بعد 13 عامًا من الحرب..هل تتمكن سوريا من التعافي اقتصاديًا؟

بعد مرور 13 عامًا على الحرب في سوريا، تعيش البلاد أزمة اقتصادية خانقة أثرت بشكل كبير على مختلف جوانب الحياة اليومية.
ورغم الدعوات المتزايدة لرفع العقوبات الدولية، يشترط الغرب الحصول على ضمانات من الحكومة الجديدة برئاسة أحمد الشرع، زعيم "هيئة تحرير الشام".
الوضع الاقتصادي العام
تواجه البلاد تحديات هائلة بعد تحرير سوريا من حكم عائلة الأسد، الذي دام لأكثر من 50 عامًا، فقد تركت الحرب سوريا في حالة مزرية، فيما يعيش اقتصادها حالة من الركود بسبب العقوبات المفروضة من الاتحاد الأوروبي منذ عام 2011، والتي تم تعزيزها في 2019 من خلال "قانون قيصر" الأمريكي.
وانخفض الناتج المحلي الإجمالي لسوريا بنسبة 54% بين عامي 2010 و 2021، ورغم نقص البيانات الحديثة، فإن الأرقام المتوفرة تؤكد الأوضاع الصعبة.
كما فقدت الليرة السورية 90% من قيمتها منذ عام 2011، وكانت عمليات بيع العملات الأجنبية تعرض أصحابها للسجن لمدة قد تصل إلى سبع سنوات، حيث كان النظام السابق يسيطر على تداول العملات الأجنبية لضمان استمراره، إذ كان مجرد نطق كلمة "دولار" قد يؤدي إلى السجن.
أزمة الطاقة
كانت سوريا في السابق أكبر مصدر للنفط في منطقة البحر الأبيض المتوسط، لكن الحرب أدت إلى تراجع الإنتاج بشكل كبير، حيث كانت البلاد تنتج حوالي 400,000 برميل من النفط يوميًا، في وقت كان معظم حقول النفط تحت سيطرة القوات الكردية في شمال شرق البلاد.
وتوقفت صادرات الوقود من إيران وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) إلى سوريا، منذ 8 ديسمبر 2024، مما تسبب في نقص حاد في الوقود، ورغم محاولات استئناف التوريدات عبر مفاوضات بدأت في منتصف يناير 2025، فإن الأمور ما زالت معقدة.
ومع غياب الوقود، يعاني السوريون من نقص حاد في الطاقة، وعلى الرغم من فرض آليات لتوزيع الوقود إلا أن الكميات المخصصة للمركبات كانت غير كافية، مما دفع العديد من أصحاب السيارات إلى التوجه إلى السوق السوداء، حيث استمرت عمليات التهريب عبر لبنان المجاور، ولا تزال تجارة الوقود المهرب منتشرة في الشوارع.
الفقر المدقع
ويعيش نحو 90% من السوريين تحت خط الفقر، فيما يحتاج أكثر من 16 مليون شخص إلى مساعدات إنسانية عاجلة.
وانعكس هذا الفقر الشديد على الحياة اليومية في سوريا، حيث انتشرت الأسواق الشعبية لبيع السلع مثل الخضروات والفواكه، بينما أصبحت المنتجات الأجنبية تباع علنًا بعد أن كانت تُهرب في السابق.
الاتجاه نحو رفع العقوبات الاقتصادية
وفي محاولة لإعادة إحياء الاقتصاد، كثفت الحكومة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع من دعواتها لرفع العقوبات الاقتصادية الدولية، كما أبدت المملكة العربية السعودية دعمها لجهود إعادة بناء سوريا.
وقال وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، إن "رفع العقوبات الاقتصادية هو المفتاح لاستقرار سوريا"، لافتا إلى أن الحكومة الجديدة ورثت دولة مدمرة نتيجة حكم الأسد، وأنه لا يوجد "نظام اقتصادي" حاليًا، لكنه يتوقع أن يشهد المستقبل انفتاحًا للاقتصاد السوري، إلا أن رفع العقوبات يبقى بعيد المنال في الوقت الحالي.
على الرغم من الأوضاع المأساوية التي تعيشها سوريا بسبب سنوات الحرب والعقوبات، فإن الحكومة الجديدة تعمل جاهدة لإعادة بناء الاقتصاد واستعادة الاستقرار، لكن التحديات الكبيرة تظل قائمة، إذ يحتاج الوضع إلى توافق دولي ودعم حقيقي لرفع العقوبات وتحقيق التعافي الاقتصادي.