حكم أخذ الأجرة على تعليم بعض العبادات.. دار الإفتاء توضح

أثارت مسألة أخذ الأجرة على تعليم العبادات في الآونة الأخيرة اهتمامًا كبيرًا بين المسلمين، خاصة في ظل زيادة عدد من يطلبون تعلم العبادات مثل الصلاة، الصوم، الزكاة، والحج، سواء في المساجد أو من خلال دروس خاصة. السؤال المحوري الذي يطرحه البعض هو: هل يجوز أخذ أجر مادي مقابل تعليم هذه العبادات؟
دار الإفتاء قدمت ردًا قاطعًا في فتوى رسمية، أكدت فيه أن أخذ الأجرة على تعليم العبادات جائز شرعًا، بشرط أن يكون الهدف من تعليم العبادات هو نفع الناس وإرشادهم إلى ما يرضي الله. وأضافت الدار أن الأجرة التي تُدفع مقابل التعليم لا تكون على العبادة نفسها، بل على الجهد المبذول في تعليم الناس كيفية أداء العبادات بشكل صحيح.
وأوضحت الإفتاء أنه لا يوجد في الشريعة ما يمنع أخذ الأجرة على تعليم العبادات إذا كانت النية طيبة، وكانت الأجرة معقولة ولا تفسد النية. فعلى سبيل المثال، إذا قام شخص بتعليم آخر كيفية أداء الصلاة أو الصوم أو كيفية إخراج الزكاة، فإن أخذ الأجر لا يعد محرمًا طالما أن الهدف ليس تجاريًا وإنما تعليميًا دينيًا.
وأضاف الدكتور شوقي علام المفتي السابق: أن تعليم العبادات ليس عملًا تجاريًا بل هو نوع من النصيحة الدينية، مؤكداً أن التعليم هو من أهم الوسائل التي يستخدمها المسلمون لتعزيز تقواهم وزيادة فهمهم لأمور دينهم. وأوضح أن الأجر يُعد مكافأة مقابل الجهد المبذول في تعليم الأشخاص كيفية أداء هذه العبادات بشكل صحيح، سواء كانت فردية أو جماعية.
آراء العلماء حول أخذ الأجرة على تعليم العبادات:
1. رأي الإمام الشافعي:
الإمام الشافعي في “الكتاب” أشار إلى أن أخذ الأجرة على تعليم الناس العبادات جائز، لكن من المهم أن تكون النية خالصة لله، ولا يجب أن يُنظر إلى الأجرة على أنها مقابل العبادة نفسها بل مقابل الجهد المبذول.
2. رأي الإمام ابن تيمية:
الإمام ابن تيمية يرى أن تعليم العلم الشرعي بشكل عام جائز مقابل الأجر، وخصوصًا العلوم التي تتعلق بالعبادات. إلا أنه حذر من أن النية يجب أن تكون خالصة وأن لا تكون الأجرة هي الدافع الأساسي وراء التعليم. وأضاف أن الشرط الأهم هو أن يُعلم المسلم بطريقة صحيحة بعيدًا عن أي تلاعب أو استغلال للدين.
الضوابط الشرعية لأخذ الأجرة على تعليم العبادات:
1. النية الصافية: يجب أن تكون نية المعلم خالصة لله تعالى، وأن الهدف من التعليم هو مساعدة الناس على فهم دينهم وليس جمع المال.
2. الأجر المعقول: يجب أن يكون الأجر المتفق عليه مناسبًا للجهد المبذول في التعليم ولا يؤدي إلى المغالاة أو التلاعب.
3. الابتعاد عن الاستغلال: يجب أن لا يتحول تعليم العبادات إلى تجارة، بل يجب أن يُشعر المتعلم بأن المعلم يتقاضى أجرًا مقابل التعليم الشرعي النزيه.
4. الشفافية: يجب أن يكون هناك اتفاق واضح بين المعلم والمتعلم على الأجر قبل بدء الدروس أو جلسات التعليم، لضمان عدم حدوث أي لبس أو سوء فهم.
5. التعليم الصحيح: يجب أن يلتزم المعلم بتعليم العبادات بالطريقة الصحيحة وفقًا لما ورد في القرآن والسنة، مع تجنب البدع أو التحريف في فهم العبادات