقرير جديد نشرته صحيفة «لو فيجارو» الفرنسية كشف تصنيفًا لأسوأ المناطق من حيث قدرة السكان على تملّك العقارات، مستندًا إلى مؤشر يُظهر عدد السنوات التي يحتاجها شخص لتملك عقار، إذا ما خصّص كامل دخله لهذا الهدف.
ويُظهر التقرير أرقامًا صادمة: 136 عامًا هي المدة التي يحتاجها أحد سكان منطقة إيل دو فرانس لشراء منزل في الدائرة السادسة عشرة البرجوازية من العاصمة باريس، إذا ما خصّص كامل دخله السنوي لذلك. أما في الدائرة السابعة عشرة المجاورة، فالوضع أقل كارثية بقليل، حيث يحتاج الفرد إلى 67 عامًا من الادخار الكامل.
ورغم أن هذه الأرقام قد تبدو غير واقعية، إلا أن التقرير يؤكد أنها ليست الأسوأ في التصنيف، ما يكشف عن أزمة هيكلية أعمق في سوق العقارات الفرنسي.

نفق فريجيه
لطالما درس الاقتصاديون العلاقة بين أسعار العقارات ومستويات الدخل، والتي كانت متوازنة لعقود في فرنسا، في ما يُعرف بـ"منحنى فريجيه" (نسبة إلى الخبير الاقتصادي جاك فريجيه). هذا التوازن دام لفترة طويلة بعد الحرب العالمية الثانية، إلى درجة أنه أُطلق عليه "نفق فريجيه" بسبب تقارب مساري الأسعار والدخول.
لكن مطلع الألفية شهد نقطة تحوّل حادة، ففي الفترة بين عامي 2000 و2010، قفزت أسعار العقارات بنسبة 107%، بينما لم يسجّل متوسط الدخل سوى زيادة بـ25% فقط، بحسب بيانات المعهد الوطني للإحصاء وهيئة كُتاب العدل. ووفقًا للمقارنة مع عام 1965، أصبح من الضروري اليوم الحصول على ضعف الدخل تقريبًا لشراء نفس العقار.

فجوة مناطقية
وتفاقمت الفجوة بفعل عدة عوامل مثل العولمة العقارية، وتزايد الهجرة الداخلية والسكنية، وأبرزها الاختلالات الإقليمية، ما أدى إلى بروز تفاوتات صارخة بين المناطق، ليس فقط بين باريس وبقية المدن، بل حتى بين الأحياء الباريسية نفسها.
وتسلّط الصحيفة الضوء على حالات عبثية ظهرت نتيجة هذه الفوارق، مشيرة إلى أن بعض المواطنين الفرنسيين باتوا عاجزين تمامًا عن امتلاك أي عقار دون إرث أو دعم مالي خارجي.
وقد أطلقت الصحيفة أيضًا أداة تفاعلية تتيح للمستخدمين البحث حسب كل بلدية، لمقارنة قابلية تملك الشقق أو المنازل حسب نوع العقار ومساحته.
