الرؤيا والحلم.. ما الفرق بينهما؟.. وهل يؤخذ بهما فى الحياة اليومية؟

يتساءل العديد من المسلمين عن الفرق بين الرؤيا والحلم وهل يمكن الاعتماد عليهما في اتخاذ قرارات حياتية هامة، خاصة في ظل ما قد يمر به الإنسان من رؤى تبدو لها دلالات معينة أو إشارات. ولإجابة هذا السؤال، أجمع العلماء على تفرقة واضحة بين الرؤيا الصادقة والحلم المزعج.
وأوضحت دار الإفتاء وعلماء الأزهر آراءهم بشكل دقيق حول هذا الموضوع، بالإضافة إلى الفروق الشرعية والشرط الذي يجب أن يتوفر لتفسير الرؤى.
تعريف الرؤيا والحلم:
• الرؤيا الصادقة:
تعتبر الرؤيا من الله سبحانه وتعالى، وهي حلم يُرى في المنام ويتسم غالبًا بالوضوح والصدق، وقد تتضمن بشرى أو إنذارًا، وهي جزئية من أجزاء النبوة، كما ورد في الحديث النبوي الشريف:
“الرؤيا الصادقة جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة” [رواه البخاري]، وتُعد رؤيا المؤمن رسالة إلهية لطمأنته أو تحذيره.
• الحلم:
أما الحلم فيعتبر من الشيطان أو ناتجًا عن الأفكار المكبوتة في العقل الباطن، وغالبًا ما يكون غير منطقي أو مقلق، ويُستحب للمسلم أن يتعوذ من الشيطان إذا رأى حلمًا مزعجًا، كما جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“إذا رأى أحدكم ما يكره فليتفل عن يساره ثلاثًا وليتعوذ بالله من الشيطان” [رواه البخاري].
الفرق بين الرؤيا والحلم من منظور العلماء:
1. الإمام ابن القيم:
قال في كتابه التفسير إن الرؤيا الصادقة هي منحة إلهية وتعد أحد أشكال التوجيه الرباني. بينما الحلم يُعد مجرد وساوس من الشيطان أو أثر الانشغال النفسي.
2. الإمام النووي:
أوضح في شرحه لصحيح مسلم أن الرؤيا يمكن أن تكون بشارة أو تنبيهًا للمسلم، ويشترط أن تكون واضحة ولها دلالة، بينما الحلم يعتبر غير موثوق إذا كان مجرد أفكار غير منتظمة.
3. ابن سيرين:
فقيه تفسير الأحلام، يعتبر أن الرؤيا الصادقة جزء من النبوة، لكن أضغاث الأحلام (وهي أحلام غير واضحة) تحدث بسبب الشيطان أو النفس.
هل يُؤخذ بالرؤيا في اتخاذ القرارات؟
الرؤيا الصادقة يمكن أن تكون مؤشرًا أو بشارة من الله عز وجل، لكنها لا تُعد حلاً أو مرشدًا في اتخاذ قرارات حياتية مصيرية، فالأخذ بها لا يجوز في حالة الأمور التي تحتاج إلى تقويم عقلاني أو استشارة دينية. فكما ورد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم:
“إنما الأعمال بالنيات” [رواه البخاري]، فإن النية والتفكير المستنير يجب أن يكون لهما الأولوية على الأحلام والرؤى.
متى يُؤخذ بالرؤيا؟
• يمكن الاستئناس بالرؤيا إذا كانت واضحة ولا تحتوي على رموز غامضة أو غير مفهومة.
• يجب ألا تكون الرؤيا في الأمور الشرعية أو المستقبلية القاطعة، مثل الزواج أو العمل، بل هي فقط للتوجيه أو التطمين.
• الرؤيا التي تتضمن شرًا أو غضبًا من الله يجب أن تُتَفادى، ويُنصح بتجنب تصديق أو التأويلات السلبية.
الفتاوى الحديثة:
قال الدكتور علي جمعة، مفتي الديار السابق:
“الرؤيا الصادقة قد تكون بشرى من الله أو تحذيرًا، لكن يجب على المسلم أن يلتزم بحسن التوكل على الله، ولا يعتمد على الرؤى في اتخاذ قرارات هامة، بل يجب أن يستعين بالعقل والتخطيط”.
وأشار أيضًا إلى أنه في حال كانت الرؤيا مطمئنة وصحيحة، يمكن الاستفادة منها كنوع من التوجيه الروحي، لكن لا يجوز الاعتماد عليها في مسائل الحياة اليومية أو اتخاذ قرارات مصيرية.
وبناءا على ذلك:
• الرؤيا هي ما يراه المؤمن في منامه وتكون مصدراً للطمأنينة أو التحذير، وقد تصلح كإشارة من الله، لكن لا تُعتمد في اتخاذ قرارات حياتية أو شرعية.
• الحلم لا يُؤخذ به لأنه من الشيطان أو مجرد تأثيرات نفسية.
• لا يُسمح بالاعتماد على الأحلام أو الرؤى في الأمور المصيرية، ويجب أن تكون القرارات مبنية على العقل والدين.
• الرؤيا لا تُعد مصدرًا شرعيًا أو قانونيًا، بل هي مجرد تلميح قد يكون فيه خير إذا توافق مع الشريعة والعقل.