"قبل وبعد صلاح".. كيف أعاد الفرعون المصري كتابة تاريخ البريميرليج بالأرقام؟
في كرة القدم، هناك لحظات تغير شكل التاريخ، وأسماء تتحول من مجرد لاعبين إلى علامات فارقة تُقسّم الزمن إلى مرحلتين قبلهم وبعدهم.
وبالنظر إلى إرث محمد صلاح في الدوري الإنجليزي الممتاز، تبدو المقارنة بين "قبل صلاح" و"بعد صلاح" أشبه بقراءة خرائط جديدة للعبة نفسها.
فالنجم المصري لم يكتفِ بتحطيم الأرقام؛ بل أعاد تعريف المعايير التي تُقاس بها عظمة اللاعبين في واحد من أقوى وأصعب الدوريات في العالم.
رحلة صعود غير مسبوقة لصلاح
منذ ظهوره مع ليفربول، بدأ صلاح رحلة صعود غير مسبوقة، صحح خلالها مفاهيم قديمة، وتجاوز أساطير طالما بدت أرقامهم عصية على الكسر.
فمثلاً، بقي الرقم التاريخي لدروجبا كأفضل هداف أفريقي في البريميرليج ثابتًا عند 99 هدفًا لسنوات طويلة، قبل أن يعيد صلاح رسم الحدود بتسجيل 189 هدفًا، مضاعفًا الإنجاز ومحوّلًا الرقم القديم إلى مجرد محطة عابرة.
الأمر نفسه انطبق على صناعة اللعب إذ تخطّى رقم دروجبا البالغ 54 تمريرة حاسمة، ليصل إلى 89 تمريرة أعادت تعريف الجناح الهداف كصانع لعب متكامل.
ولم تتوقف ثورة الأرقام عند حدود الهوية الأفريقية، بل وصلت إلى قلب سجلات الدوري نفسه، فأسطورة ليفربول روبي فاولر، صاحب القدم اليسرى الأشهر في تاريخ النادي، ظل متصدرًا قائمة الهدافين بالقدم اليسرى برصيد 105 أهداف، حتى جاء صلاح ليقفز بعيدًا مسجلًا 152 هدفًا بقدمه اليسرى فقط، في رقم لا يبدو قريبًا من الكسر.
وفي المواسم الفردية، أصبح صلاح معيارًا جديدًا بعد أن كان رقم تييري هنري في المساهمات التهديفية (44) مرجعًا لعقدين، جاء النجم المصري ليكسر القاعدة ويصل إلى 47 مساهمة في موسم واحد من 38 مباراة.
كما كسر رقم 31 هدفًا "المتشعب" بين عدة لاعبين، ليصبح صاحب أعلى سجل تهديفي في موسم واحد بـ 32 هدفًا في نسخة واحدة من الدوري الإنجليزي.
ومع مانشستر يونايتد تحديدًا، الفريق الأكثر تتويجًا في إنجلترا، كتب صلاح سردية خاصة، بعدما تجاوز رقم آلان شيرر في المساهمات المباشرة (14)، رافعًا رصيده إلى 19، ليصبح اللاعب الأكثر تأثيرًا في تاريخ مواجهات الفريقين الحديثة.
وتواصلت هيمنة النجم المصري في تفاصيل تبدو صغيرة، لكنها تصنع الفارق: من تسجيله أكبر عدد من الأهداف في الجولات الافتتاحية (10 أهداف)، إلى امتلاكه أكبر عدد من المباريات التي يسجل فيها ويصنع معًا (42 مباراة)، ثم تفوقه التاريخي على رقم روني في عدد المواسم التي تجمع بين 10 أهداف و10 تمريرات (6 مواسم).
أما على المستوى الأوروبي، فقد قلب صلاح موازين دوري أبطال أوروبا مع ليفربول. تخطّى دروغبا كأفضل هداف أفريقي في تاريخ البطولة بعدما رفع رصيده إلى 52 هدفًا، وتجاوز جيرارد كأفضل هداف في تاريخ ليفربول في دوري الأبطال بـ 51 هدفًا، إضافة إلى كسره رقم دروغبا للهدّافين غير الأوروبيين في البطولة (45 مقابل 36).
وفي داخل النادي، أصبح صلاح أعظم هداف لليفربول في تاريخ البريميرليغ (188 هدفًا)، وأكثر من حصد جائزة أفضل لاعب في الموسم بالنادي (5 مرات)، وتجاوز أساطير مثل جيرارد وفاولر وتوريس.
ولكي تكتمل اللوحة، وضع صلاح بصمات تاريخية لم يسبقه إليها أحد: أول من يسجل هاتريك في أولد ترافورد بالبريميرليج، أول من يتفوق تهديفيًا على ثلاثة أندية داخل الدوري، أول من يحقق أرقامًا مزدوجة قبل الكريسماس في ثلاثة مواسم، وأول لاعب يسجل 40 هدفًا أو أكثر مرتين في مسيرته مع نادٍ إنجليزي.