نجدة الطفل: غياب التربية وتقاعس المدارس وراء تفاقم ظاهرة العنف بين الأطفال
حذر صبري عثمان، مدير الإدارة العامة لخط نجدة الطفل، من خطورة التراجع الملحوظ في الدور التربوي داخل الأسرة والمدرسة على حد سواء، محملاً الطرفين المسؤولية المباشرة عن تزايد وقائع العنف والتنمر بين الأطفال في السنوات الأخيرة.
وأكد عثمان، خلال مداخلة عبر "سكايب" ببرنامج مساء DMC مع الإعلامي أسامة كمال، أن هذه الظواهر لم تعد مجرد سلوكيات فردية معزولة، بل تحولت إلى مشكلة اجتماعية تستوجب معالجة جذرية.
غياب دور الأسرة واستقالة تربوية مبكرة
وأوضح عثمان أن جزءاً كبيراً من الأزمة يعود إلى تخلي عدد من الأسر عن دورها الأساسي في التربية، والاكتفاء بتوفير الاحتياجات المادية أو الاعتماد شبه الكامل على المدارس في الجانب التربوي.
وأشار إلى أن انشغال الوالدين لساعات طويلة وغياب المتابعة اليومية لسلوكيات الأبناء جعل الأطفال فريسة مباشرة للأجهزة الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي، التي تشكل، في كثير من الأحيان، بيئة خصبة لسلوكيات عدوانية وتنمر واحترام أقل للحدود والقواعد.
ولفت إلى أن كثيراً من الأسر لم تعد تمتلك الوقت أو الوعي الكافي لإدارة المحتوى الذي يصل إلى الأطفال، ما يجعلهم عرضة لتبني سلوكيات لا تتناسب مع أعمارهم أو قيم المجتمع، مشدداً على أن التربية ليست مسؤولية يمكن التنازل عنها أو تفويض طرف آخر بها.
المدرسة مسؤولية غائبة واهتمام شكلي
وانتقل مدير خط نجدة الطفل إلى دور المؤسسات التعليمية، مؤكداً أن المدارس حكومية كانت أو دولية لا تقوم بالمتابعة السلوكية المطلوبة للطلاب بالشكل الكافي.
وقال إن التركيز ينصب غالباً على التحصيل الدراسي والمظهر الانضباطي العام، بينما يتم تجاهل الجوانب النفسية والشخصية للطلاب، رغم كونها أحد أهم عوامل الوقاية من العنف.
وأضاف عثمان أن المقابلات الشخصية للالتحاق بالمدارس أصبحت مجرد إجراء شكلي لا يعكس متابعة حقيقية للطالب خلال العام الدراسي، محذراً من أن المدارس مطالبة بدور تربوي، لا تعليمي فقط، يشمل مراقبة التفاعلات بين الطلاب وتوجيههم والسعي لحل المشكلات في بدايتها قبل أن تتفاقم.
الكشف النفسي للعاملين ضرورة وليس رفاهية
وشدد عثمان على ضرورة فرض كشف نفسي دوري على جميع العاملين في المؤسسات التعليمية، بدءاً من القيادات والمعلمين وحتى العمال والسائقين، لضمان أهليتهم للتعامل اليومي مع الأطفال.
وأشار إلى أن عدداً من الحوادث التي أثارت جدلاً مؤخراً من بينها حادث مدرسة المعادي ـ كانت لتتجنب لو كان هناك نظام رقابي صارم يعتمد على الفحص والمتابعة النفسية المستمرة للعاملين.
وأكد أن التعامل مع الأطفال يحتاج إلى أشخاص يتمتعون بالسلامة النفسية والاستقرار الانفعالي، وأن أي خلل في هذا الجانب يمكن أن يؤدي إلى عواقب خطيرة.
دعوة لتفعيل الرقابة الوزارية على المدارس
وفي ختام حديثه، دعا عثمان إلى ضرورة تفعيل القرارات الوزارية المتعلقة بتراخيص المدارس والرقابة على تطبيقها، مطالباً وزارة التربية والتعليم بتشديد الرقابة على جميع المدارس الخاصة والدولية والحكومية لضمان التزامها بمعايير الأمان النفسي والسلوكي للطلاب.
وشدد على أن وجود لوائح صارمة دون تنفيذ فعلي يجعلها بلا قيمة، وأن حماية الأطفال لا تتحقق إلا ببيئة تعليمية آمنة، تعتمد على المتابعة الحقيقية وليس الإجراءات الورقية.