فون دير لاين أكدت أنها مستعدة للتفاوض
الاتحاد الأوروبي يراهن على "مفاوضات ناعمة" مع ترامب لإعفاء الرسوم الجمركية

في خطوة هامة نحو تعزيز العلاقات التجارية بين أوروبا والولايات المتحدة، أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، عن عرض الاتحاد الأوروبي للولايات المتحدة "إعفاء كامل ومتبادل" من الرسوم الجمركية على السلع الصناعية، بحسب "دويتشه فيله".
ويأتي هذا العرض في أعقاب فرض الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لرسوم جمركية على التجارة العالمية، وهو ما دفع إلى مناقشات موسعة بشأن مستقبل العلاقة التجارية عبر الأطلسي.
مستعدون للتفاوض
في تصريحاتها، أكدت فون دير لاين أن الاتحاد الأوروبي مستعد تمامًا للتفاوض مع واشنطن حول هذا العرض، وأن أوروبا كانت دائمًا مستعدة للبحث عن "صفقات جيدة".
وأضافت أن العرض قد تم تقديمه لواشنطن في العديد من المناسبات، خاصة في قطاع السيارات، دون أن تتلقى المفوضية الأوروبية رداً مناسباً من الجانب الأمريكي.
كما أشارت إلى أن الاتحاد الأوروبي لا يزال يحتفظ بالعرض على الطاولة، مما يفتح الباب لإمكانية التوصل إلى اتفاق مستقبلي بين الجانبين.
إلى جانب ذلك، أوضحت المفوضية الأوروبية أن هذا العرض جزء من المفاوضات الجارية بين مفوض التجارة الأوروبي ماروس سيفكوفيتش، والسلطات الأمريكية.
وفي حال فشل المفاوضات، أكدت المفوضية أنها مستعدة لاتخاذ إجراءات مضادة، بما في ذلك الدفاع عن مصالحها من تأثيرات الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب، بالإضافة إلى حماية السوق الأوروبي من تدفق السلع الرخيصة، خاصة من الصين.

جدل واسع
من جهة أخرى، تسببت تصريحات إيلون ماسك مستشار الرئيس الأمريكي والمشرف على إدارة الكفاءة الحكومية (DOGE)، نهاية الأسبوع الماضي، في إثارة الجدل في الأوساط الأوروبية، حيث دعا ماسك إلى تأسيس منطقة تجارة حرة بين أوروبا والولايات المتحدة، وهو ما لاقى ردود فعل متباينة بين المسؤولين الأوروبيين.
في حين وصف وزير التجارة الفرنسي، لوران سان مارتان، الفكرة بأنها "رائعة"، ذهب وزير الخارجية الإيطالي، أنتونيو تاياني، أبعد من ذلك بتحدثه عن حلمه في إنشاء سوق أوروبية موحدة عبر الأطلسي خالية من الرسوم الجمركية.
لكن الحكومة الألمانية -التي تعد أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي- رفضت بشدة هذه الفكرة، معتبرة أن ماسك كان يحاول حماية مصالحه الشخصية في ظل المخاوف من تأثير النزاعات التجارية على شركاته مثل "تسلا".
وقال وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك إن "التصريحات غير ملائمة وغير ضرورية في هذا الوقت"، مشيرًا إلى أن الضغط الآن يقع على الولايات المتحدة بسبب قرارات ترامب السابقة.
وفي سياق آخر، أكدت الحكومة الألمانية أنها تفضل الحوار مع الولايات المتحدة لتجنب التصعيد في النزاع التجاري، وأن الهدف الأساسي هو مواصلة خفض الحواجز التجارية بين البلدين دون التسبب في اندلاع حرب تجارية.
وقال المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن هيبشترايت، إن ألمانيا لا تسعى إلى التسبب في مزيد من التوترات التجارية، بل ترغب في الوصول إلى حلول وسط تحفظ مصالحها الاقتصادية وتساهم في استقرار العلاقات التجارية عبر الأطلسي.
مستقبل العلاقات
يبقى السؤال المطروح حول مستقبل العلاقات التجارية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة مرهونًا بنتائج المفاوضات الجارية ومرونة الطرفين في التوصل إلى حلول تحقق المصالح المشتركة، فبينما يسعى الاتحاد الأوروبي إلى تعزيز التعاون الاقتصادي مع واشنطن من خلال عرض الإعفاء من الرسوم الجمركية، يبقى الضغط على الولايات المتحدة للتفاعل بشكل إيجابي مع هذه المبادرة.
وتحقيق صفقة تجارية عادلة قد يكون خطوة حاسمة نحو ترسيخ علاقة اقتصادية أكثر استقرارًا بين القارتين، وهو ما سيعود بالنفع على الاقتصاد العالمي في وقت يشهد تحديات تجارية متزايدة، في النهاية، يعتمد النجاح على التفاوض المسؤول والتوازن بين حماية المصالح الوطنية وفتح آفاق التعاون الدولي.