عاجل

كوكب مشتعل.. حرب تجارية متصاعدة ودبلوماسية حذرة وصراعات إقليمية

بنيامين نتنياهو ودونالد
بنيامين نتنياهو ودونالد ترامب

بجانب الاحتباس الحراري الذي صار خطرا حقيقيا على كوكب الأرض، يزداد سطح العالم اشتعالا بسبب التوتر المتزايد على الساحة الدولية. حيث تتغير الجغرافيا السياسية التي تتشابك في تكوينها خيوط الخلافات التجارية الحادة، والتحركات الدبلوماسية غير المتوقعة، وتصاعد وتيرة الصراعات الإقليمية. هذه التطورات المتلاحقة تحمل في طياتها تأثيرات عميقة على مجمل الاستقرار العالمي والتعافي الاقتصادي الهش.

واشنطن وبكين على حافة الهاوية: تصعيد جديد في الحرب التجارية

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن نيته فرض رسوم جمركية إضافية بنسبة تصل إلى 50% على جميع الواردات القادمة من الصين، وذلك اعتبارًا من يوم الأربعاء الموافق 9 أبريل الجاري. يأتي هذا الإعلان التصعيدي بمثابة إنذار نهائي لبكين، حيث اشترط الرئيس الأمريكي تراجع الصين عن تعريفاتها الانتقامية الحالية البالغة 34% بحلول مساء غد الثلاثاء (8 أبريل) لتجنب هذه الخطوة الدراماتيكية. وأكد ترامب بلهجة حازمة أن أي مفاوضات تجارية مستقبلية مع الصين ستكون معلقة تمامًا إذا ما أصرت الأخيرة على الإبقاء على رسومها الجمركية.

في المقابل، كانت دول الاتحاد الأوروبي قد بادرت في وقت سابق بتقديم مقترح "صفر مقابل صفر" يهدف إلى إلغاء كافة الرسوم الجمركية المتبادلة على قطاعي السيارات والسلع الصناعية بين ضفتي الأطلسي، وذلك في محاولة استباقية لنزع فتيل أي تصعيد تجاري عالمي. إلا أن هذا العرض الدبلوماسي لم ينجح في ثني الإدارة الأمريكية عن المضي قدمًا في خططها لفرض تعريفات جديدة على الصين.

وقد انعكس هذا التوتر التجاري المتصاعد بشكل مباشر على أداء الأسواق المالية العالمية، حيث شهدت المؤشرات الآسيوية موجة من الانخفاضات الحادة. فقد هوى مؤشر نيكاي الياباني بنسبة 6.5%، بينما سجلت أسواق هونغ كونغ وتايوان وسنغافورة وأستراليا وكوريا الجنوبية تراجعات مماثلة. وكانت الأسهم في القطاع المالي، وخاصة أسهم البنوك الكبرى، من بين الأكثر تضررًا من هذه المخاوف التجارية.

نتنياهو في واشنطن: مساعٍ دبلوماسية وسط أجواء تجارية متوترة

في خضم هذه الأجواء التجارية المشحونة، وصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن وعقد اجتماعًا مع الرئيس ترامب في البيت الأبيض. وبذلك، أصبح نتنياهو أول زعيم أجنبي يلتقي بالإدارة الأمريكية بشكل مباشر لمناقشة تداعيات التعريفات التجارية الجديدة، والتي شملت فرض رسوم بنسبة 17% على السلع المستوردة من إسرائيل. ويسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي خلال هذه الزيارة إلى التفاوض على استثناء إسرائيل من هذه التعريفات، بالإضافة إلى بحث ملفات إقليمية أخرى ذات أهمية قصوى، وعلى رأسها تطورات الأوضاع في قطاع غزة والبرنامج النووي الإيراني المثير للجدل.

وعلى الرغم من الأهمية الاستراتيجية لهذه المباحثات الثنائية، فقد تم إلغاء مؤتمر صحفي مشترك كان مقررًا عقده بين الزعيمين بشكل مفاجئ. واكتفى كل من ترامب ونتنياهو بتقديم تصريحات مقتضبة في المكتب البيضاوي، أكدا خلالها على استمرار الحوار بين البلدين.

مفاجأة في الملف الإيراني: واشنطن وطهران تجريان محادثات نووية مباشرة

في تطور لافت وغير متوقع، كشف الرئيس ترامب عن انخراط الولايات المتحدة في محادثات مباشرة مع إيران بشأن برنامجها النووي. ومن المقرر عقد اجتماع رفيع المستوى يضم كبار المسؤولين من كلا البلدين يوم السبت المقبل. تأتي هذه المبادرة الدبلوماسية في أعقاب تحذيرات سابقة وجهها ترامب إلى طهران، مطالباً إياها بالموافقة على اتفاق نووي جديد وإلا واجهت عواقب عسكرية محتملة. وقد أعرب مسؤولون إسرائيليون عن تشككهم العميق في فرص نجاح هذه المفاوضات، لكنهم يعتزمون عرض وجهة نظرهم على الجانب الأمريكي خلال هذه المناقشات الحساسة.

غزة تحترق: تصعيد خطير ينذر بكارثة إنسانية

يشهد قطاع غزة تصعيدًا غير مسبوق في وتيرة العنف. فقد نفذت القوات الإسرائيلية سلسلة من العمليات العسكرية أسفرت عن مقتل أكثر من 50 فلسطينيًا، تضمنت قصف خيام مؤقتة كانت تؤوي عائلات نازحة. كما أصدرت السلطات الإسرائيلية أوامر نزوح جديدة لسكان مناطق في دير البلح، مما يزيد من تفاقم الأوضاع الإنسانية المتردية في القطاع المحاصر.

وتشير التقارير الميدانية إلى أن ثلثي الضحايا الذين سقطوا في الضربات الأخيرة كانوا من النساء والأطفال، مما يسلط الضوء على الثمن الباهظ الذي يدفعه المدنيون جراء هذا الصراع الدائر. وقد عبر المجتمع الدولي عن قلقه العميق إزاء هذا التصعيد الخطير وتأثيره المدمر على حياة المدنيين الأبرياء.

عالم على صفيح ساخن

إن هذا التزامن المقلق بين السياسات التجارية العدوانية، والمفاوضات الدبلوماسية الحذرة، وتصاعد الصراعات الإقليمية يؤكد دخول العالم مرحلة جديدة من عدم اليقين الجيوسياسي والاقتصادي. وستكون لنتائج هذه التطورات المتشابكة تداعيات بعيدة المدى على العلاقات الدولية، والاستقرار الاقتصادي العالمي، والأوضاع الإنسانية في مناطق الصراع المختلفة.

تم نسخ الرابط