عاجل

في عصر المعلومات والتكنولوجيا، لم تعد الحروب تعتمد على الأسلحة التقليدية فقط، بل تحولت إلى حروب نفسية واجتماعية تهدف إلى زعزعة الاستقرار والتأثير على الرأي العام. وتُعد الشائعات من أخطر الأدوات المستخدمة في هذه الحروب؛ حيث تستغل الميل الطبيعي للإنسان إلى تصديق ما يتوافق مع عواطفه، حتى وإن كان بعيدًا عن الحقيقة.
وفي العصر الحديث، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي من أقوى الأدوات الإعلامية؛ حيث لعبت دورًا بارزًا في نقل المعلومات حول الأحداث والقضايا المختلفة، وأسهمت في تفسيرها ونشرها على نطاق واسع إلا إن هذا التطور صاحبه جانب مظلم؛ حيث استغلت التنظيمات المتطرفة والحركات ذات الأجندات الخفية وسائل التواصل الاجتماعي بوصفها أداة فعالة لنشر الشائعات وتزييف الحقائق، فقد أصبحت هذه المنصات ساحة مفتوحة لترويج الأكاذيب، وبث الخوف والقلق، وتعميق الأزمات السياسية والاجتماعية ، وظهر ذلك فى الأونة الأخيرة ، وكشف  عن الدور الخطير الذي لعبته وسائل التواصل الاجتماعي في نشر الفوضى من خلال تضخيم الأخبار الكاذبة وترويج معلومات مضللة حول بعضاً من المشاكل الإجتماعية ، حيث تعمدت التنظيمات ومروجى الإشاعات  إلى بث سمومها المدروسة من أجل تضليل الرأى العام وإثارة الفتنة وزعزعة الإستقرار العام . 
ومن الناحية الأخلاقية ، فإن نشر الفتن وبث الشائعات من الأمور المحرمة والتى تستوجب عقاباً دينياً ، ونظراً لعدم كفاية العقاب الدينى الذى يستهين به هؤلاء الأشخاص ، فإن معظم التشريعات والقوانين الوضعية قد أفردت عقاباً ملموساً فى مواد قانون العقوبات والقوانين ذات الصلة ، وقد إنتهج المشرع المصرى هذا النهج بأن أفرد العديد من النصوص التى تجرم وتعاقب مروجى الإشاعات، ورغم صلاحية هذه النصوص لمنع أو التقليل من أثار هذه الظاهرة وتلك الممارسات ، إلا انها أصبحت غير كافية فى تحقيق الردع العام والخاص لدى البعض ، فعلى الرغم من تكفل المواد 80(د)، و102 مكرر، و188 من قانون العقوبات والتى تعاقب مروجى الإشاعات بعقوبات الحبس والغرامة أو كليهما معاً مع تفاوت مقدارالعقوبة وفقاً لكل حالة ، إلا أن الأثار تتزايد كل يوم ، وتتنوع الأساليب التى ينتهجها الجناة ، وتقف جهات التحقيق فى بعض الأحيان حائرة عن تتبع مصدر تلك الإشاعات ومنبع بثها ، خاصة مع تزايد مهارة الجناة وتوافر الدعم التقنى والفنى لديهم.
الأمر الذى ، يستوجب وعيًا مجتمعيًّا أكبر لمواجة هذه الظواهر ، وتعزيز الوعي الإعلامي، وتشديد القوانين على مروجي الأكاذيب، وحسناً فإن الحكومة المصرية بصدد إعداد تعديلاً تشريعياً يتضمن تشديد العقوبات على مروجى الإشاعات لوأد هذه الظاهرة ، كما أننا بحاجة إلى صحوة تكنولوجية تعتمد علي تتبع منبع ومصدر كل صفحة أو موقع أو رابط لتحديد هوية الجناة فور أرتكابهم للأفعال الإجرامية . 

تم نسخ الرابط