عاجل

إطلاق العنان لثروات الغاز شرق المتوسط.. التقارب بين مصر وتركيا يمهد الطريق؟

موقع غاز
موقع غاز

كانت زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى تركيا في الرابع من سبتمبر بمثابة نقطة تحول في العلاقات المتوترة التي استمرت عقدًا من الزمان بين القاهرة وأنقرة. 

يأتي هذا الذوبان الدبلوماسي في أعقاب زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى مصر في فبراير، مما يشير إلى تحول عملي نحو التعاون بعد سنوات من التوترات بشأن جماعة الإخوان المسلمين وليبيا والنزاعات البحرية في شرق البحر الأبيض المتوسط.

في حين لم يعيق الخلاف السياسي بشكل كبير العلاقات الاقتصادية، فإن كلا البلدين حريصان الآن على الارتقاء بشراكتهما، مع ظهور الطاقة كمجال رئيسي للتعاون. 

لكن، وفقا لتحليل المجلس الأطلسي، هل سيعمل هذا المصالحة على إطلاق العنان للإمكانات الكاملة لموارد الغاز الطبيعي الهائلة في المنطقة؟

استراتيجيات متنافسة ومصالح متباينة

لطالما أدى اكتشاف احتياطيات كبيرة من الغاز الطبيعي في شرق البحر الأبيض المتوسط ​​إلى تأجيج المنافسة بين مصر وتركيا. لقد تنافست الدولتان، اللتان تتمتعان بأكبر الأسواق وأكثر البنى التحتية تطوراً في المنطقة، على أن تصبحا مركز العبور الرئيسي لصادرات الغاز.

استخراج الغاز
استخراج الغاز

وقعت مصر، بالتحالف مع اليونان وقبرص، اتفاقيات ترسيم حدودها البحرية على أساس مبدأ الخط المتوسط. ومع ذلك، زعمت تركيا أن الجزر لا ينبغي أن تتمتع بنفس الحقوق البحرية التي تتمتع بها الدول القارية، مما أدى إلى عزلة دبلوماسية.

في الوقت نفسه، تبنت تركيا موقفًا من خلال عرقلة أنشطة الاستكشاف الأجنبية التي اعتبرتها استفزازية وتكثيف استثماراتها في البنية التحتية للغاز الطبيعي. كما وسعت قدرتها على إعادة التغويز خمسة أضعاف منذ عام 2020، مما وضع تركيا كمركز محتمل للغاز في جنوب شرق أوروبا.

 الآن، وفي خضم الديناميكيات الإقليمية المتغيرة، قد يعيد التقارب بين القاهرة وأنقرة تعريف المشهد الطاقي.

المجالات الرئيسية للتعاون المحتمل في مجال الطاقة

على الرغم من التنافس المستمر، فإن المصالحة بين مصر وتركيا تفتح الباب أمام التعاون المستهدف في مجال الطاقة في العديد من المجالات الرئيسية:

1. صادرات الغاز الطبيعي المسال المصري إلى تركيا

أصبحت تركيا سوقًا مهمة للغاز الطبيعي المسال المصري في السنوات الأخيرة. ومع ذلك، فإن انخفاض إنتاج مصر من الغاز حول البلاد إلى مستورد صافٍ للغاز. انخفضت صادرات الغاز الطبيعي المسال، التي بلغت ذروتها عند 7.14 مليون طن في عام 2022، إلى 3.32 مليون طن في عام 2023.

بينما قد تظل مصر ترسل شحنات صغيرة من الغاز الطبيعي المسال إلى تركيا، فإن الصادرات الكبيرة ستعتمد على تأمين إمدادات غاز إضافية، إما من خلال الاكتشافات المحلية أو زيادة الواردات من إسرائيل، وربما قبرص.

من المتوقع أن ترتفع شحنات الغاز الإسرائيلي إلى مصر على مدى السنوات القليلة المقبلة، في حين قد تتجسد المساهمات القبرصية بحلول عام 2028. ومع ذلك، في الأمد القريب إلى المتوسط، يظل دور مصر كمورد رئيسي لتركيا غير مؤكد.

2. شراكات استكشاف الهيدروكربون

مع قيام مصر بإجراء جولات عطاءات بحرية بانتظام، قد تستكشف الشركات التركية فرص دخول قطاع الطاقة المصري. طورت شركة الطاقة المملوكة للدولة التركية، TPAO، أسطولاً هائلاً من الاستكشاف البحري، على الرغم من أن مشاريعها في شرق البحر الأبيض المتوسط ​​لم تسفر بعد عن اكتشافات كبيرة.

3. التعامل مع النزاعات الحدودية البحرية

بينما تظل القاهرة وأنقرة ملتزمتين بخفض التصعيد، فمن غير المرجح أن يتم حل خلافاتهما الحدودية البحرية قريبًا. وتتمسك تركيا بموقفها ضد المبادئ التي تستخدمها مصر واليونان وقبرص لترسيم الحدود. ومع ذلك، أظهرت مصر نهجًا حذرًا، وتجنبت الاستفزازات حتى في ذروة التوترات.

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان

على سبيل المثال، وقعت مصر اتفاقية حدود جزئية فقط مع اليونان في عام 2020، مستبعدة المناطق المثيرة للجدل. بالإضافة إلى ذلك، عدلت القاهرة مناطق الاستكشاف البحرية الخاصة بها لاستيعاب المخاوف اليونانية، مما يشير إلى توازنها بين اليونان وتركيا. 

ومع تقدم المشاركات الدبلوماسية، ستكون قدرة مصر على الحفاظ على هذا التوازن أمرًا بالغ الأهمية في تجنب النزاعات الجديدة.

4. موقف تركيا في منتدى غاز شرق المتوسط

إن البنية التحتية الواسعة التي تمتلكها تركيا وإمكاناتها السوقية قد تعزز جهود تسييل الغاز الإقليمية. ومع ذلك، يظل انضمام أنقرة إلى منتدى غاز شرق المتوسط ​​غير محتمل، نظراً لرفضها الاعتراف بجمهورية قبرص وصراعها المستمر على الحدود البحرية. 

في حين قد يعزز المصالحة مع مصر التنسيق غير المباشر، فإن التكامل التركي الكامل في المنتدى يتطلب تحولاً جوهرياً في نهجها في السياسة الخارجية ــ وهو أمر غير مرجح في المستقبل القريب.

تم نسخ الرابط