خبيرة شؤون أفريقية تكشف تحركات الرباعية الدولية لإنهاء الحرب في السودان
قالت الدكتورة نجلاء مرعي، أستاذة العلوم السياسية وخبيرة الشؤون الإفريقية، إن المشهد السوداني يمرّ حاليًا بـأعلى مستويات التصعيد الميداني، معتبرة أن ما يحدث ليس مجرد مواجهة عسكرية، بل محاولة لفرض أمر واقع جديد يعيد تشكيل الخريطة السياسية والجيوإستراتيجية في البلاد، وخاصة بعد السيطرة على الفاشر.
وأوضحت مرعي في تصريحات خاصة لـ نيوز رووم، أن السيطرة على مدينة الفاشر كانت نقطة تحول كبرى في مسار الحرب، لكنها لا تعني نهايتها، لأن الصراع في السودان أصبح – بحسب وصفها – صراعًا مركّبًا يتجاوز السيطرة على المدن إلى صراع هويات وبُنى سلطة.
وأضافت خبيرة الشؤون الإفريقية، أن الجيش السوداني أطلق خلال الأسبوع الماضي عملية عسكرية واسعة في إقليم كردفان، تمكن خلالها من استعادة مواقع استراتيجية مثل منطقة "قذاقيل" غرب مدينة الأبيض، مؤكدة أن الجيش يتقدم بشكل متسارع، وأن عملياته قد تشمل ولايات شمال وجنوب وغرب كردفان بأكملها، خاصة مع استمرار الاشتباكات في منطقة باب نوسا.
وأشارت إلى أن السيطرة على إقليم كردفان قد تمثل مفتاحًا للتقدم نحو دارفور، نظرًا لأن الطريق الإستراتيجي المؤدي إلى الإقليم يمر عبر كردفان، ولأن قوات الدعم السريع تتمركز بكثافة داخله، ما يجعل تقدم الجيش عاملًا حاسمًا في تغيير موازين القوى.
وأكدت الدكتورة مرعي أن لا الجيش ولا الدعم السريع قادران على تحقيق انتصار ساحق، معتبرة أن نهاية الحرب ستكون سياسية وليست عسكرية، إلا أن غياب الإرادة السياسية، واستمرار سباق التسلح بين الطرفين، ورفض الجيش الدخول في مفاوضات قبل استعادة مدن مثل بارا والخوي والنهود، يجعل التصعيد هو السيناريو الأقرب.
وأضافت أن السودان يقف اليوم أمام مفترق طرق خطير، فالتصعيد الأخير في الفاشر والخرطوم والجزيرة وكردفان يفاقم معاناة المدنيين، ويُسهم في تدهور الوضع الإنساني، الذي وصفته الأمم المتحدة بأنه واحد من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، حيث يعاني 25 مليون سوداني من انعدام حاد في الأمن الغذائي.
وفي ما يتعلق بالتحركات الدولية، قالت إن الرباعية الدولية – وفي مقدمتها الولايات المتحدة ومصر – تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد، مشيرة إلى أن زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي لبورتسودان تعكس اهتمامًا مصريًا واضحًا بمنع انزلاق السودان إلى دوامة حرب أهلية شاملة.
وأوضحت أن الولايات المتحدة تتبنى مؤخرًا موقفًا أكثر تشددًا تجاه ضرورة وقف القتال، بينما ترى الدكتورة مرعي أن الحل لن يكتب له النجاح إلا إذا تحمل جميع الأطراف السودانية مسؤولياتهم، ووافقوا على هدنة إنسانية تفتح الباب أمام تسوية سياسية شاملة.
وأكدت أن بعض الدول – وعلى رأسها الإمارات داخل الرباعية الدولية – تدفع باتجاه إدماج قوات الدعم السريع في العملية السياسية، بينما يرى البرهان أن التدخل الخارجي يعقد الأزمة، خصوصًا بعد سقوط الفاشر.
وعن مخاطر تقسيم السودان، قالت الدكتورة مرعي إن السيناريو الليبي يبقى مستبعدًا في الوقت الراهن، لن ما يسمى بـ"الحكومة التأسيسية" التابعة للدعم السريع لا تمتلك أي سند إقليمي أو دولي، ولأن المعارك في شمال دارفور ما زالت مستمرة، إلى جانب دعم بعض الحركات المسلحة للجيش.
وأضافت أن الأزمة السودانية تكشف أيضًا تضاربًا في المواقف الأمريكية، معتبرة أن الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب – في حال عودته – قد يمتلك القدرة على الدفع نحو تسوية، إذا تولى الملف بشكل مباشر.
واختتمت الدكتورة نجلاء مرعي بأن السودان قادر على تجاوز الأزمة إذا تم تنسيق دولي فعّال داخل الرباعية، ومع ضمان مشاركة جميع القوى المدنية السودانية، مؤكدة أن الرئيس عبد الفتاح السيسي شدد أكثر من مرة على أن الحل يجب أن يكون سودانيًا – سودانيًا بالأساس، وبمشاركة كل الأطراف، لأن المسار السياسي هو الطريق الوحيد لإنهاء الحرب.