السيسي يوجه رسائل سياسية عبر مواقع تاريخية خلال زيارات الرؤساء

ارتبط اسم الرئيس عبد الفتاح السيسي، بالعديد من الأحداث الفارقة، ومن أميز تلك الأحداث هي زيارات الرؤساء الغير اعتيادية إلى مصر والتي ربطتها الرئاسة المصرية بأماكن ذات دلالة ومعنى.
ويأتي اختيار الرئيس السيسي لأماكن استضافة زعماء العالم، لحكمة سياسية، تدعم موقف مصر العالمي، من الناحيتين الأمنية والسياحية، بشكل قد لا يفكر فيه أي شخص آخر، وهو ما ينبئ عن أن مؤسسة الرئاسة تعمل بشكل علمي مدروس للاستفادة من كل شاردة وواردة وعدم ترك شيء للظروف.
إيمانويل ماكرون
استقبل الرئيس السيسي اليوم نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، وحرص الرئيس على أن يأخذ ماكرون في زيارة فريدة من نوعها، ذات مغزى ودلالة لكل ذي عقل وصاحب تأمل، حيث جاءت الرسالة واضحة، فقد اصطحب الرئيس السيسي ضيفه إلى مسقط رأسه، وإلى قلب الحي الذي نشأ فيه، إلى قلب القاهرة التاريخية، حيث الأصول والعراقة والمنشأ، وكأن الرئيس يؤكد على المعنى الخفي وهو أن الانتماء الأول لمصر.
ثم كانت الرسالة الثانية، حيث اتسمت الزيارة بالبساطة، فالرئيسين على قدميهما وبدون كرافات، ويتلقيان السلام والسيلفي من المواطنين، في رسالة واضحة أن مصر هي بلد الأمان، ففي نفس اللحظة الشعب الفرنسي كله يشاهد هذه اللقطات، ومصر التي يظن الفرنسيون أن طبول الحرب تدق أبوابها، ها هو رئيسهم يتجول بين حاراتها وأزقتها في منتهى الأمان بصحبة رأس الدولة المصرية.

انجيلا ميركل
وتلك ليست هي المرة الأولى التي يستقبل فيها الرئيس السيسي نظرائه بأماكن سياحية أو أثرية، ففي عام 2017 استقبل الرئيس السيسي المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وهي سيدة صلبة لا تعترف سوى بالإتقان ولا يبهرها شئ سوى عظمة الصنعة ومهارة الصانع كما هو كل ألماني، فلم يكن هناك أفضل من اختيار أعظم معجزة هندسية في العالم وهي الأهرامات، وبالفعل كان اللقاء تحت سفح الأهرامات، وكان الانبهار واضحًا جليًا على وجه السيدة التي ترك الزمن على وجهها بصماته ورغم ذلك بدت سعادتها واحترامها وإجلالها لهذا الماضي واضحة، وهو ما انعكس على نظرتها للمصريين، حيث وصلت الرسالة كاملة وكيف أن مصر قادرة.

وقد رأينا من بعد تلك الزيارة تعاون تام وكامل بين مصر وألمانيا في العديد من الملفات الصناعية وخصيصًا العسكرية حيث اكتملت العديد من بنود الترسانة البحرية المصرية من الصناعة الألمانية، وهو الأمر الذي كانت تطمح له القيادة السياسية وهو تنويع مصادر التسليح وهو ما تحقق لها بشكل كبير.
فلاديمير بوتين
وإذا ما عدنا أكثر إلى الماضي وتحديدًا عام 2015 حيث كانت زيارة رئيس روسيا إلى مصر، والتي حرص فيها الرئيس السيسي على أن يكون بطل المشهد هو برج القاهرة، حيث قال محلّلون إن اختيار الرئاسة لبرج القاهرة، مكاناً لوليمة عشاء احتفاءً بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في زيارته لمصر، جاء كرسالة مشفرة من مصر لواشنطن، تشير فيها إلى أن القاهرة ترفض التبعية في سياستها الخارجية، حيث «برج القاهرة» كان رمزاً لواقعة شهيرة، فقد تم بناؤه بأموال رشوة حاولت المخابرات الأميركية تقديمها لعبدالناصر، لتغيير سياساته ومواقفه الوطنية في الخمسينات والستينات.

وقد علق على تلك الزيارة في وقتها المؤرخ والكاتب الصحفي، الأستاذ محمد الشافعي، قائلًا: إن إقامة المأدبة التي ضمت السيسي وبوتين في برج الجزيرة، هو إشارة إلى أن القرار السياسي المصري ليس مرتهنًا بقوة واشنطن، فها هما الرئيسان المصري والروسي يلتقيان في المكان نفسه، الذي مثل تحدياً لسياسة الهيمنة الأميركية في المنطقة، وأقام عبدالناصر برج الجزيرة ليمثل (خازوقاً) –حسب تعبير الأستاذ محمد الشافعي- ضد التسلط الأجنبي، وشاهدًا ونصبًا تذكاريًا على استقلال مصر ورفضها للاختراق، فالرئيس السيسي لم يأت ببوتين إلى برج الجزيرة كي يرى معالم القاهرة، فقد كان يمكن أن يشاهدها الضيف الروسي من أي مكان آخر، ولكن ليقول له وعبره إن مصر تتعامل بندية مع أي طرف في العالم وليست تابعًا.