بعد مواجهات كردفان.. «نيوز رووم» تكشف السيناريوهات المستقبلية للسودان
اشتدّت المعارك، الثلاثاء، في منطقة شمال كردفان في جنوب السودان، حيث أفاد سكان في العاصمة الأبيّض لوكالة فرانس برس بأن مسيّرة تابعة لقوات الدعم السريع انفجرت قرب مقر قيادة فرقة عسكرية.
المواجهات في إقليم كردفان
وأصبحت كردفان ساحة معركة كبرى مع سعي الجيش إلى إبعاد قوات الدعم السريع عن الطريق السريع الحيوي الذي يربط الخرطوم بدارفور.
السيناريوهات المستقبلية في السودان
وفي التقرير التالي يرصد لكم موقع نيوز رووم، السيناريوهات المستقبلية بشأن السودان:
علق الدكتور رمضان قرنى الخبير في الشأن الأفريقي على التطورات الأخيرة في السودان وخاصة بعد المواجهات الميدانية في إقليم كردفان، مؤكداً أن إقليم كردفان أصبح محور العمليات العسكرية بين الجيش وقوات الدعم السريع، خاصة مدينة "بابنوسة" الاستراتيجية.
إطالة أمد الحرب في السودان
وأضاف قرنى في تصريحات خاصة لـ "نيوز رووم" أن هذا الأمر يؤكد إطالة أمد الحرب في السودان، مع غياب أي إشارات لأفق سياسي منظور، في ضوء المؤشرات التالية:
أولا: تأكيد رئيس مجلس السيادة والقائد العام للجيش السوداني، الفريق عبد الفتاح البرهان، أن أي حل سياسي أو عسكري لا يتضمن تفكيك قوات الدعم السريع وتجريدها من السلاح لن يكون مقبولًا، وهو أمر ترفضه قوات الدعم السريع بطبيعة الحال.
ثانيا: حصر الجيش السوداني التعاون مع الأمم المتحدة وجميع وكالاتها العاملة في السودان في كافة مجالات العمل الإنسانية والتنموية والاجتماعية.
ثالثا: قيام قوات الدعم السريع بتنفيذ أعمال تأهيل ورصف للطريق الحدودي بمدينة "أم دخن" بولاية وسط دارفور، وهو الطريق الذي يربط السودان بكل من تشاد وأفريقيا الوسطى، ما يجعله ممراً رئيسياً لحركة النقل التجاري بين دارفور والدول المجاورة، وكذلك ضمان الإمدادات العسكرية واللوجستية للدعم السريع.
رابعا: تحذير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا" من ارتفاع الاحتياجات الإنسانية في ولايات دارفور وكردفان وولايتي الشمالية ونهر النيل، وهو الأمر الذي يعقد من طبيعة الأوضاع الإنسانية، في ضوء استمرار حركة النزوح خاصة من مدينة الفاشر.
محطة المعالجة المركزية لنفط غرب كردفان وجنوب السودان
وأشار الخبير في الشأن الأفريقي إلى متغير مهم يكمل السيناريوهات السابقة، وهو يتعلق بتمدد التداعيات الاقتصادية للصراع واقترابه من الحقول النفطية في منطقة "هجليج" بغرب كردفان، والتي تضم محطة المعالجة المركزية لنفط غرب كردفان وجنوب السودان، ومن ثم فإنه في حالة سيطرة الدعم السريع على مدينة بابنوسة من المرجح أن يحدث هذا الأمر تطورات استراتيجية تدفع في اتجاه سيطرة الدعم السريع على مناطق غرب السودان، التي تضم دارفور وكردفان، ومن ثم يصبح "سيناريو التقسيم" أمرًا واقعا.
ومن جانبها قالت الدكتورة نجلاء مرعي، أستاذة العلوم السياسية وخبيرة الشؤون الإفريقية، إن المشهد السوداني يمرّ حاليًا بـأعلى مستويات التصعيد الميداني، معتبرة أن ما يحدث ليس مجرد مواجهة عسكرية، بل محاولة لفرض أمر واقع جديد يعيد تشكيل الخريطة السياسية والجيوإستراتيجية في البلاد، وخاصة بعد السيطرة على الفاشر.
السيطرة على مدينة الفاشر كانت نقطة تحول كبرى في مسار الحرب
وأوضحت مرعي في تصريحات خاصة لـ نيوز رووم، أن السيطرة على مدينة الفاشر كانت نقطة تحول كبرى في مسار الحرب، لكنها لا تعني نهايتها، لأن الصراع في السودان أصبح – بحسب وصفها – صراعًا مركّبًا يتجاوز السيطرة على المدن إلى صراع هويات وبُنى سلطة.
وأضافت خبيرة الشؤون الإفريقية، أن الجيش السوداني أطلق خلال الأسبوع الماضي عملية عسكرية واسعة في إقليم كردفان، تمكن خلالها من استعادة مواقع استراتيجية مثل منطقة "قذاقيل" غرب مدينة الأبيض، مؤكدة أن الجيش يتقدم بشكل متسارع، وأن عملياته قد تشمل ولايات شمال وجنوب وغرب كردفان بأكملها، خاصة مع استمرار الاشتباكات في منطقة باب نوسا.
وأشارت إلى أن السيطرة على إقليم كردفان قد تمثل مفتاحًا للتقدم نحو دارفور، نظرًا لأن الطريق الإستراتيجي المؤدي إلى الإقليم يمر عبر كردفان، ولأن قوات الدعم السريع تتمركز بكثافة داخله، ما يجعل تقدم الجيش عاملًا حاسمًا في تغيير موازين القوى.
نهاية الحرب ستكون سياسية وليست عسكرية
وأكدت الدكتورة مرعي أن لا الجيش ولا الدعم السريع قادران على تحقيق انتصار ساحق، معتبرة أن نهاية الحرب ستكون سياسية وليست عسكرية، إلا أن غياب الإرادة السياسية، واستمرار سباق التسلح بين الطرفين، ورفض الجيش الدخول في مفاوضات قبل استعادة مدن مثل بارا والخوي والنهود، يجعل التصعيد هو السيناريو الأقرب.
وأضافت أن السودان يقف اليوم أمام مفترق طرق خطير، فالتصعيد الأخير في الفاشر والخرطوم والجزيرة وكردفان يفاقم معاناة المدنيين، ويُسهم في تدهور الوضع الإنساني، الذي وصفته الأمم المتحدة بأنه واحد من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، حيث يعاني 25 مليون سوداني من انعدام حاد في الأمن الغذائي.
وفي ما يتعلق بالتحركات الدولية، قالت إن الرباعية الدولية – وفي مقدمتها الولايات المتحدة ومصر – تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد، مشيرة إلى أن زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي لبورتسودان تعكس اهتمامًا مصريًا واضحًا بمنع انزلاق السودان إلى دوامة حرب أهلية شاملة.
وأوضحت أن الولايات المتحدة تتبنى مؤخرًا موقفًا أكثر تشددًا تجاه ضرورة وقف القتال، بينما ترى الدكتورة مرعي أن الحل لن يكتب له النجاح إلا إذا تحمل جميع الأطراف السودانية مسؤولياتهم، ووافقوا على هدنة إنسانية تفتح الباب أمام تسوية سياسية شاملة.
إدماج قوات الدعم السريع في العملية السياسية
وأكدت أن بعض الدول – وعلى رأسها الإمارات داخل الرباعية الدولية – تدفع باتجاه إدماج قوات الدعم السريع في العملية السياسية، بينما يرى البرهان أن التدخل الخارجي يعقد الأزمة، خصوصًا بعد سقوط الفاشر.
وعن مخاطر تقسيم السودان، قالت الدكتورة مرعي إن السيناريو الليبي يبقى مستبعدًا في الوقت الراهن، لأن ما يسمى بـ"الحكومة التأسيسية" التابعة للدعم السريع لا تمتلك أي سند إقليمي أو دولي، ولأن المعارك في شمال دارفور ما زالت مستمرة، إلى جانب دعم بعض الحركات المسلحة للجيش.
وأضافت أن الأزمة السودانية تكشف أيضًا تضاربًا في المواقف الأمريكية، معتبرة أن الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب – في حال عودته – قد يمتلك القدرة على الدفع نحو تسوية، إذا تولى الملف بشكل مباشر.
واختتمت الدكتورة نجلاء مرعي بأن السودان قادر على تجاوز الأزمة إذا تم تنسيق دولي فعّال داخل الرباعية، ومع ضمان مشاركة جميع القوى المدنية السودانية، مؤكدة أن الرئيس عبد الفتاح السيسي شدد أكثر من مرة على أن الحل يجب أن يكون سودانيًا – سودانيًا بالأساس، وبمشاركة كل الأطراف، لأن المسار السياسي هو الطريق الوحيد لإنهاء الحرب.