خروج من الباب الصغير.. خريطة أسباب هزائم المنتخبات الوطنية
شهدت الفترة الأخيرة موجة من خيبات الأمل للكرة المصرية على مستوى المنتخبات الوطنية، حيث ودّع منتخب مصر للناشئين تحت 17 عامًا، ومنتخب الشباب، ومنتخب المحليين بقيادة حلمي طولان، البطولات التي خاضوها بأداء أقل من المتوقع، ما أثار تساؤلات حول أسباب هذه الهزائم المتكررة، بين ضعف اللاعبين وسوء الإدارة الفنية والتنظيمية.
بدأ مسلسل الخيبات مع منتخب مصر للناشئين بقيادة أحمد الكاس، الذي خرج من كأس العالم تحت 17 عامًا بعد خسارته أمام سويسرا بثلاثة أهداف مقابل هدف في دور الـ32 من البطولة.
المباراة أظهرت تفوق لاعبي سويسرا على المستوى الفني والبدني، واستغلالهم للثغرات الدفاعية في صفوف المنتخب المصري، حيث غابت الرقابة اللصيقة على مهاجمي سويسرا، وسوء تمركز لاعبي الوسط، ما خلق مساحات كبيرة سمحت للهجمات السريعة للمنتخب الأوروبي.
كما عانى منتخب الناشئين من أزمة هجومية واضحة، مع غياب التوفيق عن لاعبيه الأساسيين، وعلى رأسهم حمزة عبد الكريم وبلال عطية، اللذين أضاعا فرصًا محققة للتسجيل.
ولم ينجح الفريق في استثمار ركلة جزاء أُلغي تنفيذها بعد العودة لتقنية الفيديو، ما ضاعف من إحباط اللاعبين. بعد نهاية المباراة، عبّر أحمد الكاس عن حزنه الشديد، مؤكدًا أن غياب بعض العناصر المهمة كان سيحدث فارقًا كبيرًا، لكنه أشار إلى أن اللاعبين قدموا مستويات واعدة وستكون لديهم فرصة للاحتراف مستقبلاً، وأن البطولة كانت نقطة انطلاق لتطوير مسيرتهم الكروية.
وفي مرحلة الشباب، تعرض منتخب مصر تحت قيادة أسامة نبيه لصدمة أخرى بخروجه المبكر من بطولة كأس العالم للشباب في تشيلي. الفريق احتل المركز الثالث في مجموعته برصيد 3 نقاط، خلف تشيلي، بعد أن كان قاب قوسين أو أدنى من التأهل ضمن أفضل الثوالث.
التحليل الفني أظهر ضعفًا في الاستفادة من الفرص، أخطاء دفاعية متكررة، وعدم قدرة لاعبي الوسط على السيطرة على مجريات اللعب، ما عرّض الفريق للخسارة أمام منافسين أصغر حجمًا لكنه أكثر فعالية تكتيكية.
أما منتخب المحليين بقيادة حلمي طولان، فقد ودّع بطولة كأس العرب 2025 بعد خسارته أمام الأردن 3-0، في مباراة شهدت تفوقًا أردنيًا واضحًا. سجل الأردن الهدف الأول عبر محمد أبو حشيش في الدقيقة 19، ثم أضاف محمد شرارة الهدف الثاني في الدقيقة 41، قبل أن يختتم علي علوان أهداف اللقاء بركلة جزاء في الدقيقة 91.
المنتخب المصري عانى من ضعف الهجوم وصعوبة في صناعة الفرص، فيما كان الأداء الدفاعي غير متماسك، ما جعل الهزيمة حتمية.
خريطة الهزائم المتكررة للمنتخبات الوطنية تشير إلى عدة أسباب رئيسية: أولها ضعف البنية الفنية لبعض اللاعبين وعدم جاهزيتهم للمنافسة على المستوى الدولي، وثانيها سوء التخطيط الإداري، بما في ذلك عدم إيقاف الدوري بشكل موحد لإتاحة فرصة لجميع اللاعبين الأساسيين، وهو ما حدث في بطولة المحليين، حيث حرم الفريق من بعض عناصره المهمة لصالح أندية معينة، بالإضافة إلى الضغط النفسي الناتج عن إدارة غير واضحة المهام والتوقعات.
إلى جانب ذلك، تأتي الأخطاء التكتيكية والقرارات الفنية المتذبذبة على رأس قائمة الأسباب، مع غياب الاستقرار الفني للمنتخبات الوطنية، سواء على مستوى المدربين أو الأجهزة المساعدة. كل هذه العوامل ساهمت في إخراج المنتخبات الوطنية “من الباب الصغير” دون تحقيق أي نتائج مرضية، وترك الجماهير المصرية في حالة من الإحباط والتساؤل عن مستقبل كرة القدم الوطنية.
يبدو أن الكرة المصرية أمام تحدٍ مزدوج، بين تطوير قدرات اللاعبين وتوفير بيئة تنظيمية مستقرة، لتكون المنتخبات الوطنية أكثر قدرة على المنافسة، سواء على مستوى الناشئين أو الشباب أو المنتخب الأول، قبل البطولات القادمة على الساحة العربية والقارية والدولية.