عاجل

ما المقصود بقول «الشتاء غنيمة للمؤمن»؟.. دار الإفتاء توضح

الشتاء
الشتاء

 مع قدوم فصل الشتاء، يبحث المسلمون عن طرق اغتنامه لتحقيق أكبر قدر من الطاعات والقربات. ومن هذا المنطلق، أوضحت دار الإفتاء معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: “فصل الشتاء غنيمة للمؤمن”، مؤكدةً على الفرص العظيمة التي يمنحها هذا الفصل للعبادة والتقرب إلى الله تعالى وأولها  بإسباغ الوضوء، وقيام الليل، وصوم النهار، وسائر القربات، وفي ذلك كلِّه حط للخطايا والذنوب والسيئات، ورفع للدرجات في الجنات

فصل الشتاء ربيع المؤمن

جعل الحق تبارك وتعالى فصل الشتاء للمؤمن روضة للطاعات والقربات، يقتبس فيها من أنوار العبادات، يقصر نهاره فيصومه، ويطول ليله فيقومه؛ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «الشِّتَاءُ رَبِيعُ الْمُؤْمِنِ» وزاد فيه: «قَصُرَ نَهَارُهُ فَصَامَ، وَطَالَ لَيْلُهُ فَقَامَ».
قال الإمام المناوي: [«الشِّتَاءُ رَبِيعُ الْمُؤْمِنِ»؛ لأنَّه يرتع فيه في روضات الطاعات، ويسرح في ميادين العبادات، وينزه القلب في رياض الأعمال، فالمؤمن فيه في سعة عيش من أنواع طاعة ربه؛ فلا الصوم يجهده ولا الليل يضيق عن نومه وقيامه كالماشية تربع في زهر رياض الربيع].

كيفية اغتنام المؤمن فصل الشتاء

أولًا: إسباغ الوضوء على المكاره
وهو في شدة البرد من أفضل الأعمال؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللهُ بِهِ الْخَطَايَا، وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟» قالوا: بلى يا رسول الله، قال: «إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ».
قال الإمام النووي: [وإسباغ الوضوء: تمامه، والمكاره تكون بشدة البرد، وألم الجسم، ونحو ذلك].

ثانيًا: قيام الليل
وهو من أعظم القربات؛ فقد مدح الله تعالى عباده بقوله: ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ﴾، وقال: ﴿كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ﴾. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ، وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ».

وإذا كان قيام الليل مستحبًّا في كل العام، فإنه في الشتاء آكد استحبابًا؛ فقد بكى عامر بن عبد الله عند موته، فقيل له: ما يبكيك؟ قال: ما أبكي جزعًا من الموت ولا حرصًا على الدنيا، ولكن أبكي على ظمأ الهواجر وعلى قيام ليل الشتاء.
وبكى معاذ رضي الله عنه عند موته وقال: إنما أبكي على ظمأ الهواجر، وقيام ليل الشتاء، ومزاحمة العلماء بالرّكب عند حلق الذكر.
وكان ابن مسعود رضي الله عنه يقول: “مرحبًا بالشتاء؛ تنزل فيه الرحمة، أما ليله فطويل للقائم، وأما نهاره فقصير للصائم”.

ثالثًا: صيام النهار
فعن عامر بن مسعود الجُمَحِيِّ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الصَّوْمُ فِي الشِّتَاءِ الْغَنِيمَةُ الْبَارِدَةُ».
قال الإمام المناوي: [أي: التي تحصل بغير مشقة؛ لقصر النهار، وبرده، وعدم الحاجة إلى كثير من الطعام والشراب].

رابعًا: الدعاء في شدة البرد
ومن الأذكار الواردة: أن يقول العبد إذا اشتد البرد: “اللهم أجرني من زمهرير جهنم”. فقد ورد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنْ كَانَ يَوْمٌ شَدِيدُ الْبَرْدِ، فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، مَا أَشَدَّ بَرْدَ هَذَا الْيَوْمِ! اللَّهُمَّ أَجِرْنِي مِنْ زَمْهَرِيرِ جَهَنَّمَ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِجَهَنَّمَ: إِنَّ عَبْدًا مِنْ عِبَادِي قَدِ اسْتَجَارَنِي مِنْ زَمْهَرِيرِكِ، وَإِنِّي قَدْ أَجَرْتُهُ».
فسُئل: وما زمهرير جهنم؟ قال: «بَيْتٌ يُلْقَى فِيهِ الْكَافِرُ، فَيَتَمَيَّزُ مِنْ شِدَّةِ بَرْدِهَا بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ».

تم نسخ الرابط