عاجل

"رافال".. مقاتلة "العاصفة" التي تحمي علاقات فرنسا العسكرية والاقتصادية

طائرة رافال
طائرة رافال

بارعة في اختراق الأجواء، قادرة على تنفيذ المهام المعقدة في قلب العواصف، ومصممة لتخوض معارك اليوم والغد؛ هكذا توصف طائرات "رافال" Rafale الفرنسية، التي تعد واحدة من أبرز منتجات الصناعات الدفاعية الأوروبية، وتحديدا من شركة "داسو أفياسيون" Dassault Aviation، والتي استطاعت أن تفرض حضورها القوي في أسواق السلاح الدولية خلال العقدين الأخيرين.

مواصفات قتالية متقدمة

رافال، والتي تعني "العاصفة" بالفرنسية، هي مقاتلة متعددة المهام من الجيل الرابع والنصف، دخلت الخدمة رسميا في القوات الجوية والبحرية الفرنسية عام 2001. 
تمتاز الطائرة بقدرتها الفائقة على تنفيذ عمليات جو-جو، وجو-أرض، والاستطلاع الإلكتروني، والهجوم البحري.

يبلغ طول الطائرة 15.27 مترا، وباع جناحيها 10.8 متر، وتصل سرعتها القصوى إلى 1.8 ماخ (2,222 كلم/س)، فيما يبلغ مداها العملياتي أكثر من 3,700 كيلومتر مع خزانات وقود خارجية. 
كما تمتلك نظام تسليح متعدد يتضمن صواريخ ميتيور Meteor بعيدة المدى، وميكا MICA، وصواريخ كروز من نوع SCALP، بالإضافة إلى قنابل موجهة بالليزر.
مزودة برادار متعدد المهام قادر على تعقب 40 هدفًا والاشتباك مع 8 أهداف في نفس الوقت.


صفقات هائلة 

في السنوات الأخيرة، تحولت "رافال" إلى أحد أنجح المنتجات العسكرية الفرنسية تصديرا. فبعد بدايات متعثرة في الأسواق، حققت الطائرة قفزات هائلة بفضل عقود كبرى مع عدد من الدول.

في عام 2015، وقعت مصر أول عقد خارجي لشراء 24 طائرة، تبعه عقد ثانى عام 2021 لشراء 30 مقاتلة إضافية، ليصبح إجمالي ما حصلت عليه القاهرة 54 طائرة رافال، ما يجعلها ثاني أكبر مشغل للطائرة بعد فرنسا.

في عام 2016، تعاقدت الهند على 36 طائرة بقيمة تقارب 8.7 مليار دولار، وهي الصفقة التي أثارت جدلا سياسيا داخليا لكنها عززت من الحضور الفرنسي في جنوب آسيا.

وتعاقدت قطر أيضا على 36 طائرة، فيما أعلنت الإمارات العربية المتحدة في ديسمبر 2021 عن توقيعها أكبر صفقة في تاريخ "رافال"، بـ 80 طائرة بقيمة 16 مليار يورو.

وتجاوز عدد طائرات رافال المصدرة 200 طائرة، حتى عام 2024 ما يمثل طفرة نوعية في سجل فرنسا التسليحي، ويعكس ثقة متزايدة في كفاءة هذه الطائرة.

ركيزة اقتصادية 

يشكل برنامج "رافال" أكثر من مجرد مشروع عسكري؛ فهو ركيزة اقتصادية حيوية، توفر صناعتها أكثر من 7,000 وظيفة مباشرة وآلاف أخرى غير مباشرة في سلاسل التوريد، وتساهم في دعم شركات فرعية في مجالات الإلكترونيات، المحركات، والرادارات.

ويقدر أن كل طائرة تباع تحقق دخلا يصل إلى 100 مليون يورو في المتوسط، مع هامش ربح يسمح بتمويل برامج البحث والتطوير الفرنسية، ويعزز استقلالية القرار الدفاعي الأوروبي.

رسائل سياسية واستراتيجية

لم تكن "رافال" مجرد صفقة سلاح، بل أداة سياسية فرنسية بامتياز. عبر هذه الطائرة، استطاعت باريس أن تثبت أقدامها في مناطق نفوذ استراتيجية مثل الشرق الأوسط وشبه القارة الهندية، وتبرز نموذجا مغايرا لمزاحمة الصناعات الأمريكية والروسية في سوق التسليح العالمي.

كما تسهم الطائرة في تعزيز قدرة الدول الحليفة لفرنسا على مواجهة التهديدات الإقليمية، وبناء أسس شراكات أمنية طويلة المدى.

"رافال" ليست مجرد طائرة حربية، بل تمثل قصة نجاح فرنسي تروي كيف يمكن للتكنولوجيا، والسياسة، والصناعة أن تمتزج في معادلة واحدة، فتنتج مقاتلة استثنائية تخترق الأجواء، وتفتح الأبواب نحو أسواق أوسع، وعلاقات أعمق.

تم نسخ الرابط