محلل السياسي يُشيد بقرار رئيس الوزراء البريطاني بشأن تراجع أنشطة جماعة الإخوان
علق المحلل السياسي لؤي الخطيب على تصريح المتحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني بشأن تراجع أنشطة جماعة الإخوان المسلمين في بريطانيا، مؤكدًا أن بريطانيا كانت تُعد الحاضن والممول والمقر الرئيسي للجماعة، وأشار إلى أن بريطانيا بدأت في التراجع عن دعمها لهذا التنظيم.
وقال الخطيب في تغريدة عبر صفحته الرسمية بمنصة "إكس": في خبر لم يحظَ بالاهتمام الكافي رغم أهميته، صرّح المتحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني بأن هناك تراجعًا في أنشطة جماعة الإخوان المسلمين في بريطانيا، وأنه من الممكن أن ينتهي الأمر بحظر التنظيم.
وأشار أن في الوقت الذي فتحت فيه إدارة ترامب باب الجحيم على الإخوان من خلال إصدار أمر تنفيذي منذ أيام، إلا أن الموقف البريطاني يبدو أكثر أهمية، بريطانيا، التي كانت تُعد الحاضن والممول والمقر لجماعة الإخوان، بدأت تتراجع عن دعمها، وهو ما يعكس حدثًا جللًا.
مؤكدًا أن هذا الموقف ليس مفاجئًا أو غريبًا، بل هو منطقي تمامًا في ظل التطورات الأخيرة. فالتنظيم وقع في أغبى خطأين يمكن أن يقع فيهما أي تنظيم:
مشيرًا إلى أن على مدار 15 عامًا تقريبًا، فشل تنظيم الإخوان في تحقيق ما تم تكليفه به من الدول الداعمة، بل على العكس، عندما حصل التنظيم على دعم قوي في مصر للوصول إلى السلطة (وذلك وفقًا لوثيقة PSD-11 الأمريكية)، كانت النتيجة أن التنظيم خسر كل نفوذه وأصبح مكروهًا من الشعب المصري، وهو ما جعل الناس ترفضه إلى الأبد.
وفي العقد الأخير على الأقل، بدأ التنظيم يتعامل وكأنّه الممثل الرسمي للمسلمين في الدول الحاضنة، معتقدًا أنه يمكنه التأثير على القرارات السياسية لتلك الدول من خلال هذه الكتلة، فبدلاً من أن يكون "مركوبًا" يتم استخدامه، أراد أن يتحول إلى "مؤثر"، وهو ما دفع الدول الحاضنة لتصريحات قاسية ضده، ما أسفر في النهاية عن طرده.
بالإضافة إلى ذلك، التنظيم يعاني من انقسامات داخلية شديدة. إذا نظرنا إلى الفروع المصرية مثل جبهة لندن وجبهة إسطنبول، سنجد أنهم في صراع دائم حول التمويلات والمقرات والمناصب والنفوذ، مما يؤدي إلى تدمير التنظيم من الداخل.
وأوضح أن النتيجة الطبيعية لهذه الأحداث هي أن القوى التي كانت تدير التنظيم بدأت تعتبره عبئًا ثقيلًا، وبغض النظر عن حقيقة كونه عبئًا، فإن كل هذا لم يكن ليحدث دون "30 يونيو" التي كانت بمثابة اللحظة الفاصلة لتدمير التنظيم فعليًا، لهذا السبب يكره الإخوان تلك اللحظة وكل ما يذكرهم بها.
وفي وقت سابق كشفت صحيفة تليجراف البريطانية عن الاستراتيجية التي تتبعها جماعة الإخوان في بريطانيا، والتي تقوم على تقديم خطاب معتدل في العلن، بينما تخفي خلف الأبواب المغلقة توجهات أيديولوجية متطرفة، في إطار خطة منهجية للتغلغل داخل المؤسسات السياسية والمجتمعية وبناء نفوذ طويل الأمد.
وفي مقاله بالصحيفة، أشار ديفيد أبراهامز، نائب الرئيس السابق للمعهد الملكي للأمن، إلى وجود صمت غريب حول جماعة الإخوان في بريطانيا، موضحًا أن هذا الصمت ليس تأملاً أكاديميًا، بل ناجم عن خوف سياسي متنكر في شكل حساسية ثقافية.
وأكد أبراهامز أن جماعة الإخوان ليست مجرد مدرسة فكرية دينية أو تيار داخل التراث الإسلامي، بل هي مشروع سياسي منظم ومتقن يهدف في النهاية إلى إعادة تشكيل المجتمع.
الإخوان واستغلال العملية الديمقراطية لتقويضها
وأشار إلى أن قوة الجماعة لا تكمن في التطرف العلني، بل في قدرتها على استغلال العملية الديمقراطية لتقويضها، حيث تظهر وجه الاعتدال علنًا، لكنها تنشر التشدد الأيديولوجي في الخفاء، حيث وصف وكلاء الجماعة بأنهم مثقفون بارعون في استخدام خطاب حقوق الإنسان لتغليف أفكار التطرف.
وأوضح أبراهامز أن الجماعة لا تسعى إلى الانتصار بالقوة المباشرة، بل عبر التسلل من خلال المشاركة في مناقشات الحكومة، والحصول على تمويل المنح، والسيطرة على منظمات المجتمع المدني، لتكون بذلك الصوت الممثل لمسلمي بريطانيا.

وأضاف أن الجماعة لا ترفع شعارات الجهاد في الشوارع، بل تهمس عن الإسلاموفوبيا في اجتماعات المجالس، وتهاجم المسلمين الذين يعارضونها، مشيرًا إلى أن هذا يشكل انقلابًا ناعمًا على الهوية الإسلامية يحل فيه الطاعة محل التعددية، والأيديولوجيا محل الدين.
ووفقًا للمقال، منح صمت الحكومة البريطانية ونظرتها إلى تعزيز الانسجام المجتمعي جماعة الإخوان مزيدًا من النفوذ، عبر تمكين شخصيات مرتبطة بها من المشاركة في المؤسسات الحكومية والأكاديمية، معتقدة أن وجودهم يعكس تمثيلًا شعبيًا، لكن النتيجة كانت تهميش الأصوات المعتدلة.
وأشار أبراهامز إلى أن المسلمين البريطانيين اليوم محاصرون بين الكراهية التي يتعرضون لها من الخارج، وهيمنة الجماعة من الداخل التي تصف المعارضين لها بالخونة، مما يخلق بيئة سياسية تُعرف الهوية الإسلامية بالولاء لقضية الجماعة وليس بالإيمان الحقيقي.
وحذر الكاتب من الخلط بين الإسلام والإسلاميين، معتبرًا أن ذلك خطير لأنه يعزز الصور النمطية الخاطئة عن المسلمين في بريطانيا ويدفع المعتدلين إلى الهامش، مؤكدًا أن الدمج الحقيقي يتطلب التعامل مع المسلمين كمواطنين، وليس كممثلين للإسلام السياسي.
مراجعة حكومية بريطانية عن الإخوان في 2015
الجدير بالذكر أن مراجعة حكومية بريطانية صدرت عام 2015 خلصت إلى أن جماعة الإخوان تتبع خطابًا مزدوجًا معتدلًا في العلن ومتطرفًا في الخفاء، وحذرت من أن أيديولوجيتها تشكل تهديدًا للقيم الديمقراطية، ومع ذلك، ظل التقرير مهملاً بينما واصلت الجماعة ترسيخ نفوذها في المجتمع المدني.
وختم أبراهامز مقاله بالدعوة إلى مواجهة القوى التي تحاول السيطرة على حياة المسلمين البريطانيين من الداخل، مؤكدًا أن هذا لا يعني قمعًا بل تحريرًا من الهيمنة الأيديولوجية، وأن الوضوح الأخلاقي هو الثمن الحقيقي للحفاظ على التسامح وضمان عدم انحصار المسلمين البريطانيين بين كراهية المجتمع وهيمنة الجماعات الإسلامية