"سأحمي الشركات البريطانية".. ستارمر يتعهد بمواجهة رسوم ترامب الجمركية

تعهد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر بـ "المساعدة في حماية الشركات البريطانية" من عاصفة الرسوم الجمركية الأمريكية، والسعي لوضع الأساس للتدخلات الحكومية لدعم الصناعات الأكثر تضررا؛ متعهدا بـ "بذل كل ما هو ضروري" للدفاع عن المصلحة الوطنية.
وفي مقال كتبه لصحيفة "ديلي تلجراف"، قال ستارمر إنه "سيواصل الدفاع عن التجارة الحرة والمفتوحة" على الرغم من تراجع أمريكا نحو سياسات الحماية الاقتصادية.
ويأتي تدخل رئيس الوزراء البريطاني بشأن التعريفات الجمركية الجديدة التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الوقت الذي أعلنت فيه شركة "جاجوار لاند روفر" -عملاق صناعة السيارات البريطانية- أنها ستوقف جميع الصادرات إلى الولايات المتحدة؛ بينما حذّر بنك "جي بي مورجان" من أن هناك الآن فرصة بنسبة 60% لحدوث ركود عالمي؛ كما خفض بنك "باركليز" توقعاته لنمو الاقتصاد البريطاني هذا العام من 0.7% إلى 0.5%.
ومن المقرر أن تعلن الحكومة البريطانية عن سلسلة من التدابير الطارئة هذا الأسبوع لدعم الشركات وتعزيز النمو ردا على الحرب التجارية التي يشنها الرئيس الأمريكي.

تخفيف عبء
فور إعلان الرئيس الأمريكي، الأربعاء، عن فرض ضرائب استيراد شاملة على الدول الأجنبية، بما في ذلك رسوم جمركية بنسبة 10% على السلع البريطانية، أثار ذلك ردود فعل انتقامية من عدد من الدول، وأكبر انخفاض في أسواق الأسهم البريطانية والأمريكية منذ الجائحة.
وكتب ستارمر في مقاله: "نحن على استعداد لاستخدام السياسة الصناعية لمساعدة الشركات البريطانية على الحماية من العاصفة. قد يشعر بعض الناس بعدم الارتياح حيال هذا الأمر، ففكرة أن الدولة يجب أن تتدخل بشكل مباشر لتشكيل السوق كانت محل سخرية في كثير من الأحيان".
وأضاف: "ولكننا لا نستطيع ببساطة أن نتمسك بالمشاعر القديمة في وقت يتغير فيه العالم بهذه السرعة."
وقد تشمل التدابير الحكومية البريطانية إصلاحات طارئة لتقليص البيروقراطية المحيطة باللوائح، فضلاً عن الإعفاءات الضريبية المستهدفة لمساعدة القطاعات المتعثرة. ومن المتوقع الإعلان عن التدخلات في هذا الأسبوع.
في الوقت الحالي، تستعد حكومة ستارمر لتقديم خطط تتعلق بالسيارات الكهربائية لتخفيف عبء صافي صفر الانبعاثات الحرارية على صناعة السيارات.
وستكون شركات الأغذية والمشروبات -وخاصة صناعة الويسكي الإسكتلندي- وكذلك منتجي المواد الكيميائية وشركات صناعة الصلب من بين الأكثر تضررا من الرسوم الجمركية.
وبالفعل، أعلنت شركة "جاجوار لاند روفر"، السبت، أنها ستوقف جميع شحناتها إلى الولايات المتحدة ردًا على الرسوم الجمركية البالغة 25% على جميع واردات السيارات التي فرضها ترامب. بينما تضم الشركة، التي تولد ما يقرب من ربع مبيعاتها في أمريكا، 38 ألف شخص في مصانع بالمملكة المتحدة.
ويأتي قرار شركة السيارات الكبرى وسط مخاوف أوسع نطاقا من أن الحرب التجارية العالمية التي أشعلها البيت الأبيض قد تتسبب في فقدان آلاف الوظائف في قطاع السيارات في المملكة المتحدة.
وتمثل السيارات أكبر صادرات المملكة المتحدة إلى أمريكا بشكل عام، حيث بلغت قيمة المبيعات 8.3 مليار جنيه إسترليني في الأرباع الثلاثة الأولى من العام الماضي؛ بينما يعمل في قطاع التصنيع ما يزيد عن 198 ألف شخص، كما يتم دعم نحو 813 ألف وظيفة في مختلف أنحاء القطاع الأوسع.
وتسعى الحكومة البريطانية إلى إجراء مفاوضات مع البيت الأبيض، وتأمل في تأمين اتفاق تجاري مع الولايات المتحدة يعفيها من الرسوم الجمركية الشاملة التي فرضها الرئيس الأمريكي.

تعزيز التنافسية
مساء السبت، أثار الملياردير إيلون ماسك، حليف الرئيس ترامب، الآمال في التوصل إلى حل، من خلال طرح فكرة إنشاء منطقة تجارة حرة عبر الأطلسي بدون رسوم جمركية بين أوروبا والولايات المتحدة.
لكن رئيس الوزراء البريطاني يرى أنه بغض النظر عن نتائج تلك المحادثات "فإن العالم قد تغير ولم يعد من الممكن اعتبار الافتراضات القديمة أمرا مسلما به". وقد بدأ في تسريع خطط الإصلاحات المحلية، وتعهد بإصلاح قوانين التخطيط وتنظيم الأعمال الخانقة في بريطانيا.
وكتب ستارمر: "هذا الأسبوع سوف نعمل على تعزيز الخطط التي من شأنها تحسين قدرتنا التنافسية المحلية، حتى نصبح أقل عرضة لهذا النوع من الصدمات العالمية".
وأكد أن حكومته ستبذل كل ما في وسعها لحماية المصالح الوطنية "فمع تغير الأوضاع الاقتصادية العالمية، لن ينصب تركيزنا على خدمة مصالح بريطانيا".
ويصر ستارمر على أن "كل الخيارات تظل مطروحة على الطاولة"، وحذر من أن المملكة المتحدة سترتكب "خطأ فادحا" إذا أدارت ظهرها للتجارة الحرة، في الوقت الذي يستعد فيه الاتحاد الأوروبي والصين لفرض رسوم جمركية مضادة على الولايات المتحدة.
لكن من المعتقد أنه يريد تجنب الإجراءات الانتقامية التي من شأنها أن تلحق المزيد من الضرر بالأعمال التجارية البريطانية، كما أشارت "التليجراف".
وبدلاً من ذلك، يقول إنه يسعى بنشاط إلى إقامة علاقات اقتصادية أعمق مع البلدان في مختلف أنحاء العالم لوضع بريطانيا في مكانة البطل العالمي للتجارة الحرة.
ويضيف: "إن الدبلوماسية الرشيقة تؤدي إلى اقتصاد أقوى وأكثر تنوعًا وأمانًا هنا في الداخل. كما فعلت أمتنا في مجال الدفاع والأمن، يتعين علينا أن نرتقي إلى مستوى اللحظة فيما يتعلق بالتجارة والاقتصاد".

الركود
قال بنك "جي بي مورجان"، أكبر بنك في الولايات المتحدة، إن احتمالات حدوث ركود عالمي بلغت الآن 60%، في الوقت الذي مزق فيه توقعاته للنمو في الولايات المتحدة.
كما حذر بنك "باركليز" من أن بريطانيا سوف تعاني من ضربة أكبر من المتوقع وأن التعريفات الجمركية قد تضيف عبئا يصل إلى 0.4% على نمو الناتج المحلي الإجمالي في المملكة المتحدة هذا العام.
وسوف تعمل هذه التحذيرات على تقليل احتمال قيام بريطانيا بالرد بفرض رسوم جمركية خاصة بها، على الرغم من قيام داونينج ستريت (رئاسة الوزراء) بإعداد قائمة مكونة من 417 صفحة من السلع الأمريكية التي تستعد لفرض ضرائب على استيرادها، بما في ذلك "الويسكي بوربون" ودراجات "هارلي ديفيدسون" النارية.
كما تحدث ستارمر مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، السبت، وقال مكتبه إن الرجلين "اتفقا على أن الحرب التجارية ليست في مصلحة أحد".
وجاءت هذه الدعوة في الوقت الذي انشقّت فيه إسبانيا عن فرنسا وألمانيا، وحثّت الاتحاد الأوروبي على محاكاة موقف بريطانيا والامتناع عن فرض رسوم جمركية انتقامية. وحذر وزير التجارة الإسباني كارلوس كويربو بروكسل من أن "زيادة الرسوم الجمركية والحمائية هي سباق خاسر للجميع".