رغم انخفاض واردات القمح.. كيف نجحت مصر في تعزيز الإنتاج المحلي؟
يشير التراجع الملحوظ في واردات مصر من القمح خلال العام الجاري إلى تحول مهم في مسار الأمن الغذائي، وفق ما أكده حسين عبدالرحمن أبو صدام، نقيب الفلاحين والخبير الزراعي، في تصريح خاص لـ«نيوز رووم»، فقد سجلت واردات القمح انخفاضا تجاوز 22% خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وهو ما اعتبره «أبو صدام» دلالة واضحة على نجاح جهود الدولة في زيادة الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الاستيراد، هذا الانخفاض، بحسب تقديره، يعكس تحسنًا ملموسًا في السياسات الزراعية ويؤكد أن مصر تسير بخطى ثابتة نحو تعزيز قدرة الإنتاج الوطني وتخفيف الضغط على العملة الصعبة.

دعم الفلاحين وتشجيعهم
ويرجع «أبو صدام» هذا التراجع بشكل أساسي إلى السياسات التي تبنتها الحكومة في دعم الفلاحين وتشجيعهم على التوسع في زراعة القمح، فقد نجحت الدولة الموسم الماضي في شراء نحو 4 ملايين طن من القمح المحلي بعد إعلان سعر مجزٍ قبل بدء موسم الزراعة، حيث بلغ سعر أردب القمح عالي الجودة لموسم 2024/2025 نحو 2200 جنيه، هذا القرار رفع من ثقة المزارعين وشجعهم على زيادة المساحات المزروعة، مما أدى إلى ارتفاع كميات القمح الموردة للحكومة.
وضع سعر واضح
وأكد نقيب الفلاحين أن وضع سعر واضح قبل موسم الزراعة كان خطوة حاسمة رفعت من التزام المزارعين وأعطتهم حافزا اقتصاديًا قويا.كما لفت «أبو صدام» إلى أن الحكومة عملت بالتوازي على تحسين كفاءة الإنتاج من خلال توفير أصناف تقاوي عالية الإنتاجية وتوزيعها بأسعار مناسبة، ما ساهم في رفع إنتاجية الفدان من 18 إلى نحو 24 أردبا، كذلك تم اتخاذ إجراءات للحد من الفاقد خلال مراحل الزراعة والحصاد عبر تشجيع استخدام المعدات الحديثة وتحسين منظومة الإرشاد الزراعي، بما في ذلك توعية المزارعين بالمواعيد المثلى للزراعة والتركيب المحصولي المناسب لكل محافظة، هذه الجهود، وفقا له، رفعت من كفاءة الإنتاج المحلي بشكل غير مسبوق خلال السنوات الماضية.
أهمية تطوير منظومة التخزين
وأشار نقيب الفلاحين إلى أهمية تطوير منظومة التخزين في الحد من خسائر القمح، حيث ساهمت الصوامع الحديثة في تقليل الفاقد الذي كان يصل إلى 15% في الشون الترابية القديمة، فضلًا عن الحد من التلاعب في كميات القمح المخزنة، التطور في البنية التحتية للتخزين كان عاملاً رئيسيًا في الحفاظ على جودة القمح المحلي وضمان وصوله إلى مطاحن الدولة دون فقد أو تلاعب، مما ضاعف من الاستفادة المحققة من الإنتاج المحلي.

تراجع واردات القمح للسنوات المقبلة
ويتوقع «أبو صدام» استمرار تراجع واردات القمح خلال السنوات المقبلة في ظل رفع سعر توريد أردب القمح لموسم 2025/2026 إلى 2350 جنيهًا، وهو ما سيساهم في زيادة المساحات المزروعة التي قد تتجاوز 3.5 مليون فدان، ومع بدء موسم الزراعة بين منتصف نوفمبر ونهاية ديسمبر، يتوقع أن يشهد الموسم القادم مستويات إنتاج أعلى، ما يقرب مصر تدريجيًا من هدفها في تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح خلال الأعوام المقبلة.