ترامب وحلفاؤه.. تداخل المصالح بين السياسة والأعمال في إدارة البيت الأبيض

سلطت صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية الضوء على تداخل المصالح بين السياسة والأعمال في إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مشيرة إلى أن ما يحدث اليوم يعكس مستوى جديدًا من تداخل المصالح بين العمل الحكومي والمصالح التجارية.
وفي ظل إدارة ترامب، بدأ عدد من كبار المسؤولين في استخدام مناصبهم الرسمية لدعم شركات ومنتجات تتماشى مع توجهات حركة “لنجعل أمريكا عظيمة مجددًا” (MAGA).
إيلون ماسك والترويج
ذكرت الصحيفة أن حساب الملياردير الأمريكي إيلون ماسك الرئيس التنفيذي لشركة تسلا، عبر منصة X التي يملكها، يتنقل بين الترويج لعلاماته التجارية مثل “سبيس إكس” و”تسلا”، وبين إطلاق تصريحات تحمل طابعًا سياسيًا قد يعيد تشكيل السياسات الحكومية. يساهم ماسك في تعميق التداخل بين السياسة والأعمال من خلال تصرفات تعكس تحالفه مع السياسات التجارية للرئيس ترامب.
وزير التجارة يدعو
كما تطرق التقرير الأمريكي لوزير التجارة هوارد لوتنيك الذي ذهب إلى أبعد من ذلك، حين دعا الأمريكيين بشكل صريح إلى شراء أسهم “تسلا”، دعمًا لمسارها، حيث يعكس هذا التوجه تداخلًا ملحوظًا بين المسؤوليات الحكومية والمصالح التجارية التي تحاول تأطير سياسات ترامب.

الترويج عبر السياسة
في مشهد آخر، أفادت الصحيفة الأمريكية إلي مشاركة وزير الصحة والخدمات الإنسانية، روبرت إف. كينيدي جونيور، في حوار تحول إلى إعلان ترويجي لسلسلة مطاعم وجبات سريعة، قال إنها تتبنى مبادئ حركته الجديدة “اجعل أمريكا صحيّة مجددًا”.
هذا التداخل بين السياسة والأعمال يعكس كيف يستخدم النفوذ الحكومي كمنصة دعائية لصالح حلفاء السوق ومروّجي أفكار “MAGA”، حيث تتلاشى الحدود بين العمل العام والمصالح التجارية.
ترامب وعلاماته التجارية
لم يقتصر الأمر على ذلك، بل قام ترامب نفسه بدمج منصبه الرئاسي مع علامته التجارية الشخصية، ليحوّل البيت الأبيض إلى منصة ترويجية تخدم مصالحه المالية. فمنذ ولايته الأولى، كان ترامب يسلط الضوء على منتجات تحمل اسمه، من العملات الرقمية إلى نسخ من الإنجيل، مما يحقق له أرباحًا شخصية.
الترويج والمصالح الشخصية
كما أن ترامب لم يتردد في دعم شركات حلفائه علنًا، سواء عندما التُقطت له صور خلال ولايته الأولى وهو يروّج لعلامته التجارية المفضلة من الفاصولياء على مكتب الرئاسة، أو مؤخرًا حين استعرض سيارات “تسلا” في عرض لافت على عشب البيت الأبيض. هذه التصرفات تعكس بشكل واضح كيفية إعادة تعريف العلاقة بين القيادة السياسية والمصالح التجارية.

التساؤلات حول الأخلاقيات
أفاد التقرير بأن هذا يشير إلى تداخل واضح بين السلطة السياسية والمصالح التجارية الشخصية، وهو ما دفع بعض الخبراء إلى الإشارة إلى أن إدارة ترامب تنتهك الأعراف المتجذرة في السياسة الأمريكية، بل وفي بعض الحالات قد يكون هناك خرق صريح للقوانين التي تحظر استخدام مناصب حكومية في الترويج لمنتجات أو خدمات قد تعود بالنفع الشخصي.
الدعوة لشراء أسهم
وقال جوردان ليبويتز، نائب رئيس الاتصالات بمنظمة مواطنون من أجل المسؤولية والأخلاقيات في واشنطن (CREW) – وهي منظمة رقابية تميل إلى الليبرالية ودخلت في صدامات متكررة مع ترامب، إنه ليس من الغريب أن تروّج إدارة ما للأعمال التجارية، فمثلاً شعار “اشترِ المنتج الأمريكي” هو من السياسات التقليدية التي يدفع بها البيت الأبيض، ولكن عندما يتم الترويج لصناعة ما، يكون ذلك من خلال دعم عدة شركات تمثل هذا القطاع، وليس شركة بعينها.
التساؤلات حول الأخلاقيات
وأضاف ليبويتز أن هناك إشكاليات أخلاقية حقيقية، وتُطرح تساؤلات محرجة تحاول الإدارات عادة تجنّبها.
وقالت الصحيفة إن هذا التصريح يوضح أن هناك تساؤلات حقيقية حول أخلاقيات تصرفات إدارة ترامب، حيث باتت السياسة تتداخل مع المصالح التجارية الخاصة بطريقة تثير القلق.
ترويج لتسلا والسياسة
وفي الشهر الماضي، أثار وزير الصحة والخدمات الإنسانية الأمريكي، روبرت كينيدي الابن، جدلاً واسعًا بعد ظهوره المفاجئ إلى جانب الإعلامي المحافظ شون هانيتي في أحد فروع سلسلة مطاعم الوجبات السريعة “Steak ’n Shake” بولاية فلوريدا.
هذه السلسلة كانت تسعى بوضوح إلى كسب دعم قاعدة ترامب الشعبية، خلال اللقاء، الذي بدا أشبه بإعلان ترويجي، امتدح كينيدي قرار السلسلة بالتخلّي عن الزيوت النباتية المصنّعة.
الترويج والمصالح التجارية
قال كينيدي ضاحكًا لهانيتي: “سلسلة Steak ‘n Shake كانت رائعة. نحن ممتنون لهم لأنهم قاموا بـ‘RFK’ing’ البطاطس المقلية – لقد حوّلوني إلى فعل!” هذا الترويج يبدو وكأنه مزيج بين السياسة والمنتجات التجارية، ما يعكس التداخل المتزايد بين القطاعين في عهد ترامب.
التسويق والسياسة في "Steak 'n Shake"
ونطرق التقرير الأمريكي إلي أن وسائل الإعلام لم تتمكن من الحصول على تعليق رسمي من سلسلة “Steak ’n Shake”، التي أطلقت مؤخرًا عرضًا ترويجيًا لافتًا، حيث قدّمت عرض “واحدة مجانية مقابل الأخرى” على البطاطس المقلية لكل من يقود سيارة “تسلا”، في خطوة بدت وكأنها موجهة خصيصًا لجمهور النخبة المحافظة المرتبطة بعالم ترامب وإيلون ماسك.

إيلون ماسك والسلطة
في الوقت نفسه، يواصل إيلون ماسك – الذي يشغل دورًا خاصًا كموظف حكومي مكلف بإعادة تشكيل قطاعات واسعة من الدولة – الترويج النشط لإمبراطورياته الخاصة، وعلى رأسها شركتا “SpaceX” و”Tesla”، حيث صنع ثروته وسمعته العالمية.
لم يخفِ ترامب دعمه لمشاريع ماسك، إذ حضر شخصيًا إطلاق أحد صواريخ “SpaceX” بعد أسبوعين فقط من فوزه في انتخابات نوفمبر 2024، في مشهد يعكس تقاطع المصالح بين رجال السلطة ورجال الأعمال في عهد “ترامب الثاني”.
تضارب المصالح والشفافية
في رد على التحذيرات التي أطلقتها الجهات الرقابية المعنية بالأخلاقيات، قال المتحدث باسم البيت الأبيض، هاريسون فيلدز، في بيان رسمي إن جميع مسؤولي الإدارة سيلتزمون بمتطلبات تضارب المصالح.
ورغم الضجة المثارة، امتنعت كل من وزارة الصحة والخدمات الإنسانية، ومكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، ووزارة التجارة عن التعليق على ما ورد في التقرير.
موقف إيلون ماسك من الشفافية
أما إيلون ماسك، فقد سبق أن رفض تمامًا وجود أي تضارب محتمل بين مهامه الحكومية وأعماله التجارية، وقال خلال ظهوره في المكتب البيضاوي في فبراير الماضي إن قرارات “DOGE” – في إشارة إلى دوره الحكومي “شفافة إلى أقصى حد”، مضيفًا أن إمكان الأمريكيين أن يروا بأنفسهم ما إذا كنت أتخذ قرارات تصبّ في مصلحة إحدى شركاتي أم لا… كل شيء واضح تمامًا.
مواصلة تأثير حركة MAGA
وتطرق الصحيفة إلي أن بعض الشخصيات المؤثرة في أوساط حركة “MAGA”، الذين سبق لهم بيع منتجات موجهة لمؤيدي ترامب، وجدوا لأنفسهم طريقًا داخل أروقة الإدارة الأمريكية.
من بين هؤلاء، مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) كاش باتيل، الذي يذكر بفخر في سيرته الذاتية على موقع المكتب وكذلك على حسابه عبر منصة X، أنه مؤسس “مؤسسة كاش”، وما تزال هذه المؤسسة تروّج لمنتجات تحمل طابعًا أيديولوجيًا واضحًا.
إشادة لوتنيك بماسك
أما وزير التجارة هوارد لوتنيك، فقد أخذ الترويج للعلامات التجارية إلى مستوى جديد تمامًا. فخلال ظهوره في برنامج عبر قناة “فوكس نيوز” الشهر الماضي، لم يفوّت الفرصة للإشادة بإيلون ماسك، واصفًا إياه بأنه “أفضل رائد أعمال، وأفضل تكنولوجي، وأفضل قائد لمجموعة شركات في أمريكا”، وأضاف بحماسة: “لقد أنقذ رواد الفضاء”، في إشارة إلى عودة اثنين من رواد ناسا إلى الأرض في مارس الماضي على متن إحدى كبسولات شركة “SpaceX”.

منصات تجارية للحركة السياسية
هكذا، يمتد تأثير حركة ترامب وأدواتها الإعلامية والتجارية من الحملات السياسية إلى مؤسسات الحكم نفسها، حيث تتحول المناصب العامة إلى منصات تمجيد وترويج لمصالح ومفاهيم تنسجم مع سرديات “MAGA” وشخصياتها البارزة.
وزير التجارة والمصالح التجارية
لكن مديح هوارد لوتنيك، وزير التجارة، لم يتوقف عند الإشادة بعقلية ماسك الريادية، بل ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، حين دعا بشكل مباشر المواطنين الأمريكيين إلى شراء أسهم شركة “تسلا”، في خطوة أثارت انتقادات.