عاجل

تحليل: ترامب يحارب العلم ويحاصر الجامعات الأمريكية بغطاء معاداة السامية

تظاهرات الجامعات
تظاهرات الجامعات الأمريكية (أرشيفية)

في الوقت الذي تدّعي فيه إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنها تحارب معاداة السامية والعنصرية ضد البيض، فإن الجامعات الأمريكية تواجه هجومًا غير مسبوق يهدد جوهرها الأكاديمي: حرية التعبير والبحث العلمي، بحسب تحليل قدمه أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جورجيا الأمريكية، كاس مودّي، في صحيفة "الجارديان" البريطانية.

تكميم الأفواه الأكاديمية

تستخدم الإدارة الأمريكية الحالية قضايا مثيرة للجدل - مثل المظاهرات المؤيدة لغزة، ومبادرات التنوع والإنصاف والشمول - كذرائع لمعاقبة الجامعات، لا سيما تلك التي تحتل مكانة مرموقة مثل كولومبيا وهارفارد. والهدف الحقيقي هو فرض رقابة سياسية ناعمة، تبدأ بالتضييق المالي وتنتهي بتكميم الأفواه الأكاديمية.

الجامعات التي تتيح المجال لاحتجاجات أو أبحاث لا تروق للبيت الأبيض تُستهدف بتحقيقات، ويتعرض تمويلها الفيدرالي للتجميد أو التقليص. المبادرات التي تتناول تغيّر المناخ أو النوع الاجتماعي لا تُحظر رسميًا، لكنها تصبح عبئًا ماليًا على المؤسسات التي تتبناها، في بيئة جامعية بات فيها المال هو الموجّه الأول للقرارات.

الانحناء أمام المطالب السياسية

الهجوم لا يشبه ما شهدته دول مثل تركيا أو المجر، حيث جرى اعتقال أساتذة أو الاستيلاء المباشر على إدارات الجامعات. لكنه يتم من خلال مجالس إدارة جامعات عامة يسيطر عليها سياسيون من الحزب الجمهوري، كما في حالة «نيو كوليدج أوف فلوريدا»، حيث تم تغيير هوية الجامعة بالكامل.

الضغوط دفعت حتى رؤساء جامعات بارزة مثل كولومبيا وهارفارد إلى الانحناء أمام المطالب السياسية، دون أن يشفع لهم ذلك، إذ استمرت الحملة ضدهم وضد مؤسساتهم.

كيف يمكن مساعدتهم؟

يقول الكاتب إنه على الرغم من قوة الولايات المتحدة وصعوبة الضغط عليها من الخارج، إلا أن ثمة خطوات يمكن لأوروبا أن تتخذها لمساندة الأكاديميين داخل أمريكا. إذ أكد أنه بدلًا من مقاطعة السفر إلى الولايات المتحدة فقط، يمكن للجامعات الأوروبية أن توفر منصات لاستضافة البيانات والأبحاث المهددة بالحذف، وتقديم منح فعلية ومستدامة للباحثين المستهدفين، لا مجرد برامج مؤقتة تُستخدم كأداة للعلاقات العامة.

لفت إلى أن التغطية الصحفية للهجوم على الجامعات الأمريكية مهمة، خاصة عند تجاوز التركيز على جامعات النخبة وتغطية الجامعات العامة في ولايات مثل فلوريدا وتكساس. لكن على الصحفيين أيضًا أن يكونوا أكثر وعيًا بحجم المخاطر التي قد يتعرض لها الأكاديميون الذين يجرون معهم مقابلات، خاصة في ظل قوانين السجلات المفتوحة التي تسمح بالكشف عن المراسلات الرسمية.

وصف المبادرات التي تطلقها جامعات مثل «إيكس مارسيليا» و«الجامعة الحرة ببروكسل» خطوة إيجابية، مؤكدًا أنه إذا كانت الجامعات الأوروبية تريد فعلاً تقديم ملاذ آمن، فعليها توفير وظائف دائمة تسمح للباحثين بمواصلة مسيرتهم الأكاديمية.

واختتم بمسؤولية الحكومات الأوروبية، إذ أشار إلى أن تصريحات بعض المسؤولين الأوروبيين، مثل وزير التعليم الهولندي الذي قال إن «العلماء البارزين يساوون وزنهم ذهبًا»، تكشف عن دوافع اقتصادية. لا بأس أن تستفيد أوروبا من جذب الباحثين، لكن يجب أن تكون هذه الاستفادة جزءًا من استراتيجية طويلة الأمد لإعادة إحياء التعليم العالي الأوروبي، وليس على حساب الباحثين الأوروبيين أنفسهم الذين يعانون من تقشف في التمويل.

تم نسخ الرابط