بعد إنقاذ 13 فتاة من الغرق بالإسماعيلية.. قصة مصرع عامل من المنوفية
لم يكن حسن أحمد، ابن محافظة المنوفية، يعلم أن يومه الأخير في الدنيا سيبدأ كما يبدأ كل صباح.. عامل يومية بسيط، يسافر إلى الإسماعيلية بحثًا عن قوت أسرته، يحمل همّ بناته الثلاث، ويعود آخر النهار منهكًا لكنه راضٍ، يقول دائمًا: «الستر من عند ربنا.. وأنا راضى بما قسمه».
في ذلك اليوم، وأثناء عمله على جانب الطريق بمحافظة الإسماعيلية، فوجئ حسن وزملاؤه بميكروباص ينحرف فجأة عن مساره، قبل أن يسقط في أحد المصارف نتيجة خلل مفاجئ في إحدى العجلات.
المشهد كان مرعبًا… السيارة تغوص سريعًا، والصرخات تتعالى من الداخل، والفتيات محاصرات بالماء والزجاج.
لم يتردد حسن لحظة. جرى نحو الميكروباص بكل ما فيه من قوة، تبعه زملاؤه، وبدءوا في محاولة فتح الأبواب قبل أن تمتلئ المياه أكثر.
ضرب الباب بكتفه، ثم بقدميه، حتى انفتح، مد يده لفتاة تبكي، سحبها، ثم الثانية، ثم الثالثة… لم يحسب عدد من أنقذ، ولم يفكر إلا في شيء واحد: «الحقوهم قبل ما يغرقوا».
خلال دقائق استطاع حسن أن ينقذ 13 فتاة من موت محقق. كان يقف على حافة الحفرة، والماء يقترب من قدميه، لكنه لم يكن يعرف السباحة. وعندما حاول مساعدة فتاة أخرى علقت ملابسها بالمقعد، اختلّ توازنه وسقط داخل المصرف.
حاول زملاؤه الإمساك به، لكن المياه سحبته سريعًا… وكأن القدر اختاره في اللحظة نفسها التي منح فيها الحياة لغيره.
في اليوم التالي فقط، كان من المفترض أن يحتفل بعيد ميلاده. لكن بدلًا من الزينة والتهانى، كان بيته في المنوفية يستقبل المعزّين.
تقول والدته، وهي تمسك بصورته بيد مرتجفة:
«ابني طول عمره شهم.. قلبه أبيض وما يحبش يشوف حد محتاج ويسكت. ربنا اختاره في عمل شرفه قدام الدنيا كلها».
وتضيف زوجته، والدموع لا تفارق وجهها:
«كان كل يوم يقوللي البنات لازم أسيب لهم مستقبل آمن.. وراح وهو بيحمي بنات غيره. ده قدره.. بس فخورة إنه مات راجل».
أما شقيقه فيقول:
«حسن ما كانش بيدوّر على بطولة.. ده تصرف طبيعي منه. ربنا كتبلُه يمشي بعمل خير يشهد له طول العمر