بين رافال وردع 300.. مصر تقود نهضة عسكرية غير مسبوقة في الشرق الأوسط
اللواء سمير فرج: السيسي صنع جيشًا قادرًا على الردع وحماية الأمن القومي |خاص
اللواء محمد عبد الواحد: مصر تصدر منتجاتها الدفاعية لأكثر من 30 دولة حول العالم
شهدت مصر تطوراً كبيراً في صناعة المعدات العسكرية، متحولة من الاعتماد الكبير على الاستيراد إلى تحقيق مستويات متقدمة من الإنتاج المحلي والتصميم المشترك، لتصبح اليوم الدولة الأهم في هذا المجال في العالم العربي وأفريقيا.
0233879841
صناعة المعدات العسكرية
حيث تعتمد الصناعة العسكرية المصرية حالياً على كيانات رئيسية، أبرزها الهيئة القومية للإنتاج الحربي والهيئة العربية للتصنيع (AOI)، والتي تشرف على عدد من المصانع المتخصصة، وتشمل الإنجازات الأخيرة ما يلي:
المركبات المدرعة: إنتاج مجموعة متنوعة من المركبات المدرعة مثل "تمساح" و "سينا 200" و "قادر-1" بمستويات حماية مختلفة.
المدفعية والذخائر: إنشاء خط إنتاج لمدفع الهاوتزر ذاتي الحركة K9 A1 EGY بالتعاون مع كوريا الجنوبية، وتصنيع الذخائر المحلية له.
الأنظمة البحرية: قدرات متقدمة في بناء السفن، بما في ذلك فرقاطات من طراز MEKO A-200 وطراز Gowind بالتعاون مع شركاء دوليين.
الأنظمة الجوية غير المأهولة (المسيرات): أعلنت مصر مؤخراً عن التعاون مع تركيا لإنتاج طائرات مسيرة محلية الصنع (Hamza-1)، وتطوير قدرات مكافحة الطائرات المسيرة.

معرض إيدكس 2025
ومن أهم الصناعات العسكرية ما تم عرضه في معرض مصر الدولي للدفاع EDEX 2025، حيث تم الكشف لأول مرة عن المنظومة المصرية الجديدة «ردع 300»، وهي راجمة صواريخ موجهة مجنزرة متعددة الأعيرة، قادرة على مهاجمة أهداف على مسافات تصل إلى 300 كيلومتر، وتتحرك بسرعة 40 كم/ساعة، مع قدرة كاملة على العمل في الطرق الممهدة وغير الممهدة، وإطلاق أنواع مختلفة من الذخائر الموجهة، منها:
«ردع 300»
وتُعد منظومة ردع 300 تطويرًا متقدّمًا لمنظومة رعد 200 عيار 122 ملم التي عُرضت في معرض EDEX 2023. ويعتمد النظامان على منصة مجنزرة من طراز ATC-59G، التي ينتجها مصنع 200 الحربي. وقد تم إزالة معظم الهيكل الخلفي للمركبة لإتاحة مساحة لتثبيت القاذف على منصة دوارة بالكاملتهاجم أهدافًا على مسافات حتى مدى (300) كم.
«هاوتزر 155»
الهاوتزر 155 مم هو مدفع ميداني ثقيل بـ عيار 155 ملم يُستخدم لدعم القوات النارية بعيدة المدى، ويُعرف بمداه الكبير وقدرته على إطلاق ذخائر متنوعة، ويوجد منه أنواع مقطورة (مثل M114) وذاتية الحركة على عربات مدرعة (مثل K9A1 و AS90 و Caesar و RCH 155)، وهو سلاح أساسي في المدفعية الحديثة لدعم الأهداف الثابتة والمتحركة بمدى يتجاوز عادةً 40 كم.
«رعد 200»
تُعد "رعد 200" منصة إطلاق صواريخ متعددة متكاملة، مزودة بقاذف متعدد الفوهات للصواريخ غير الموجهة، ما يمنحها قدرة عالية على تنفيذ ضربات نارية كثيفة وتحقيق تأثير ردعي في الميدان، وتتميز المنظومة بقدرتها على التحرك بشكل مستقل وفعال، حيث يمكنها الانتشار السريع والتموضع، ثم إعادة التموضع بعد الإطلاق وفق آلية "Shoot-and-scoot"، لتقليل التعرض لنيران العدو وزيادة فرص النجاة في الميدان.

«مركبات سيناء 806»
"سينا 806" وهي من أحدث مركبات الإصلاح والنجدة، وتعمل مع تشكيلات المركبات المدرعة سينا 200، حيث تقوم بعمليات الإصلاح والنجدة اللازمة للمركبات ذات الجنزير، وهي مزودة بونش رفع حمولة حتى 2 طن، وونش سحب بقدرة 15 طن يمكن مضاعفتها إلى 30 طن، كما توجد مركبة خفيفة (4×4) مجهزة بالمدفع الثنائي 23 مم بعد تطويره لتقليل الارتداد، ويُستخدم ضد الأهداف الأرضية والجوية، ويمتاز بمعدل نيران يصل إلى 1600 طلقة/الدقيقة، ومدى يزيد عن 2 كيلومتر للأهداف الأرضية و2.5 كيلومتر للأهداف الجوية، ويمكن استخدامه في الإطلاق الزوجي أو الفردي.
تطورت مصر في صناعة المعدات العسكرية
وفي التقرير التالي يرصد لكم موقع نيوز رووم، أراء الخبراء العسكريين في كيف تطورت مصر في صناعة المعدات العسكرية خلال الأونة الأخيرة؟
ومن جانبه قال اللواء محمد عبد الواحد، الخبير العسكري، إن الصناعات العسكرية في مصر شهدت خلال السنوات الأخيرة تطورًا غير مسبوق، مؤكدًا أن هذا التطور جاء مدفوعًا بأهداف استراتيجية واضحة تسعى إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من الاحتياجات الدفاعية وتعزيز القدرات القتالية للقوات المسلحة.

الدولة عملت على تنويع شراكاتها الدولية في مجال التصنيع
وأوضح اللواء محمد عبد الواحد في تصريحات خاصة لـ نيوز رووم، أن الدولة عملت على تنويع شراكاتها الدولية في مجال التصنيع العسكري بهدف امتلاك قدر من الاستقلالية وعدم الارتباط بتيار سياسي أو نظام دولي واحد، إلى جانب التركيز على توطين التكنولوجيا من خلال التعاون مع شركات عالمية تمتلك خبرات متقدمة.
وأضاف أن الاستراتيجية المصرية في هذا الملف لم تكن عسكرية فقط، بل حملت أيضًا أبعادًا اقتصادية مهمة، أبرزها التوسع في تصدير المنتجات الدفاعية وتقليل حجم الواردات بما يحافظ على احتياطي النقد الأجنبي، مشيرًا إلى أن الصناعات العسكرية أصبحت تفتح آلاف فرص العمل وتخلق قيمة اقتصادية مضافة.
وأشار إلى أن هذا الاهتمام الكبير بقطاع الدفاع جاء في ظل تحديات جيوسياسية معقدة تحيط بمصر من كل الاتجاهات، سواء من الغرب عبر ليبيا، أو من الجنوب نتيجة الأوضاع في السودان وملف سد النهضة، أو من الشرق في ظل التصعيد بغزة، بالإضافة إلى التنافس على موارد الغاز في البحر المتوسط من الشمال.
تطوير الصناعات الدفاعية أصبح جزءًا أساسيًا من خطط تحديث القوات المسلحة
وأكد أن تطوير الصناعات الدفاعية أصبح جزءًا أساسيًا من خطط تحديث القوات المسلحة، موضحًا أن مصر أنشأت خلال الفترة الماضية نحو 84 خط إنتاج جديد لإنتاج الأسلحة والذخائر والمعدات المختلفة، لتغطية احتياجات الجيش وتصدير الفائض.

ولفت إلى أن مصر نجحت في إنتاج أجزاء من مقاتلات الرافال، والعربات المدرعة، والذخائر، والطائرات المسيّرة، وجزء من المدافع الكورية K-9، فضلًا عن تصنيع قطع من الصواريخ التكتيكية، والسفن الحربية داخل الترسانة البحرية بالإسكندرية، إلى جانب مشاركتها في مشروع مقاتلة شبحية بالتعاون مع تركيا.
وأوضح اللواء عبد الواحد أن نسبة المكوّن المحلي في بعض المنتجات الدفاعية تتراوح بين 60% و90%، باستثناء الأنظمة الإلكترونية والمحركات التي ما زالت صناعات معقدة تتطلب مستويات تكنولوجية عالية.
مصر تصدر منتجاتها الدفاعية إلى أكثر من 30 دولة حول العالم
وأشار إلى أن مصر باتت تُصدّر منتجاتها الدفاعية إلى أكثر من 30 دولة حول العالم، من بينها دول أوروبية، وهو ما يعكس الثقة في الصناعة العسكرية المصرية ويعزز مكانتها الإقليمية.
ورغم إشادته بالتطور الكبير، أشار عبد الواحد إلى أن هناك تحديات ما زالت قائمة، أبرزها استمرار الاعتماد على التكنولوجيا المستوردة، ونقص التمويل في ظل الضغوط الاقتصادية وانخفاض قيمة العملة، إلى جانب الحاجة إلى تدريب أكثر تطورًا لرفع الإنتاجية.
وأوضح أن التطور الصناعي في قطاع الدفاع يمثل مسارًا إيجابيًا ومستدامًا، لكنه يحتاج إلى توازن دقيق بين سرعة التنفيذ وعمليات توطين التكنولوجيا والإصلاحات الاقتصادية، حتى لا تتحول الضغوط الجيوسياسية إلى أعباء إضافية تزيد من حجم الديون أو تهدد الاستقرار الاقتصادي.
وختم اللواء محمد عبد الواحد مؤكداً أن مسار تطوير الصناعات العسكرية في مصر يمثل ضرورة استراتيجية لتعزيز الأمن القومي وتحقيق مرونة أكبر في مواجهة التهديدات، وأن ما تحقق خلال السنوات الماضية يعد خطوة كبيرة في الاتجاه الصحيح.
نقلة نوعية غير مسبوقة في قدرات الصناعة الدفاعية المصرية
ومن جانبه قال اللواء سمير فرج، الخبير العسكري والإستراتيجي، إن التطور الذي شهدته الصناعات العسكرية المصرية خلال السنوات الماضية أصبح واضحًا بشهادة العالم، خاصة بعد عرض عدد كبير من المعدات العسكرية الجديدة لأول مرة في معرض إيديكس 2025، وهو ما يعكس نقلة نوعية غير مسبوقة في قدرات الصناعة الدفاعية المصرية.

وأكد فرج، في تصريحات خاصة لـ نيوز رووم، أن هذا التطور لم يأتِ من فراغ، بل كان ضمن رؤية استراتيجية تبناها الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ اللحظة الأولى لتوليه مسؤولية قيادة البلاد، مشيرًا إلى أن الرئيس وضع هدفًا رئيسيًا يتمثل في تطوير القوات المسلحة وتعزيز قدراتها؛ لتكون قادرة على حماية مقدرات الدولة عسكريًا واقتصاديًا.
تنويع مصادر السلاح.. أول مسار للتطوير
وأوضح الخبير العسكري، أن خطة التطوير اعتمدت على مسارين متوازيين، الأول هو تنويع مصادر التسليح حتى لا تعتمد مصر على مصدر واحد، قائلا: إن مصر نجحت خلال السنوات الأخيرة في الحصول على أحدث المعدات من مختلف الدول، ومنها:
مقاتلات رافال وحاملتا المروحيات ميسترال من فرنسا
الفرقاطات الحديثة من إيطاليا
4 غواصات ألمانية من طرازات متقدمة
المقاتلات ميغ-29 من روسيا
المسيرات من الصين
المدفع ذاتي الحركة «K-9» من كوريا الجنوبية
وأكد فرج، أن هذا التنوع منح القوات المسلحة قوة إضافية ومرونة استراتيجية تُمكّنها من مواجهة أي تهديدات أو تحديات مفاجئة.
تطوير الصناعات الحربية.. المسار الثاني والأكثر أهمية
وأشار اللواء سمير فرج إلى أن المسار الثاني في خطة التطوير كان تحديث الصناعات الحربية المصرية، وهو ملف لم يشهد تطويرًا حقيقيًا منذ إنشاء هذه المصانع عقب ثورة 1952.
وأوضح فرج، أن الاعتماد على الخارج في أوقات الحروب أو الأزمات قد يواجه صعوبات تتعلق بتوفير الذخائر أو قطع الغيار، وهو ما يجعل وجود صناعة عسكرية وطنية قوية أمرًا ضروريًا.
وقال إن الدولة بدأت بالفعل في تحديث المصانع الحربية والهيئة العربية للتصنيع، وبدأت في تصنيع جانب كبير من احتياجات القوات المسلحة محليًا. وكشف عن أن مصنع الطائرات في حلوان، على سبيل المثال، بدأ في إنتاج بعض مكونات الطائرة الفرنسية رافال، إضافة إلى الدخول في شراكات لصناعة المسيرات.
وأضاف: «الرئيس السيسي كان صاحب رؤية واضحة في تنظيم معرض إيديكس؛ لأنه بوابة مهمة لعرض أسلحتنا وتسويق صناعاتنا العسكرية للعالم، ولذلك شهدت الدورات الأخيرة تطورًا هائلًا في مستوى العرض والمحتوى».
تحديات الصناعة العسكرية
وحول التحديات التي تواجه قطاع الصناعات الدفاعية، أكد اللواء فرج أن أبرزها يتمثل في:
التحديات المالية المرتبطة بضخ استثمارات كبيرة في التكنولوجيا والتطوير
نقل التكنولوجيا (Know-how) وهو أمر يتطلب توازنات سياسية حساسة
صعوبة الحصول على تقنيات معينة من بعض الدول دون أن يسبب ذلك توترًا مع دول أخرى، في ظل التنافس الدولي
وأضاف أن هذه التحديات طبيعية لأي دولة تطمح لبناء صناعة عسكرية قوية، مشيرًا إلى أن مصر تخطو خطوات ثابتة وواثقة في هذا الاتجاه.
وتابع: أن ما تحقق في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي يُعد «أكبر عملية تحديث عسكري شهدتها مصر منذ عقود»، وأن استمرار تطوير التصنيع الحربي يمثل ضمانة حقيقية لحماية الأمن القومي وتعزيز مكانة مصر الإقليمية والدولية.