متى شهر رجب 1447: الإفتاء تستطلع هلاله السبت.. هل في الجنة قصر لصوامه؟
تستطلع دار الإفتاء المصرية، هلال شهر رجب 1447 هجريًا، مع غروب شمس يوم السبت 20 ديسمبر لعام 1447 هجريًا، ومع البحث عن موعد دخول ورؤية هلال شهر رجب نرصد التالي.

موعد شهر رجب 1447 فلكيًا
وفق الحسابات الفلكية فإن موعد شهر رجب لعام 1447 هجريًا، هو يوم الأحد 2025/12/21، حيث يولد هلال شهر رجب مباشرة بعد حدوث الاقتران في تمام الساعة الثالثة والدقيقة 45 قبل الفجر بتوقيت القاهرة المحلي يوم السبت 29 من جمادى الآخرة 1447 هجرياً الموافق 20-12-2025 وهو(يوم الرؤية).
ويبقى الهلال الجديد في سماء مكة المكرمة لمدة 14 دقيقة، وفي القاهرة لمدة 10 دقائق بعد غروب شمس ذلك اليوم يوم الرؤية) وفي باقي محافظات جمهورية مصر العربية يبقى الهلال الجديد في سمائها لمدد تتراوح بين (8 - 14 دقيقة)، أما في العواصم والمدن العربية والإسلامية فيبقى الهلال الجديد بعد غروب شمس ذلك اليوم لمدد تتراوح بين (5 - 27) دقيقة ماعدا أنقرة بتركيا التي يغرب فيها الهلال مع غروب الشمس.
لماذا سمي شهر رجب بـ"الأصم"؟
شهر رجب من الأشهر الحرم التي خصها الله تعالى بفضائل عظيمة، حيث يتسم بالسكينة والروحانية، ويعتبر من الشهور التي تحث المسلمين على التقرب إلى الله بالطاعات والعبادات.
جاء اسم "رجب" من كلمة "الترجيب" والتي تعني التعظيم، ويعد من الأشهر التي عُرفت بالعظمة والقداسة في تاريخ العرب، حيث أطلق عليه "رجب مضر" نسبة إلى قبيلة مضر التي كانت تعظمه وتحترمه. كما سمي "رجب الأصم" بسبب توقف الحروب فيه، حيث كان العرب يوقفون الحروب ويتركون القتال فيه، تعظيمًا له وابتغاءً لمرضاة الله.
من أبرز المعجزات التي تحققت في شهر رجب معجزة الإسراء والمعراج التي تعتبر من أعظم معجزات النبي محمد صلى الله عليه وسلم، حيث أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ثم عرج به إلى السماء السابعة.
حكم صيام شهر رجب
صوم شهر رجب كاملًا جائزٌ شرعًا ولا حرج فيه، ولا إثم على من يفعل ذلك؛ لعموم الأحاديث الواردة في فضل التطوع بالصيام، ولم يُنقَل عن أحدٍ من علماء الأمة المعتبرين إدراج هذا فيما يُكْرَهُ صومه.

صيام شهر رجب في السُنَّة
مما ورد في صيام شيء من شهر رجب من السُنَّة: ما رواه الإمام أبو داود عن مُجِيبَةَ الباهليَّة، عن أبيها، أو عمها، أنَّه أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثمَّ انطلق، فأتاه بعد سنة، وقد تغيَّرت حاله وهيئته، فقال: يا رسول الله، أما تعرفني؟ قال: «وَمَنْ أَنْتَ؟» قال: أنا الباهلي، الذي جئتك عام الأول، قال: «فَمَا غَيَّرَكَ وَقَدْ كُنْتَ حَسَنَ الْهَيْئَةِ؟»، قال: ما أكلت طعامًا إلا بليل منذ فارقتك، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لِمَ عَذَّبْتَ نَفْسَكَ؟»، ثم قال: «صُمْ شَهْرَ الصَّبْرِ، وَيَوْمًا مِنْ كُلِّ شَهْرٍ»، قال: زدني؛ فإن بي قوة، قال: «صُمْ يَوْمَيْنِ»، قال: زدني، قال: «صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ»، قال: زدني، قال: «صُمْ مِنَ الْحُرُمِ وَاتْرُكْ، صُمْ مِنَ الْحُرُمِ وَاتْرُكْ، صُمْ مِنَ الْحُرُمِ وَاتْرُكْ»، وقال بأصابعه الثلاثة فضمها، ثم أرسلها.
ومنها ما رواه الإمام البيهقي في "فضائل الأوقات" عن سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ نَهْرًا يُقَالُ لَهُ رَجَبٌ، أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، مَنْ صَامَ مِنْ رَجَبٍ يَوْمًا سَقَاهُ اللهُ مِنْ ذَلِكَ النَّهْرِ».
صحة الأحاديث الواردة في صيام شهر رجب
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "تبيين العجب": [لم يرد في فضل شهر رجب، ولا في صيامه، ولا في صيام شيء منه معين، ولا في قيام ليلة مخصوصة فيه حديثٌ صحيحٌ يصلح للحجة].
وروى الإمام البيهقي عن أبي قلابة رضي الله عنه قال: "في الجنة قصر لصُوَّام رجب". قال الإمام أحمد: "وإن كان موقوفًا على أبي قلابة وهو من التابعين، فمثله لا يقول ذلك إلا عن بلاغ عمن فوقه ممن يأتيه الوحي، وبالله التوفيق".
وتلك الأحاديث الواردة في صومه أو صوم شيء منه وإن كانت ضعيفة فإنَّها ممَّا يُعْمَل به في فضائل الأعمال على ما هو المقرر عند عامة العلماء في مثل ذلك، كما نقله الإمام النووي وغيره؛ قال الإمام النووي في كتابه "الأذكار": [قال العلماءُ من المحدّثين والفقهاء وغيرهم: يجوز ويُستحبّ العمل في الفضائل والترغيب والترهيب بالحديث الضعيف ما لم يكن موضوعًا].
وقال في "التقريب والتيسير لمعرفة سنن البشير النذير في أصول الحديث": [ويجوز عند أهل الحديث وغيرهم التساهل في الأسانيد ورواية ما سوى الموضوع من الضعيف والعمل به من غير بيان ضعفه في غير صفات الله تعالى، والأحكام؛ كالحلال والحرام وغيرهما، وذلك كالقصص، وفضائل الأعمال، والمواعظ، وغيرها مما لا تعلق له بالعقائد والأحكام، والله أعلم].
وقال العلامة ابن حجر الهيتمي في "الفتاوى الفقهية الكبرى": [تقرَّر أنَّ الحديثَ الضعيف والمرسل والمنقطع والمعضل والموقوف يعمل بها في فضائل الأعمال إجماعًا، ولا شكَّ أن صوم رجب من فضائل الأعمال فيُكْتَفَى فيه بالأحاديث الضعيفة ونحوها، ولا يُنْكِر ذلك إلا جاهل مغرور].
وحتَّى لو لمْ يرد في الباب هذه النصوص الضعيفة فإنَّ النصوص الصحيحة الأخرى العامَّة التي تُرَغِّب في الصيام التطوعي مطلقًا تكفي في إثبات المشروعيَّة؛ إذ إن القاعدة عندهم أنَّ العام يبقى على عمومه، والمطلق يجري على إطلاقه حتى يأتي مُخَصِّص أو مُقَيّد. انظر: "البحر المحيط" للعلامة الزركشي، و"التلويح على التوضيح" للعلامة التفتازاني .
ومن هذه النصوص الصحيحة: ما رواه الإمام البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، إِلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَلَخَلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ».
وما رواه الإمام أحمد عن صدقة الدمشقي أن رجلًا جاء إلى ابن عباس رضي الله عنهما يسأله عن الصيام، فقال: كان رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يقول: «إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ الصِّيَامِ صِيَامَ أَخِي دَاوُدَ؛ كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا».
أفضل العبادات في شهر رجب
يعتبر شهر رجب فرصة عظيمة للتقرب إلى الله بالطاعات مثل الصلاة، والقيام، والدعاء، والذكر، والصدقة، والعمرة، كما أن الأعمال الصالحة لها أجر عظيم وتتضاعف، قال الله تعالى: "إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ.." (التوبة: 36).
من أهم الأعمال التي يستحب القيام بها في شهر رجب هي الصيام، حيث ورد في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: "في الجنة قصر لصوام رجب". وبحسب فتوى لدار الإفتاء، فإنه يجوز صيام شهر رجب سواء في أوله أو آخره، ويعد ذلك من الأعمال المستحبة التي يثاب عليها المسلم.
وفي الحديث روى ابن أبي حاتم عن قتادة قال: "إن الظلم في الشهر الحرام أعظم خطيئة ووزرًا من الظلم فيما سواه".
كما يستحب قراءة القرآن وزيادة التلاوة اليومية، والاكثار من الذكر والاستغفار، كونه غذاء الروح، كما يُستحب الإكثار من قول "سبحان الله وبحمده" و"أستغفر الله"والإكثار من الصدقة.
كما يُستحب في شهر رجب أن يكثر المسلم من التوبة والاستغفار حيث تعتبر فرصة للتطهر من الذنوب والاستعداد لاستقبال شعبان ورمضان بروح نقية.

