مجزرة المسعفين في رفح.. الجيش الإسرائيلي يتراجع عن كذبته الأولى

تراجع الجيش الإسرائيلي عن روايته الأولى لحادث المسعفين في رفح بعد مقطع فيديو نشرته "يديعوت آحرونوت" الإسرائيلية، والذي يُظهر سيارات الإسعاف بأضواء طواريء وامضة، مما يكذب الرواية الإسرائيلية التي ادعت اقتراب السيارات بدون أضواء؛ الأمر الذي أدى إلى إطلاق النار على سيارات الإسعاف.
وفي رده على الفيديو، أقر الجيش الإسرائيلي بخطأ روايته الأولية لحادثة وقعت في رفح جنوب قطاع غزة الشهر الماضي، مشيرًا إلى أنه استند إلى شهادات جنود متورطين في الحادث ولكنه أصر على وجود عناصر من حماس وإبلاغ الأمم المتحدة بمكان الدفن.
وقع الحادث في مارس الماضي، إذ أطلق جنود الاحتلال النار على سيارات طوارئ فلسطينية، ما أسفر عن مقتل 14 أو 15 مسعفًا انتُشلت جثثهم لاحقًا من مقبرة جماعية.

رد الجيش الإسرائيلي
وفقًا لتقرير صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، تراجع الجيش الإسرائيلي عن النتائج الأولية لتحقيقه في الحادثة - والذي قال إنه لا يزال مستمرًا، وبالرغم من تكذيب النتائج الأولية بمطقع فيديو، إلا أنه أصر على أن ستة على الأقل من القتلى حُددت هويتهم بعد وفاتهم على أنهم عناصر من حماس، كما نفى التقارير التي تفيد بإعدام بعض المسعفين بطرق وحشية، وادعى بأن القوات لم تُحاول إخفاء الحادثة، بل أبلغت الأمم المتحدة بموقع القبر.
وبعد الكشف عن الحادثة، أفاد الجيش الإسرئيلي إن السيارات كانت بدون مصابيح أمامية أو أضواء طوارئ، وكانت تفتقر إلى التنسيق، ووصلت إلى موقع الحادث بعد وقت قصير من وصول مجموعة من عناصر حماس. وبناءً على ذلك، مما أثار شكوك الجنود الذين أطلقوا النار على السيارات.
ومع ذلك، نشرت صحيفة “نيويورك تايمز”، السبت مقطع فيديو يُظهر بوضوح أن سيارات الطوارئ كانت تحمل علامات واضحة وأن أضواء الطوارئ كانت مضاءة، فيما صرح مسؤولون في الأمم المتحدة بمقتل 15 مسعفًا بنيران إسرائيلية، بينما ذكر جيش الاحتلال إن 14 شخصًا قُتلوا ونجا شخص واحد.
كما اتهم الفلسطينيون القوات الإسرائيلية بمحاولة التستر على الحادث بدفن الجثث في مقبرة جماعية. كما ظهرت مزاعم بأن بعض الجثث كانت مقيدة الأيدي ويبدو أنها قُتلت بالرصاص من مسافة قريبة.
وعقب نشر الفيديو الذي يكذب الرواية الإسرائيلية، أعلن الجيش أن قائد المنطقة الجنوبية، اللواء يانيف آسور، سيعيد التحقيق في الحادث. وسيتم تقديم النتائج الكاملة إلى رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، الفريق إيال زامير.

قتلة "جولاني"
وفقًا لنتائج تحقيق الجيش الإسرائيلي، بدأ الحادث في 23 مارس، وسط استئناف القتال في غزة، وهجوم جديد على حي تل السلطان في رفح. إذ نصب جنود اللواء جولاني، التابعون للواء المدرع الرابع عشر، كمينًا على طريق في تل السلطان حوالي الساعة الرابعة فجرًا. وفي ذلك الوقت، أفاد الجيش الإسرائيلي، بمرور عدة سيارات إسعاف ومدنيين دون وقوع حوادث.
وفي حوالي الساعة الرابعة والنصف فجرًا، مرت سيارات تابعة لشرطة حماس عبر المنطقة، وتبادل جنود جولاني إطلاق النار مع العناصر بداخلها، مما أسفر عن مقتل أحدهم وأسر اثنين آخرين، وفقًا لرواية الجيش الإسرائيلي. فيما بقيت سيارة تابعة لحماس على جانب الطريق.
وفي حوالي الساعة السادسة صباحًا، وصلت قافلة من سيارات الإسعاف إلى المنطقة، وأطلق جنود جنود الاحتلال النار عليها، معتبرين إياها تهديدًا. وأبلغ مشغلو طائرات بدون طيار كانوا يحلقون فوق المنطقة جنود جولاني بأن السيارات كانت تتحرك نحوهم بطريقة مريبة.
وأفاد التحقيق الأولي أن الجنود فوجئوا بتوقف القافلة على الطريق، بجوار مركبة حماس المهجورة، وبقفز عدد من "المشتبه بهم" منها وهروبهم. وقيل إن الجنود لم يكونوا على علم بأن المشتبه بهم كانوا في الواقع مسعفين عزل.
وأقر الجيش الإسرائيلي بأنه بناءًا على الفيديو، فإن بيانه الأولي الذي زعم فيه إطفاء أضواء سيارات الإسعاف بدا غير صحيح، مشيرًا إلى أنه استند إلى شهادات جنود متورطين في الحادث. وينظر التحقيق الحالي في هذا التناقض.
وأضاف الجيش أيضًا أن مسؤولي الاستخبارات حددوا هوية ست جثث على الأقل على أنها تابعة لحماس. ومن المتوقع أن يُفصل الجيش أسماء هؤلاء العناصر الستة بمجرد انتهاء التحقيق.

مكان الدفن
رفض الجيش الإسرائيلي الأقاويل التي تفيد بأن الجنود دفنوا الجثث في مقبرة جماعية مجهولة دون إبلاغ أحد. وكان الدكتور يونس الخطيب، رئيس الهلال الأحمر الفلسطيني، قد صرح يوم الجمعة بأن عمال الإغاثة "استُهدفوا من مسافة قريبة جدًا"، وأن إسرائيل "أبقتنا في جهلٍ تام لمدة ثمانية أيام" بشأن مكان الجثث.
ووفقًا للتحقيق الأولي للجيش، قام نائب قائد كتيبة في لواء جولاني وجنوده بجمع الجثث في مكان واحد، وغطوها بالرمل، ووضعوا علامةً على مكان الدفن. وأكد الجيش أن دفن الجثث بهذه الطريقة ممارسةٌ معتمدة ومعتادة خلال القتال في غزة، لمنع الكلاب البرية وغيرها من الحيوانات من أكل الجثث.
وأفاد الجيش الإسرائيلي بأنه تم إخطار الأمم المتحدة على الفور بمكان الدفن، وطلب منها الحضور لجمع الجثث. إلا أنه في اليوم التالي، لم تتمكن الأمم المتحدة من العثور على الموقع، ولم تكن القوات مُتاحةً للمساعدة لانشغالها بمهمةٍ أخرى.
وخلص التحقيق العسكري الأولي إلى أنه تم استدعاء الأمم المتحدة بعد عدة أيام لجمع الجثث، وتم انتشال الجثث في النهاية بالتنسيق مع الجيش الإسرائيلي.