طارق الشناوي: فيلم «الست أم كلثوم» مغامرة محسوبة ومنى زكي على الطريق الصحيح
كشف الناقد الفني الكبير طارق الشناوي عن رؤيته للإعلان الترويجي الأول لفيلم «الست أم كلثوم»، الذي تقوم ببطولته الفنانة منى زكي، معتبرًا أن العمل يفتح بابًا جديدًا في تناول سيرة سيدة الغناء العربي بطريقة سينمائية معاصرة، بعيدًا عن التناول التقليدي والتوثيقي البحت.
وقال الشناوي خلال لقائه ببرنامج «خلاصة الكلام» مع الإعلامية أميرة بدر عبر قناة النهار، إن الإعلان رغم قصر مدته قدم رؤية مغايرة ومشحونة بمشاعر وأجواء تجمع بين الحنين والخيال، واصفًا التجربة بـ«المغامرة المحسوبة»، التي تحتاج جرأة ممثل ومخرج ومنتج حتى ترى النور.
منى زكي في دور أسطورة ومسؤولية ثقيلة
وأكد الشناوي أن اختيار منى زكي لتجسيد شخصية أم كلثوم لم يأت مصادفة، بل نتيجة طبيعية لمكانتها الفنية وقدرتها التمثيلية، موضحًا أن الدور يتطلب أداءً داخليًا أكثر من مجرد تقليد خارجي.
وأضاف: «منى زكي ليست مكلفة بتقليد أم كلثوم، لكنها مكلفة بأن تجعلنا نصدق إحساسها والمطلوب ليس الصوت بل الروح».
وأوضح أن الجمهور لا ينتظر من الفيلم محاكاة حرفية لصوت كوكب الشرق، فذلك مستحيل، وإنما ينتظر تجسيد رحلة إنسانية، وصراعات داخلية، وتدرجًا في تكوين أسطورة فنية خالدة.
وأردف أن الأداء الذي ظهر في الإعلان الترويجي يوحي بأنها فهمت هذه المعادلة جيدًا، وركزت الكاميرا على ملامح الوجه والعينين أكثر من اللقطات الواسعة، في إشارة إلى أن الفيلم سيبحث خلف الشخص لا فقط خلف الأسطورة.
الإعلان يجذب الانتباه دون أن يحرق المفاجآت
وأشاد الشناوي بطريقة تصميم الإعلان، واعتبر أنه حافظ على «الملح الفني» دون أن يكشف تفاصيل كثيرة، وهي طريقة تحترم ذكاء الجمهور ، فالإضاءة الداكنة، الموسيقى التصاعدية، ولقطات الخفوت والظلال كلها عناصر ساعدت في خلق حالة توتر جمالى ومشوق، وكأن الفيلم يريد أن يقول للجمهور: «هذه ليست أم كلثوم التي تعرفها فقط بل إنسانة لها خوفها وضعفها وقراراتها ومصيرها».
واعتبر الشناوي أن الإعلان نجح في أمرين أساسيين أولهما لفت الانتباه للعمل من خلال إطلاق نقاش فني وجماهيري منذ اللحظة الأولى، وهو يرى أن هذه هي وظيفة الإعلان الترويجي «صنع الضجة لا كشف الحدوتة».
مخاوف مشروعة لكن الفيلم قادر على تجاوزها
ولفت الشناوي الي وجود تخوف لدى بعض الجمهور بشأن أي عمل يتناول شخصية محبوبة ومقدسة في الوعي العربي.
وقال إن أم كلثوم ليست مجرد مطربة ناجحة، بل رمز وذاكرة جماعية، ما يجعل أي محاولة لتجسيدها محفوفة بالتوقعات العالية والانتقادات المحتملة.
وقال إن الجدية واضحة في اختيار الممثلين والديكور والأزياء، لافتًا إلى أن التفاصيل الصغيرة مثل طريقة حمل المنديل أو حركة الوقوف على المسرح تم علاجها بعناية في الإعلان.
وأضاف: «أم كلثوم ليست قصة فنانة فقط هي حكاية وطن، وحكاية زمن، وحكاية امرأة انتصرت على السياق الاجتماعي والسياسي».
تجربة سينمائية وليست وثائقيًا
ورفض الشناوي فكرة مقارنة الفيلم بأعمال وثائقية أو أرشيفية عن أم كلثوم، وقال إن الفيلم يجب أن يحكم عليه بمنطق السينما، لا التاريخ.
وقال: «السينما لا تلتزم بنقل الحقيقة حرفيًا، لكنها تلتزم بنقل إحساس الحقيقة».
وأوضح أن «الست أم كلثوم» لن يقدم محطات معروفة فقط، مثل حفلات باريس أو علاقتها بالملحنين، بل سيحاول الذهاب إلى مناطق أكثر إنسانية علي رأسها الطموح والإصرار والشغف بالموسيقى واللحظات القاسية خلف النجاح.
منى زكي نجحت في الامتحان الأول
واعتبر الشناوي أن منى زكي نجحت في «الاختبار الأول» بنجاح الإعلان في إثارة الجدل والشغف، لكنه شدد على أن «الامتحان النهائي» سيكون على الشاشة.
وقال بابتسامة: «منى ممثلة تعرف قيمة التفاصيل، وتعرف قيمة الدور وأنا أراها على الطريق الصحيح»، وأشار إلى أن الجمهور لا يجب أن يضع توقعات مستحيلة، لأن أم كلثوم لا تتكرر، بل تُروى.
توقعات بنجاح جماهيري ونقدي
اختتم الشناوي حديثه بالتأكيد أن الفيلم مرشح لتحقيق نجاح جماهيري واسع، إذا حافظ على التوازن بين احترام تاريخ أم كلثوم وتقديم لغة سينمائية حديثة
وأشاد بالجرأة الإنتاجية للعمل، قائلًا إن صناعة السينما تحتاج أحيانًا إلى «مخاطرة محسوبة»، خاصة مع فيلم يلامس ذاكرة ملايين العرب.
وختم بقوله: «لن نحصل على أم كلثوم جديدة، لكن يمكن أن نحصل على فيلم جميل عنها وهذا ما نحتاجه الآن».