“معلّش”… كلمة صغيرة، بريئة، من النوع اللي ممكن تحطه في جيبك ومتاخدش بالك إنه موجود. زمان كانت بتتقال علشان نهوّن على بعض، نطبطب، نقول للقدّامنا: خلاص يا عم… خيرها في غيرها.
لكن للأسف، مع مرور الزمن، الكلمة دي اتخطفت واتشوّهت. بقت زي العصير المعلّب اللي شكله حلو على العبوة… وطعمه من جوّه لا هو مانجا ولا هو تفاح… هو حاجة وخلاص!
المشهد الأول: حادثة “الرفرف البريء”
تخيّل نفسك ماشي في أمان الله، الجو لطيف، ومشغّل أغنيتك المفضلة. فجأة عربية تطلعلك من حيث لا تحتسب—كأنها إعلان مفاجئ في فيديو يوتيوب—وتخبطك خبطة تحسسك إن العربية نفسها بتقولك “هوّنك يا كبير”.
ينزل صاحب العربية، يبص لك بابتسامة واثقة ويقول:
“معلّش يا باشا… غصب عني.”
غصب عنك؟
طب والرفرف اللي واقع… ده برضه غصب؟
ولا ده جزء من العرض؟
المشهد الثاني: “الدخول من الشباك”
واقف في طابور بقالك 3 ساعات… وده طابور مصري أصيل: زحمة، وزعيق، وريحه أكل مش معروف مصدره.
وفجأة واحد “معرفة” يدخل قدامك بمنتهى اللطف ويقول:
“استحملني يا راجل… معلّش.”
ولما تبص للناس اللي وراك مستني دعم شعبي… تلاقيهم بيبتسموا ويهزّوا راسهم:
“معلّششش يا بيه… ما تكبّرش الموضوع.”
وبكده يتحوّل حقك اللي اتاخد لقصّة ظريفة لازم تعدّيها… ومعاها كوب عصير “معلّش” بطعم الإحباط.
معلّش… بين العشم والاستهبال
الكلمة الجميلة دي اتطوّر دورها. كانت زمان مواساة. بقت دلوقتي أسلوب حياة.
وفي نوعين من مستخدميها:
1. اللي يغلط فيك… ويرمي “معلّش” كأنها مطفّاية حريق.
ولا اعتذار… ولا حتى محاولة يفهم غلطه.
2. واللي يستناك أنت تقول “معلّش” علشان “أنت الكبير”.
وكأن الكِبر ده عقوبة مش صفة كويسة!
الكلمة بقت بين العشم—اللي هو نيّة كويسة—وبين الاستهبال، اللي هو… لأ، مش نيّة كويسة خالص.
طيب… نعمل إيه؟
الحل مش محتاج فلاسفة:
١) لما نغلط… نصلّح اللي اتكسّر وبعدين نقول “معلّش”.
مش نرميها ترميم مجاني!
٢) لما نيجي على حد… نعتذر بجد الأول.
اعتذار واضح… قبل العصير.
٣) نرجّع “معلّش” لدورها الطبيعي: كلمة لطيفة مش بديل عن الأخلاق.
الخلاصة
“معلّش” كلمة ذنبها الوحيد إننا استخدمناها غلط.
حطّوها في مكانها… خلوها كلمة تطيّب الخاطر مش تكسر الحقوق.
لأن بصراحة… لما “معلّش” بقت الحل السحري لكل مصيبة، اتحوّلت فعلاً لـ عصير بطعم مش مفهوم… وأقرب للـ”مرارة” من أي حاجة تانية!