عاجل

دار الإفتاء: عقوق الآباء للأبناء أمر مرفوض شرعًا وأخلاقيًا

عقوق الاباء للابناء
عقوق الاباء للابناء

 

في الوقت الذي اعتاد فيه المجتمع الحديث عن عقوق الأبناء تجاه آبائهم، بدأت تتزايد الأصوات المطالبة بالانتباه إلى جانب آخر من المعادلة، وهو عقوق الآباء للأبناء، والذي يتجسد في صور متعددة، منها الإهمال، القسوة الزائدة، التفرقة بين الأبناء، أو استخدام العنف اللفظي والجسدي، ما فتح باب النقاش حول الحدود الشرعية لسلوك الوالدين، وحقوق الأبناء في الشريعة الإسلامية.

وكانت دار الإفتاء  قد تفاعلت مع هذه التساؤلات، مؤكدة أن عقوق الآباء للأبناء أمر مرفوض شرعًا وأخلاقيًا، وأن للأبناء حقوقًا واجبة على الآباء تمامًا كما أن للآباء حقوقًا على أبنائهم. وقالت الدار في بيان رسمي إن الإسلام لم يترك العلاقة الأُسرية دون ضوابط، بل نظمها في إطار من الرحمة والعدل والمودة.

وشددت الإفتاء على أن الأبوة مسؤولية وليست سلطة مطلقة، وأن التقصير في رعاية الأبناء قد يؤدي إلى أضرار نفسية وسلوكية تمتد إلى مراحل عمرية متقدمة، وأن الآباء مسؤولون أمام الله عن هذه الأمانة.

وفي السياق ذاته، دعا عدد من علماء الأزهر الشريف إلى فتح حوار مجتمعي حول الحقوق المتبادلة داخل الأسرة، مشيرين إلى أن تعزيز مفهوم “الأسرة المتوازنة” يتطلب تربية قائمة على المحبة لا القهر، والتفاهم لا التهديد.

صور عقوق الآباء للأبناء:


1. التمييز بين الأبناء في المعاملة أو العطاء، رغم نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك.
2. الإهمال التربوي والتعليمي، وترك الأبناء دون توجيه أو تربية سليمة.
3. العنف اللفظي أو الجسدي تجاه الأبناء، خاصة في الطفولة والمراهقة.
4. فرض قرارات مصيرية قهرية، مثل الزواج أو التعليم دون أخذ رأي الأبناء.
5. عدم مراعاة مشاعر الأبناء أو كرامتهم أمام الآخرين.
6. الدعاء على الأبناء، وهو أمر شديد الخطورة كما ورد في الأحاديث.

آراء العلماء:

 

1. الإمام ابن القيم:
قال في كتابه تحفة المودود بأحكام المولود: “ومما ينبغي أن يُعلَم أن الطفل أمانة عند والديه، وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة ساذجة، فإن عوّده الخير نشأ عليه وسعد في الدنيا والآخرة، وإن عوّده الشر وأهمله شقي وهلك”.

2. الإمام النووي:
أكد في شرحه لصحيح مسلم أن العدل بين الأبناء واجب، مستدلًا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم:
“اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم”، عندما رفض أن يشهد على هبة رجل لولده دون إخوته.

3. الشيخ الشعراوي:
قال: “إذا كنت أبًا صالحًا، فأنت مسؤول عن تربية أبنائك قبل أن تحاسبهم، لأنك أنت من غرست أو أهملت الغرس”.

أدلة شرعية من القرآن والسنة:
• قول الله تعالى:
“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا”
[التحريم: 6]
والآية تدل على وجوب رعاية الأبناء دينيًا ونفسيًا وتربويًا.
• حديث النبي صلى الله عليه وسلم:
“كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته، والرجل راعٍ في أهله ومسؤول عن رعيته”
[رواه البخاري ومسلم]
وهذا يؤكد أن الآباء مسؤولون أمام الله عن حال أبنائهم.
• وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“إن الله سائلٌ كل راعٍ عمّا استرعاه، أحفظ أم ضيع؟ حتى يسأل الرجل عن أهل بيته”
[رواه النسائي وأحمد]
ما يدل على أن التقصير في تربية الأبناء محاسَب عليه شرعًا.

تم نسخ الرابط