وسط تصاعد العنف.. الدومينيكان ترفع درجة التأهب القصوى على حدودها مع هايتي

في أعقاب التدهور الأمني والإنساني الحاد في دولة هايتي المجاورة، أعلنت حكومة جمهورية الدومينيكان اليوم الاثنين، عن رفع حالة التأهب إلى الدرجة القصوى على طول حدودها المشتركة. يأتي هذا الإجراء الاحترازي في ظل تصاعد أعمال العنف التي تقودها العصابات المسلحة في هايتي، والتي أجبرت آلاف المدنيين على الفرار بحثًا عن الأمان، وهذا ما جعل الفارين يتوجهون نحو الحدود الدومينيكية.
وأكدت السلطات في سانتو دومينغو، في بيانات رسمية، البدء الفوري في تعزيز الوجود العسكري على الشريط الحدودي، حيث يجري نشر قوة إضافية قوامها 1500 جندي. وبذلك، يرتفع إجمالي عدد القوات المنتشرة على الحدود إلى 11 ألف جندي، في محاولة للسيطرة على تدفق اللاجئين المحتمل وتأمين الحدود الوطنية.
بالإضافة إلى ذلك، أصدر الرئيس الدومينيكاني لويس أبينادر أوامر بتسريع وتيرة مشروع توسيع الجدار الحدودي القائم، وذلك بإضافة 13 كيلومترًا أخرى إلى طوله الحالي. وتأتي هذه الخطوة في إطار استراتيجية الحكومة لتعزيز الأمن الحدودي ومنع تدفق غير نظامي للمهاجرين.
وفي سياق متصل، يشهد الوضع الداخلي في هايتي أزمة إنسانية وأمنية متفاقمة، توصف بأنها الأسوأ منذ سنوات عديدة. فقد بسطت جماعات مسلحة نفوذها على مناطق استراتيجية حيوية، بما في ذلك أجزاء من العاصمة بور أو برانس، ومدن كينسكوف وكارفور. وتتزايد حدة الاشتباكات الدامية بين هذه العصابات والسكان المحليين، مما يزيد من معاناة المدنيين.
كارثة إنسانية
أشارت تقارير صادرة عن الأمم المتحدة وموقع "ريليف ويب" إلى حجم الكارثة الإنسانية، حيث وثقت مقتل ما لا يقل عن 262 شخصًا خلال الأسبوع الماضي وحده، من بينهم 115 مدنيًا و147 عنصرًا مسلحًا. كما أدت هذه الاشتباكات إلى إصابة 66 شخصًا آخر بجروح متفاوتة الخطورة. ونتيجة للعنف المتصاعد، نزحت مئات العائلات قسرًا من ديارها، وفقدت سبل عيشها وممتلكاتها.
وقد أطلقت المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة نداءات عاجلة للمجتمع الدولي، مطالبة بتحرك فوري وحاسم لوقف دوامة العنف التي تجتاح هايتي. وأكدت في بياناتها أن المدنيين، وخاصة النساء والأطفال، يتعرضون لانتهاكات جسيمة تشمل القتل الجماعي، والاغتصاب والعنف الجنسي، وتجنيد الأطفال قسرًا في صفوف العصابات، بالإضافة إلى تدمير البنية التحتية الأساسية مثل المرافق الصحية والتعليمية. ووصفت المفوضية الوضع في هايتي بأنه "انهيار شامل للنظام"، مشيرة إلى أن أكثر من 1.1 مليون شخص قد أُجبروا على النزوح الداخلي خلال العام الماضي فقط، مما يبرز حجم الأزمة الإنسانية المتفاقمة.

تهديد إقليمي
اتخذت جمهورية الدومينيكان موقفًا حازمًا بشأن مسألة عبور الحدود. فقد صرح الرئيس لويس أبينادر بوضوح أن بلاده "لن تسمح بأن تتحول إلى ممر مفتوح للفوضى"، مؤكدًا على عزم حكومته على تنفيذ خطط جديدة تهدف إلى تسريع عمليات ترحيل المهاجرين غير الشرعيين الموجودين على أراضيها.
وقد أعلنت وزارة الهجرة في الدومينيكان عن استعدادها لتنفيذ عمليات ترحيل مكثفة قد تصل إلى 10 آلاف مهاجر هايتي أسبوعيًا. وقد أثارت هذه الخطوة قلقًا بالغًا لدى منظمات حقوق الإنسان الدولية، التي حذرت من مغبة ترحيل اللاجئين وطالبي اللجوء المحتملين إلى منطقة تشهد نزاعًا مسلحًا وعنفًا واسع النطاق.
لم يعد الوضع المأساوي في هايتي مجرد أزمة داخلية. لقد تحول إلى تهديد إقليمي وإنساني يستدعي تحركًا دوليًا عاجلاً ومنسقًا. ويتطلب الأمر استجابة تتجاوز البيانات والإدانات الدبلوماسية، وتترجم إلى إجراءات عملية وفعالة لحماية المدنيين الأبرياء في هايتي، ودعم الجهود الرامية إلى استعادة الأمن والاستقرار في الدولة الهشة، ومنع تدفق اللاجئين بشكل غير منظم إلى الدول المجاورة.