كولومبيا تشتعل من جديد..اشتباكات عنيفة تعيد شبح الحرب الأهلية

تشهد كولومبيا منذ منتصف يناير الجاري، مواجهات دامية بين جيش التحرير الوطني (ELN) ومنشقين عن قوات فارك، من أجل السيطرة على الأراضي الواقعة على الحدود مع فنزويلا.
تصاعد العنف والتداعيات الإنسانية
تشهد كولومبيا، منذ 16 يناير 2025، موجة من الاشتباكات العنيفة التي أسفرت عن أكثر من 100 قتيل وعشرات الجرحى، إضافة إلى نزوح عشرات الآلاف من المدنيين. وفقا لما أفادت به قناة "فرانس24".
وهذه المواجهات تدور بين جماعة ELN والمنشقين عن قوات فارك، وهما جماعتان تتنافسان على زراعة الكوكا في منطقة كاتاتومبو، التي تقع على الحدود مع فنزويلا، وهذه المعارك تذكر بكوابيس الحرب الأهلية التي استمرت ستة عقود في البلاد.
وتعتبر منطقة كاتاتومبو ذات أهمية استراتيجية بسبب موقعها على الحدود مع فنزويلا وكونها مركزًا رئيسيًا لزراعة الكوكا، فهذه المنطقة تعتبر نقطة توتر رئيسية لتهريب المخدرات والأسلحة، مما يجعلها هدفًا للجماعات المسلحة.
وتاريخيًا كان جيش التحرير الوطني هو المهيمن في هذه المنطقة، لكن غياب فارك بعد اتفاق السلام في 2016 خلق فراغًا تم ملؤه من قبل المنشقين عن فارك والجماعات الأخرى.
الأسباب المبدئية للاشتباكات
بدأت الاشتباكات بشكل دراماتيكي عندما شنَّت جماعة ELN هجومًا دمويًا ضد المنشقين عن فارك، الذين رفضوا اتفاق السلام المبرم في عام 2016 واحتفظوا بأسلحتهم، وكذلك ضد السكان المدنيين في منطقة كاتاتومبو، وكانت تلك الجماعات في البداية تحترم هدنة هشة وتشارك في مفاوضات سلام موازية مع الحكومة، ومع ذلك، فإن أسباب انهيار هذه الهدنة تبقى غامضة.
ويُحتمل أن يكون ضعف ELN في معقلها التاريخي في شمال شرق كولومبيا هو السبب الرئيسي لتصاعد الصراع، بينما أصبح المنشقين عن فارك أكثر قوة على الأرض، حيث كان هناك تهديدات ضد شخص يسمى "ريتشارد" الذي يُعتبر قائدًا للمنشقين عن فارك.
تداعيات النزاع
سقط أكثر من 100 قتيل في ثلاث مناطق في أقل من أسبوع، بما في ذلك أكثر من 80 في كاتاتومبو، كما تعرض العشرات للتهديدات والاختطاف، وأضافت السلطات أن الضحايا شملوا قادة محليين وأطفالًا ومدنيين اتُّهموا بالتعاون مع إحدى الجماعتين المتنازعتين.
الاستجابة الحكومية
أعلن رئيس كولومبيا، غوستافو بيترو، في 20 يناير، حالة الطوارئ الداخلية وحالة الطوارئ الاقتصادية في جميع أنحاء البلاد لمواجهة هذه الأزمة، كما تم نشر 5,000 جندي في منطقة نورتي دي سانتاندر، بما في ذلك 1,940 جنديًا في كاتاتومبو.
ومع ذلك، تم تقييد حالة الطوارئ لتشمل فقط منطقة كاتاتومبو، وتم إلغاء حالة الطوارئ الاقتصادية لتجنب أي تجاوزات في استخدام السلطة الرئاسية.
كما طلبت كولومبيا المساعدة من فنزويلا لمكافحة الجماعات المسلحة على الحدود، حيث ناقش الرئيس بيترو "خطة مشتركة" مع الحكومة الفنزويلية للتصدي لهذه التهديدات.
ولا تزال الأزمة خارج السيطرة رغم هذه الإجراءات، إذ يعتبر العديد من المحللين أن الحكومة الكولومبية قد تقلصت إلى دور إنساني فقط في هذه الأزمة، مما يعد ضربة كبيرة لاستراتيجية "السلام الشامل" التي تبناها الرئيس بيترو، والذي كان قد وعد بالتفاوض مع جميع الجماعات المسلحة.