عاجل

«الطبيعة البشرية والسلوك الإنساني»... ترجمة جديدة لأفكار جون ديوي

كتاب جون ديوي
كتاب جون ديوي

 

في زمن تتصاعد فيه التوترات النفسية والاجتماعية، ويزداد فيه البحث عن إجابات لفهم دوافع الإنسان وسلوكه، يطل علينا جون ديوي، أحد أبرز فلاسفة القرن العشرين، برؤية عميقة تمزج بين الفلسفة، وعلم النفس، والتربية، ليفتح بابًا جديدًا للتفكير في طبيعتنا كبشر، 

فى  كتابه "الطبيعة البشرية والسلوك الإنساني"، الذي صدرت ترجمته العربية حديثًا عن دار "أقلام عربية" بالقاهرة بجهد الدكتور محمد لبيب النجيحي، يعيد طرح أسئلة جوهرية عن ماهية الإنسان وسلوكه، ويقلب المفاهيم التقليدية التي فصلت الذات عن بيئتها، والمبادئ عن الممارسة، ويعيد تعريف ما تم مناقشته جون منذ سنين، وفقاً لصحيفة «الشرق الأوسط».

من هو جون ديوي

ولد جون ديوي في ولاية فيرمونت عام 1859، وتميز بنبوغ مبكر أهّله للالتحاق بجامعتها في الخامسة عشرة. واصل مسيرته العلمية ليتخرج عام 1879، ثم ينال الدكتوراه من جامعة "جونز هوبكنز" في سن الخامسة والعشرين. لاحقًا، انتقل إلى جامعة شيكاغو حيث أحدث نقلة نوعية فيما عُرف بـ"التربية التقدمية"، من خلال مدرسة تجريبية طبّق فيها نظرياته التربوية الجديدة. لكن معارضة بعض الجهات الإدارية أجبرته على مغادرة الجامعة عام 1904، لينتقل إلى كلية المعلمين بجامعة كولومبيا ويستمر في العطاء الفكري حتى تقاعده في 1930.

وشكل ديوي جزءًا محوريًا من الحراك الفكري والاجتماعي في أميركا، حيث نشط في "اتحاد المعلمين" و"اتحاد الحريات المدنية للأميركيين"، وساهم في تأسيس "جمعية أساتذة الجامعات الأميركيين"، رافعًا لواء الفكر النقدي والتربوي المستنير.

كتاب الطبيعة البشرية والسلوك الانساني

أما كتابه "الطبيعة البشرية والسلوك الإنساني"، فيُعد واحدًا من أبرز كتبه وأكثرها تأثيرًا، ولا يقتصر على دراسة السلوك الإنساني فقط، بل يعيد تعريف العلاقة بين الفلسفة والتربية وعلم النفس، ويقترح تصورًا جديدًا يتجاوز النظريات التقليدية، فالسلوك الإنساني، وفقًا لديوي، لا يمكن فصله عن الطبيعة الإنسانية، ولا عن العوامل البيئية والاجتماعية التي تسهم في تشكيله. ويؤكد أن أي محاولة لفهم الذات البشرية بمعزل عن محيطها هي ضرب من الوهم.

يشدد ديوي على أن الفضائل والرذائل ليست سمات ذاتية مطلقة، بل هي أنماط من التكيف الواقعي بين قدرات الفرد والقوى المحيطة به، وفي هذا الإطار، يرفض فكرة الحياد الأخلاقي، مشيرًا إلى أن تجاهل الشر لا يعد مقاومة له، بل هو تواطؤ غير مباشر معه.

 مجموعة من الأسئلة الفلسفية العميقة

يطرح ديوي هل يمكن فصل الذات عن بيئتها؟ هل يمكن الحفاظ على ضمير نقي دون مواجهة الشر؟ هل يستطيع الإنسان أن يبقى في موقع المراقب الأخلاقي دون أن ينخرط فعليًا في المعركة القيمية حوله؟ بالنسبة له، الإجابة حاسمة: لا حياد في الأخلاق، ولا خلاص فردي دون فهم جماعي للواقع.

في مرآة ديوي، يبدو السلوك الإنساني مأزقًا أخلاقيًا واجتماعيًا لا مفر من خوضه، وفهم الطبيعة البشرية يصبح مفتاحًا لتحرير الإنسان من الكبت والعزلة، نحو وعي أوسع بالذات وبالآخر.

تم نسخ الرابط