عاجل

حرب تجارية وتحديات في الأفق.. أزمة اقتصادية في أمريكا بسبب قرارات ترامب

 شهد الأسبوع الماضي
شهد الأسبوع الماضي إعلان ترامب ما يشبه حرب تجارية عالمية

تشهد الولايات المتحدة الأمريكية في الآونة الأخيرة تحولاً دراماتيكياً في مشهدها السياسي والاقتصادي، إذ تعيش فترة من عدم اليقين والارتباك تحت إدارة الرئيس دونالد ترامب. فمن القرارات السياسية المثيرة للجدل إلى السياسات التجارية غير التقليدية، تتسارع الأحداث في ظل أجواء مشحونة بالاستقطاب الداخلي والضغوط الخارجية. 
وبينما يسعى ترامب لتعزيز نفوذه داخلياً على حساب اقتصادات الشركاء التجاريين، يواجه الشعب الأمريكي تحديات غير مسبوقة قد تقودهم إلى مرحلة جديدة من الانقسام السياسي والاجتماعي.
وفي ضوء ذلك، ذكرت صحيفة "الجارديان" البريطانية أنه منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض وجد الأمريكيون أنفسهم وسط دوامة من الأحداث المتسارعة، حيث أعادت قراراته التنفيذية صياغة المشهد السياسي والاجتماعي في البلاد. حيث يتزايد شعور عام بأن الولايات المتحدة تتجه تدريجيًا نحو السلطوية.
وفي خضم هذا السياق المقلق، شهد الأسبوع الماضي تطورًا لافتًا تمثل في إعلان ترامب لما يشبه حرب تجارية عالمية، عبر فرض رسوم جمركية قاسية على أبرز شركاء أمريكا التجاريين. هذه الخطوة أدت إلى اهتزاز الأسواق العالمية، بما فيها "وول ستريت"، التي طالما كانت مقياسًا لنجاحات ترامب الاقتصادية، وقد تبخرت مئات المليارات من الدولارات من قيمة الأسهم، ما أشعل موجة من الذعر المالي.

ترقب حذر

يشير تقرير "الجارديان" إلى أن الترقب يسود أوساط المستثمرين مع اقتراب يوم الاثنين، وسط مخاوف حقيقية من استمرار التراجع ودخول الاقتصاد الأمريكي في مرحلة ركود. ونقل عن محللي بنك "جي بي مورجان" توقعهم لاحتمالية حدوث ركود عالمي إلى 60%، في وقتٍ يستعد فيه المواطن الأمريكي لاحتمال عودة التضخم، وهو العامل ذاته الذي ساهم في تقويض شعبية الرئيس السابق جو بايدن.
وكشفت الصحيفة البريطانية أن ترامب لم يظهر أي تأثر بتداعيات قراراته على الأسواق أو بحدة الانتقادات الدولية وحتى الداخلية من حزبه الجمهوري، فقد أكد في تصريحات مثيرة للجدل أن "الآن وقت رائع لجني الأموال"، مضيفًا أن "الصين ارتكبت خطأً كبيرًا وأصيبت بالذعر".
كما أبرزت الموقف الكندي، حيث أعلن رئيس الوزراء مارك كارني مجموعة من الإجراءات المضادة، مشيرًا إلى أن الخطوات الأمريكية تُهدد 80 عامًا من التبادل الحر الذي قادته واشنطن.
أما بريطانيا، فلوّحت بالرد، إذ قال رئيس الوزراء كير ستارمر إن لا شيء "مستبعد" في ظل دخول العالم "عصرًا جديدًا" من السياسة الاقتصادية. بينما يتبنى ترامب رؤيته الاقتصادية القائمة على إعادة بعث الصناعات الأمريكية من خلال الضغط على الشركات للعودة من الخارج. 


غير واقعي

بحسب صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، مع أن أغلب الاقتصاديين يعتبرون ذلك أمرًا غير واقعي، فإن ترامب مضى في قراره الذي اتخذه، قبل ثلاث ساعات فقط من الإعلان عنه رسميًا من حديقة الورود في البيت الأبيض.
وكان الحدث بمثابة عرض مدروس بعناية، حضره عدد من أعضاء حكومته وعمال قطاعات صناعية تضررت على مدار عقود بسبب المنافسة الأجنبية. وألقى ترامب خطابًا صور فيه نفسه منقذًا للاقتصاد الأمريكي القديم، مؤكدًا أن دافعي الضرائب تعرضوا للاستغلال لأكثر من 50 عامًا "لكن هذا لن يحدث مجددًا"، حسب تعبيره.
كما تحدث نائبه، جي دي فانس، قائلا إنهم شاهدوا إغلاق المصانع وارتفاع التضخم وتكلفة سكن مرتفعة، وأن "الرئيس ترامب يقود الاقتصاد في اتجاه جديد ومختلف". غير أن الحماس الأمريكي لم يُقابل بالمثل من قبل الشركاء التجاريين، فقد ردت الصين برسوم انتقامية بلغت 34%، واصفة الخطوة الأمريكية بالمواجهة الاقتصادية.
وتشير "الجارديان" إلى أن رد الفعل على هذه القرارات قد لا يكون محدودًا كما يظن ترامب، فقد أعلن الاتحاد الأوروبي عن دراسة تنفيذ تدابير مضادة، في وقتٍ اعتبرت فيه الجارديان أن تلك الخطوات ربما تضع أمريكا في مواجهة مع العديد من دول العالم بشكل غير مسبوق.
وتمثل سياسات ترامب الاقتصادية خاصةً فيما يتعلق بالحروب التجارية والرسوم الجمركية، خطوة جذرية قد تكون لها تداعيات طويلة الأمد على الاقتصاد الأمريكي والعالمي.
وفي الوقت الذي يتوقع فيه البعض أن هذه الخطوات قد تسهم في تعزيز القوة الاقتصادية الداخلية، يرى آخرون أنها قد تؤدي إلى ركود اقتصادي عالمي، وبينما تواصل الأسواق المالية تقلباتها، يبقى المشهد السياسي في الولايات المتحدة ملبداً بالغموض، ولا يمكن الجزم بما ستؤول إليه الأمور في الأيام المقبلة.

تم نسخ الرابط